- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
رسائل علي عبد الله صالح من قبره
الخبر:
دفن الرئيس علي عبد الله صالح يوم السبت 2017/12/09م في قريته قرب صنعاء، تحت إجراءات أمنية مشددة وذلك حسب إفادة أحد أفراد عائلته، وقد حضر الجنازة أحد أبناء صالح، مدين، وابن شقيقه، ورئيس البرلمان اليمني يحيى علي الراعي، العضو في حزب الرئيس السابق، والقيادي الحوثي علي أبو الحكيم، حسب موقع عربي 21.
التعليق:
لقد ظل علي عبد الله صالح، في دهاليز الحكم والسياسة لأربعين سنة، وكانت تطلق الصحافة العربية عليه لقب الراقص على رؤوس الثعابين، (وكان يحب هذا اللقب)، بينما وصفه المسؤولون الأمريكيون بأنه شخص "غريب ونكدي"، في حين اختارت مجلة "ذا أتلانتيك" مؤخرًا وصفاً أكثر حداثة وسينمائية حين أطلقت عليه لقب "فرانك أندروود" الشرق الأوسط، نسبة لبطل المسلسل السياسي الأمريكي الشهير "هاوس أوف كاردز"، في إشارة لطرقه "الخبيثة والملتوية" لتعزيز سلطته عبر التلاعب بخصومه وحلفائه على حدٍّ سواء.
وقبل الانتقال إلى رسائل صالح، نمر سريعاً على سيرته السياسية، فقد تولى صالح السلطة بعد مقتل ثلاثة رؤساء لليمن الشمالي في سنة واحدة، وقد دخل في حروب الست سنوات مع الحوثيين مستخدماً علي محسن الأحمر في حربهم، مما جعل الكثيرين ينظرون إلى تلك الحرب أنها كانت للتخلص من اللواء علي محسن الأحمر؛ المنافس الأول له، ولفتح الطريق لابنه أحمد للوصول للسلطة، خاصة أنه كان في بعض الأحيان يزود الحوثيين الذين يحاربهم بالسلاح، كما استطاع أن يزج بالسعودية في حرب ضد الحوثيين، وما لبث أن قطع علاقته بالسعودية بعد أن وقف إلى جانب صدام حسين في دخوله الكويت، ثم عاد إلى السعوديين في حربه للاشتراكيين في اليمن الجنوبي ثم قاطعهم بعد ثورة الربيع العربي والمبادرة الخليجية ثم حاول العودة لهم في آخر أسبوع من حياته. وكذلك تحالف مع الإخوان في اليمن، وحارب بهم الاشتراكيين في اليمن الجنوبي، وانقلب عليهم واتفق مع الاشتراكيين بعد توحيد اليمن، وما لبث أن طارد علي سالم البيض، ورفاقه الجنوبيين. وبعد خروجه من السلطة في 2012م، وجد ضالته في أعدائه الحوثيين، فتحالف معهم، وأخيراً انقلب عليهم ورجع إلى خصمه السعودية، وكانت هذه الرقصة الأخيرة على رؤوس الأفاعي فانزلقت رجله، تُرى لكبر سنه، وضعف قدرته على الرقص فوق رؤوس الأفاعي، أم إنها النهاية المحتومة لكل من سار على هذا الدرب؟!
إن علي عبد الله صالح قد أرسل رسائل عدة من قبره، وهي رسائل حال وليست رسائل مقال؛ فأولى هذه الرسائل لأبنائه أن الأمر ليس أمر ثأر وإلا فإن الحوثيين قد أخذوا بثأرهم لأخيهم حسين الحوثي وإنما هو أمر بلد يضيع بين أيدينا، وأمر شعب يفنى ويباد، وأمر أمة مزقتها الفتن، واستغلها الأعداء، فصار يضرب بعضهم رقاب بعض. فلا بد من الارتفاع عن الصغائر وتوافه الأمور والارتفاع إلى مستوى القضية.
أما الرسالة الثانية فلحكام المسلمين، إذ تقول الرسالة إن الله يمهل ولا يهمل، ألا ترون أنني حكمت ثلاثة وثلاثين عاماً، أنا الآمر، وأنا الناهي، وأنا المشرّع، وأنا المنفّذ، وها أنذا أموت برصاصة في الرأس كما تموت الحصن الإنجليزية العجوز، فقد زال ملكي، وزال جاهي، وأزيح سلطاني، ولم يتبع جنازتي أكثر من عشرين شخصاً، وفي جنح الظلام أدفن، ولا يعلم بمكان قبري إلا القليل، وفوق هذا وذاك فقد أخذ بتلابيبي آلاف من الذين تسببت في موتهم، يطالبون بحقهم، وأنا مفلس، فنصيحتي لكم هي أن لا تطيعوا أعداء الأمة، من الأمريكان، والبريطانيين، والفرنسيين، وغيرهم، واجعلوا من أمتكم سنداً لكم في حكمكم، ومن كتاب الله وسنة رسوله r دستوراً لكم، تعزوا في الدنيا، وتسعدوا في الآخرة.
أما الرسالة الأخيرة فهي للأمة بعامتها، ولأهل اليمن بخاصة، فأقول لا ترجعوا بعدي كفاراً، يضرب بعضكم رقاب بعض، كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام، توحدوا كما أمر ربكم، ولا تتفرقوا فتذلوا وتهانوا ويتجاذبكم اللاعبون الدوليون، ووكلاؤهم المحليون، لقد كنتم أبطالاً حينما خرجتم في وجهي تطالبون بحقكم، ولكن كان خروجكم ناقصاً، حيث لم يكن بين يديكم بديل واضح، مما سهل على أعدائكم سرقة مجهودكم، والالتفاف عليكم، وإجهاض ثورتكم المباركة، فتوبوا إلى الله، وتوجهوا إليه، يتوجه إليكم، واجعلوه قبلتكم يتولاكم، وارفعوا كتابه ينصركم، فإن ينصركم الله فلا غالب لكم، والسلام...
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس / حسب الله النور – الخرطوم