الإثنين، 21 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الأرض المباركة وما يخفيه دخان المعركة من سياسات أدهى وأمر!

 

إن من أخطر ميادين الصراع الحضاري وأوعر وأشق دروب المواجهة مع الغرب الكافر، هو ميدان السياسة وما تستبطنه من فكر وثقافة واقتصاد وتعليم وقضاء وحرب وسلم وإدارة...، ودرب الكفاح السياسي وما يستوجبه من تثقيف سياسي بأفكار الإسلام وأحكامه لتنزيلها على الوقائع، ودراية تامة نافذة لعمق الأحداث والوقائع السياسية لمعرفة أسبابها وغاياتها. والذي زاد الوضع خطورة والدرب وُعُورَة أن الذين تولوا كِبْرَ إدارة هذا الصراع، والذين ورثوا الغرب الكافر هم الحكام العملاء الخونة، فهم الذين يديرون بالوكالة هذه الحرب الحضارية الصليبية الدائرة على أرضنا من مشرق الشمس إلى مغربها، بمعية ذلك الكيان الطفيلي المسخ كيان يهود، وما كانت حروب الأرض المباركة بقدسها وأقصاها إلا من صميم تلك الحرب الحضارية الصليبية.

 

ومن الجدير التنبيه إليه، أن الحرب ما كانت إلا وسيلة من وسائل السياسة الخارجية لعدونا لتحقيق أهدافه، ودبلوماسية صلبة لإرغامنا على السير طبق خريطة طريقه ووفق مشاريعه، ومن قلة الوعي السياسي وفقد البوصلة الاستراتيجية أن يقصر النظر على ساحة المعركة وأعداد القتلى والجرحى وحجم الخراب، وتغفل الأهداف والمشاريع السياسية التي كانت سببا ومحركا للحرب. فالقوة ليست هدفا في حد ذاتها وإنما وسيلة لممارسة النفوذ والتأثير وضمان تحقيق الأهداف وتنفيذ المشاريع.

 

وكيان يهود جزء من المشروع الغربي وأداة من أدوات السياسة الخارجية الغربية، والحروب الدائرة على الأرض المباركة سقفها هو سقف أهداف المشروع الغربي "تثبيت كيان يهود كقاعدة غربية متقدمة في قلب الجغرافيا السياسية للعالم الإسلامي"، والمستجد اليوم هو الضعف الشديد للأنظمة الوظيفية العميلة القائمة في البلاد الإسلامية، ما جعل الغرب وعلى رأسه أمريكا يراهن أكثر فأكثر على كيان يهود في خدمة المصالح الغربية والأمريكية تحديدا، ما يفسر تهافت العملاء على كيان يهود وتطبيعهم، وإعلان الكيان عن يهودية دولته واستصدار قوانين لإفراغ الداخل الفلسطيني من أهله، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس.

 

وعليه فالحرب مع يهود هي فرع عن الحرب الحضارية الصليبية مع الغرب الكافر وأدواته وأذنابه في المنطقة. وهذا الصراع في طبيعته العملية هو صراع دول، إلا أن هذا الفراغ السياسي الاستراتيجي القاتل والمدمر في بلاد المسلمين نتيجة غياب دولة الإسلام جعلنا كأمة في العراء التام مكشوفين لعدونا. ومن السذاجة وقلة الفقه المبدئي وانعدام الوعي السياسي أن يخاض الصراع بغير أدواته، أي وجود الكيان الفاعل، أي دولة الإسلام الخلافة، التي تحرر الأرض وتحمي البيضة وتحقن الدماء وتحفظ الأعراض وتحارب العدو، فالعمل لها من أوجب الواجبات. أما هاته الفخاخ والألغام التي تنصب لنا في طريقنا نحو النهضة والتحرر، فسلاحنا لتفكيك هذه الفخاخ ونزع هذه الألغام هو وعي سياسي ثاقب على الموقف الدولي وما يحاك ضدنا من مؤامرات، وفقه مبدئي نافذ بالإسلام لمعالجة قضايانا العلاج الصحيح بأفكاره وأحكامه ﴿وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً﴾.

