- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
أين حرياتكم المزعومة؟
الخبر:
ولاية شمال الراين - وستفاليا تعتزم منع ارتداء الحجاب للفتيات دون سن الرابعة عشرة في المدارس. [DW]
التعليق:
لا يزال الحوار محتدما في أوساط الساسة وأصحاب النفوذ في دول الغرب حول حظر الحجاب وإكراه الفتيات المسلمات على نزعه بحجة أنهن غير قادرات على اتخاذ القرار الذاتي المتعلق بالتدين ورموزه. وفي كل مناسبة يعاد فتح الجدل في هذا الموضوع رغم معرفتهم بأنه لا سبيل لهم في منع الحجاب وقناعتهم بعجزهم. وفي هذه المرة أعيد فتح الموضوع والجدال فيه على مستوى سياسي عالٍ بسبب ازدياد أعداد الفتيات المتحجبات في المدارس بشكل لافت للنظر، رغم محاربتهم له ورغم المنع الذي حصل في مقاطعات أخرى أو على مستويات مختلفة كمنع المدرسات أو منع الموظفات الحكوميات أو السماح لأرباب العمل بفصل المحجبات من وظائفهن دون ملاحقة قانونية كما يفرض القانون في حالة الطرد التعسفي، وغير ذلك الكثير من الوسائل التي اتخدها الغرب لتنفيذ سياسته بالإكراه وذلك بعد أن أعلن إفلاسه عن إمكانية تغيير عقيدة المسلمين أو ثنيهم عن تمسكهم بدينهم.
نعم فشل الغرب قاطبة في حججه الواهية التي يدَّعيها للمحافظة على الحريات، في الوقت الذي يدوسها بأقدامه عمليا ويتجاوز حدودها فعليا بإكراه الناس على ما لا يرغبون، وإجبارهم على ما يكرهون وثنيهم بالقوة عن ممارسة حرياتهم الشخصية والدينية التي يكفلها دستورهم ويؤمِّنها مبدأ الحريات المزعوم.
عندما صرح وزير الداخلية الألماني الجديد هورست زيهوفر بأن الإسلام ليس جزءا من المجتمع الألماني، وضع الإسلام بعمومه موضع شبهة وعداوة يلزم التبرؤ منها علنا، فإنه خدم بذلك سياسة الكراهية التي ينتهجها اليمين الألماني "حزب البديل" مستغلا جهل الناس بالإسلام ومسخرا الإعلام لتشويه صورته. هذه السياسة لن يجني منها زيهوفر واليمين المتطرف إلا زيادة لفت النظر إلى هذا "البُعبُع" الذي يُرهب الساسة ويُعجز المفكرين رغم ضعف أصحابه.
بعض العقلاء ينبه هؤلاء المغرقين في حقدهم، إلى أن ردة الفعل ستكون قوية، وأن عاقبة أمرهم ستكون أكبر من أن يقدروا على مواجهتها، فالحوار الذي يجري بين القرناء والزملاء في المدارس يضع المبدأ موضع تساؤلات: أين هي الحرية إذا نحن أكرهنا هؤلاء الفتيات على نزع الحجاب المقدس عندهن؟ ألسنا نمارس الضغط والترهيب الذي نتهم أولياء الأمور به ظنا منا أنهم يكرهون بناتهم على ارتداء الحجاب؟ ماذا لو أن الفتاة مقتنعة فعلا بما تفعل، ولا يمارس عليها أي نوع من الضغط؟ بأي حق نكرهها على ذلك؟ ألم يضع الدستور في مادته الثانية أن الحريات مكفولة والناس سواسية؟ أسئلة سيحتار المعلمون والمعلمات في الإجابة عنها مما سيجعل التعاطف مع المُكرهات أقوى وربما يُحدث هذا ثورة فكرية تُضاعف عدد المقبلين على الإسلام عندما يصبح النقاش مفتوحا ومباشرا، بعيدا عن وسائل الإعلام المُضلِّلة.
المسألة مسألة ثقافية ومواجهة حضارية، لن تقدر حضارة الغرب الواهية عليها، فهم يريدون من خلال هذه السياسة إلزام الناس بكل أطيافهم وألوانهم ومعتقداتهم بنظرتهم السقيمة عن الحياة، يريدون من المسلمات أن لا يتميزن عن بقية النساء، ويكرهوهن على أن يندمجن في طريقة عيشهم التي تثير الفحشاء وتقبل بالرذيلة، وقد دلت الإحصاءات المتعلقة بالاعتداء على النساء والإثارة الجنسية وغيرها من الرذائل على تدهور المجتمع الذي ينادي بالحريات المطلقة، مما حمل البعض على توسيع دائرة البحث، ودفعهم إلى الدخول في الإسلام بعدما تبين لهم فراغ الرأسمالية وتعاسة مبدئها. وصدق الله سبحانه وتعالى فيهم حين قال: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾.
إن ما يسعى له الغرب من إكراه الفتيات على السفور وترك الحجاب، هو جريمة كبيرة، ما كان ليقبل عليها لولا ضعف المسلمين وهوانهم، وتواطؤ الأذناب الرويبضات حكام المسلمين، واستكانة علمائهم وخذلان ساستهم، ولن يستعيد للمسلمين قوتهم وعزهم وهيبتهم إلا الخلافة، ونحن ندعو كل غيور على أعراض المسلمين، وخاصة في هذه المناسبة السنوية الأليمة هذه الأيام، مناسبة هدم الخلافة على يد مجرم العصر مصطفى كمال، والتي أدت إلى ما نحن عليه الآن من ضعف وهوان على الناس، وازدراء لمعتقداتنا وإكراه لنا على الباطل، مشردين لا موطن لنا، ومهددين لا أمان علينا، ومستضعفين بلا سند، وأذلاء بلا عزة، ضاع كل هذا يوم فقدنا دولتنا التي كانت تجوب البحار وتغزو الآفاق ترهب عدو الله وعدونا، ولا يجرؤ نذل أو رذيل على التطاول على مسلم أو مسلمة شرق الأرض وغربها.
ها هي فتياتكم أيها المسلمون يستصرخنكم لتذبوا عن أعراضهن وتستروا عوراتهن، فكيف يطيب لكم عيش وهذا حالهن في بلاد الغرب، بل إن الحال في بلاد الإسلام ليس أفضل!!
فأين أنتم يا أصحاب الغيرة ويا أهل النخوة؟!
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
م. يوسف سلامة – ألمانيا