- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
من سيوفر ملجأ حقيقياً لمسلمي الروهينجا اليائسين؟
(مترجم)
الخبر:
في الرابع من حزيران/يونيو، جرف قارب يحمل 81 لاجئاً من الروهينجا، بينهم 49 امرأة و11 طفلاً، على شواطئ جزيرة إيدامان، قبالة ساحل مقاطعة أتشيه الإندونيسية، بعد أن انجرف لأكثر من 100 يوم في البحر. وتوفي تسعة على متن القارب خلال رحلته الخطرة. لقد غادر مسلمو الروهينجا اليائسون مخيمات اللاجئين المكتظة والقذرة والمليئة بالأمراض في بنغلادش بحثاً عن حياة أفضل في بلد مجاور. ومع ذلك، فقد مُنعوا من دخول الهند وماليزيا والعودة إلى بنغلادش. بعد الوصول إلى الجزيرة الإندونيسية، أفيد أيضاً أن الشرطة المحلية حثت اللاجئين على العودة إلى قاربهم ومغادرة المياه الإندونيسية، لكنهم رفضوا. وهم ينتظرون الآن قرار السلطات الإندونيسية لتقرير مصيرهم، فيما إذا كان بإمكانهم البقاء أو إعادتهم إلى البحر. حتى لو حصلوا على إذن بدخول البلاد، فلن يُسمح لهم بالعمل أو الاستقرار بشكل دائم وفقاً للسياسات والقوانين القومية اللاإنسانية التي ينفذها النظام الإندونيسي.
التعليق:
في هذه الأثناء، وفي الأول من حزيران/يونيو، تعرض مسلمو الروهينجا في جزيرة باسان شار المهجورة التي نقلهم إليها نظامُ بنغلادش من مخيم كوكس بازار للاجئين، تعرضوا للضرب على أيدي شرطة بنغلادش أثناء محاولتهم الاحتجاج على ظروفهم المعيشية المروعة أمام مسؤولي الأمم المتحدة خلال زيارة المستوطنة. وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بيان إنها تلقت تقارير عن وقوع إصابات خلال الحدث، من بينهم نساء وأطفال.
باسان هي جزيرة طينية معرضة للأعاصير والفيضانات في خليج البنغال حيث يعيش اللاجئون الروهينجا في ظروف شبيهة بالسجن مع إمكانية الوصول إلى المواد الغذائية الأساسية فقط التي لا تشمل الخضروات أو اللحوم أو الأسماك، وبدون إمكانية الوصول إلى العمل أو المرافق مثل المدارس المناسبة وتوفير الرعاية الصحية.
نقلت سلطات بنغلادش بالفعل 18000 من الروهينجا إلى الجزيرة من مخيمات اللاجئين في البر الرئيسي، من أصل 100000 مخطط لها، مع وعود بأنهم سيكونون قادرين على العمل والزراعة والصيد في موقعهم الجديد الذي تبين أنه كذبة مطلقة. يمكن تقدير حجم ظروفها الفظيعة من خلال حقيقة أن سكان الجزيرة قد وصفوا الحالة الضيقة والقذرة لمخيم كوكس بازار للاجئين في البر الرئيسي لبنغلادش، وهو موطن لحوالي مليون لاجئ من الروهينجا، بأنه أفضل ألف مرة من باسان شار. تم إلقاء القبض على العديد من اللاجئين وضربهم لمحاولتهم مغادرة الجزيرة، بما في ذلك النساء والأطفال، كما وردت أنباء عن التعذيب والانتهاكات على أيدي القوات البنغالية في الجزيرة. وفقا لهيومن رايتس ووتش، تمت معاقبة الأطفال لمجرد خروجهم من المناطق المخصصة لهم. وفي نيسان/أبريل من هذا العام، على سبيل المثال، أفيد أن بحاراً من بنغلادش ضرب 4 أطفال من الروهينجا بأنبوب بلاستيكي لأنهم تركوا أماكنهم للعب مع الأطفال اللاجئين في منطقة أخرى.
إن معاناة وبؤس ويأس مسلمي الروهينجا لا هوادة فيها. لم يتم تصنيفهم على أنهم عديمو الجنسية فحسب لأنهم حُرموا من الجنسية في ميانمار، وهي الأرض التي كانوا يعيشون فيها هم وعائلاتهم منذ أجيال، ولكن لا توجد أرض اليوم حيث يمكنهم التمتع بحياة كريمة محمية؛ لا أرض مستعدة أن تقدم لهم ملاذاً كريماً؛ لا أرض حيث يمكنهم الاتصال بالمنزل. هؤلاء هم المسلمون الذين عانوا بالفعل من أفظع الجرائم التي لا توصف كضحايا للإبادة الجماعية، وهو ما وصفته الأمم المتحدة بأنه "نموذج مثالي للتطهير العرقي". ومع ذلك، وبدلاً من الترحيب بهم باعتبارهم إخوتهم وأخواتهم المسلمين ومنحهم مكاناً آمناً للعيش والازدهار كما أمر الله تعالى، فإن هذه الأنظمة عديمة الإنسانية القائمة في بلاد المسلمين، تعتبرهم بمثابة عبء على اقتصادهم ومطاردة هؤلاء المسلمين الروهينجا اليائسين من شواطئهم، ووضعهم في معسكرات الموت، أو حرمانهم من الحقوق الأساسية، على الرغم من أن الرسول ﷺ قال بوضوح: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ».
اليوم، في ظل غياب نظام الخالق؛ الخلافة على منهاج النبوة، وصي ودرع المؤمنين ومسلمي الروهينجا وغيرهم من المسلمين الفارين من الإبادة الجماعية والاضطهاد كما في سوريا وتركستان الشرقية، تواجه احتمال عيش حياة بائسة دائمة تحت شعار "وضع اللاجئ"، مرفوضاً من الأراضي التي يبحثون فيها عن ملاذ، وبدون منزل حقيقي يمكن أن يشعروا فيه بالرعاية والأمان. أما الخلافة فهي دولة تنبذ القومية وترفضها، فقد قال النبي ﷺ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ دَعَا إِلَى عَصَبِيَّةٍ وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ قَاتَلَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ مَاتَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ». بدلاً من ذلك، ستوفر حقوق التابعية المتساوية لأولئك الذين يرغبون في العيش تحت حكمها، بغض النظر عن المعتقد الديني أو العرق أو الإثنية، كما يوجب الإسلام الترحيب بأولئك الذين يطلبون اللجوء داخل أراضيها، ومعاقبة أولئك الذين يسيئون معاملتهم، وتوحيد وإيجاد الانسجام بين مختلف الشعوب في مجتمعه من خلال سياسته الداخلية الإسلامية التي هي مثال للإنسانية. ولهذا ليس من المستغرب أن يكتب الكاتب البريطاني إتش جي ويلز عن الخلافة: "لقد أسسوا تقاليد عظيمة من التسامح العادل. إنها تلهم الناس بروح الكرم والتسامح، وهي إنسانية وعملية. لقد أنشأوا مجتمعاً إنسانياً كان من النادر رؤية القسوة والظلم الاجتماعي فيه، على عكس أي مجتمع جاء قبله". بعد أن فهمنا كل هذا، أليست إقامة هذه الدولة حاجة ملحة في عصرنا؟
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. نسرين نوّاز
مديرة القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير