- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
ثعالب الكفر تتسابق لنهش بلاد الحرمين
والخلافة الراشدة وحدها من يردعهم
الخبر:
"سمو ولي العهد يصل أرض الوطن" (وكالة الأنباء السعودية 2018/04/13)
التعليق:
شهدت الجولات الأخيرة توقيع أو اتفاق لتوقيع صفقات بمبلغ يصل 722.5 مليار دولار، (2.5 ملياراً مع إسبانيا (روسيا اليوم 2018/04/12)، و20 ملياراً مع فرنسا (العربية 2018/04/11) و100 مليار مع بريطانيا (العربية 2018/03/07)، ومع أمريكا في الزيارة والشهور التي قبلها حوالي 600 مليار (سبق 2018/03/26)).
إن كل متابع ذي بصيرة يدرك أن مسمى صفقات واستثمارات، وبخاصة صفقات الأسلحة، ليست إلا غطاء شفافا لستر عورة إهدائهم هذه الأموال قربانا، وهذا ما تجسد عمليا في قول ترامب الفج "السعودية بلد ثري جدا وستعطي الولايات المتحدة بعضا من هذه الثروة كما نأمل في شكل وظائف ومعدات عسكرية". (روسيا اليوم 2018/03/20)، فالغرب الكافر لمّا يرَ يوما سوى مصلحته ولن يأبه يوما بمصالحنا، ﴿قدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ﴾، فها هم يتكالبون لنهب أموالنا ونهش بلادنا لإنقاذ اقتصاداتهم المتهالكة على حسابنا مستغلين تبعية الحكومة وسذاجة رؤوسها واستعدادهم لتنفيذ أي شيء مقابل تثبيت كراسيهم...
إن الاستثمارات الأجنبية على فرض صحة ذلك، محرمة في شرع الله، فالاستثمار بمعناه جعل المال نفسه ينتج ربحا محرماً لأنه ربا، ولو قصدوا به استغلال المال بمعنى تشغيله فإنه وإن كان في أصله حلالا إلا أن الثابت المحسوس أنه مع دول الكفر ليس إلا طريقاً لبسط نفوذهم على البلاد، ولا يماري فقيه أن الوسيلة لبسط نفوذ الكفار على بلاد المسلمين محرمة، وهذا مشاهد محسوس في الصفقات الأخيرة؛ حيث أجبرت الدولة على تغيير القوانين والتنازل عن المبادئ، فمثلا أُجبرت الحكومة على إعطاء شركات أمريكية عقود استثمار بملكية كاملة رغم أن القانون السعودي يمنع ذلك، كما أجبرت خارجيا على تغيير تصريحاتها حول السعودة، فاضطر ابن سلمان للتصريح أن نسب الأجانب ستزيد على خلاف ما يقال داخليا، وحتى المذهب الوهابي المنتشر في بلادنا اضطر لأن يتبرأ منه ويعزو سبب نشره لطلب الغرب وقفا للمد السوفييتي، كما بلغت بهم الوقاحة حد التدخل في ملابس نسائنا ويضطر ابن سلمان للإجابة أنه لا يوجد قانون يلزم المرأة بلباس معين وإنما فقط ملابس محتشمة كالرجل! ثم لم يقف الأمر عند هذا الحد بل شملت العقود الموقعة إنشاء دور سينما وأوبرا وأوركسترا، وناقشت المقابلات المنشورة كل شؤوننا كفهمنا للإسلام وعلاقتنا بكيان يهود المحتل، وواقع نسائنا، وثقافتنا وقيمنا، وكل ذلك موثق في المقابلات المقروءة والمرئية، فالأمر إذن تجاوز حد الاستثمارات، فالغرب لن يرضى فقط بحلب الأموال، بل يريدون أن يفرضوا علينا ثقافتهم وقوانينهم، حتى إنهم يريدون أن يفرضوا علينا رؤيتهم هم للإسلام وكأنهم هم أهله، بل حتى ملابس نسائنا يريدون أن يتدخلوا بها، فهل هذا استثمار أم استعمار؟!! وهل فكر مشايخ البلاد بهذا الأمر من ناحية شرعية قبل التصفيق له؟!
إن هذه التصرفات اللامسؤولة بأموالنا وبلادنا هي عينها ما عرّفه علماء الإسلام بالسفاهة في فقه قوله تعالى ﴿وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ﴾ [النساء: 5]، ونصوا أن السفيه يستحق الحجر على تصرفاته، جاء في كلام لابن باز على موقعه: "ولا شك أن من دعا الناس إلى ما يفسد مجتمعهم ويضرهم في دينهم ويوجب غضب الله عليهم ويسبب حلول النقم حقيق بأن يسمى سفيها،...، وإذا كان الله سبحانه قد سمى من لا يحسن التصرف في ماله سفيها ولو كان شيخا كبيرا فالذي لا يحسن التصرف في دينه ولا يقف عند الحد الذي حده الله له أولى بهذه التسمية وأحق بهذا اللقب" وقال "يحجر على السفيه لسفهه والصغير لصغره"، فهل تغير التعريف أم تغير الدين؟!
إنني أخشى أن ما يجري في بلادنا ليس إلا تجسيدا عمليا للمثل القرآني: ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾ [النحل: 112]، وإن ذلك يجب أن يجعلنا نوقن أكثر من أي وقت مضى أن لا منقذ لنا من غضب الله ومخالب الغرب الكافر سوى تلك الدولة العظيمة، دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي تمر بنا هذه الأيام ذكرى هدمها، ويجعلنا ندرك أكثر من أي وقت مضى مصيرية العمل لهذا الفرض العظيم...
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد بن إبراهيم – بلاد الحرمين الشريفين