 

ومن بديهيات هذا الفهم، أن يعلم أن سنة الله في النصر والهزيمة هي في استقامة أهل الحق وثباتهم عليه، وليست في كفر أهل الباطل وسدارتهم في كفرهم وغيّهم ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾، ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾.

 

وعليه فما كانت هذه الفخاخ والألغام المنصوبة والحروب الدائرة مع العدو لتشفع لأصحابها في مخالفة الشرع، وما كانت دماء الشهداء الطاهرة الزكية ثمنا يستنسخ به استسلام وتخاذل القادة وارتماؤهم في أحضان أنظمة العمالة والخيانة الموالية للغرب، وما كانت تلك الآلام والأحزان والخسف والهدم رخصة للسير في مشاريع الغرب الكافر وحل الدولتين والرضا بغصب أرض الإسراء والمعراج وتدنيس الأقصى. ومن باب أولى ما كانت الحرب مع العدو الكافر رخصة للتحلل من قول الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

 

هي سنة الله في الهزيمة والنصر ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا. فهذه غزوة أُحُد جرت سنة الله فيها على الثلة المؤمنة الأولى التي تمثل قمة الأمة التي يقول الله عنها: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ وهم فوق هذا أصحاب محمد ﷺ، وهم المثل الأعلى للنفس البشرية بعد الأنبياء عليهم السلام. كلفتهم مخالفة بعضهم لأمر الله ورسوله ﷺ أهوالا وجراحات وشهداء على رأسهم سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، ومقرئ المدينة الأول مصعب بن عمير رضي الله عنه، وكلفتهم ما هو أشق من ذلك كله أن أصاب فيهم العدو حتى خلص إلى رسولهم ﷺ، فأصيبت رباعيته وشج وجهه وكلمت شفته ودخلت حلقتان من حلق المغفر في وجنته، ثم انتهى رسول الله ﷺ إلى فم الشعب وعلت عالية من مشركي قريش الجبل، ومثلت نساؤهم بشهداء المسلمين فجدعن الأنوف وصلمن الآذان وبقرن البطون، ثم كانت أُحُد وحياً يتلى إلى يوم الدين وعبرة للمتقين، إذ يقول الحكيم العليم: ﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 152].

 

روي أن النبي ﷺ وضع خمسين من الرماة فوق الجبل، وأمرهم أن يدفعوا عن المسلمين وقال لهم: «إِنْ رَأَيْتُمُونَا تَخْطَفُنَا الطَّيْرُ فَلَا تَبْرَحُوا مَكَانَكُمْ هَذَا»، فلما التقى الجيشان لم تَقْوَ خيل المشركين على الثبات بسبب السهام، فانهزموا فلما رأى الرماة ذلك قالوا: الغنيمة الغنيمة ونزلوا لجمع الأسلاب، وثبت أميرهم عبد الله بن جبير ومعه عشرة في مراكزهم فجاءهم المشركون من خلف الجبل فقتلوا البقية من الرماة ونزلوا على المسلمين بسيوفهم من خلف ظهورهم، فانقلب النصر إلى هزيمة ﴿مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ﴾ أي من بعد النصر ذقتم الفاجعة، ﴿مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا﴾ أي الغنيمة وهم أصحاب الأسلاب، ﴿وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ﴾ أي ثواب الله وهم العشرة من الرماة وأميرهم الذين ثبتوا في مراكزهم ثم استشهدوا، ﴿ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ﴾ أي ردكم بالهزيمة عن الكفار ليمتحن إيمانكم، ﴿وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ﴾ أي صفح عنكم مع العصيان، وفيه إعلام بأن الذنب كان يستحق أكثر مما نزل بهم لولا عفو الله عنهم، ولهذا قال سبحانه: ﴿وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ أي ذو مَنّ ونعمة على المؤمنين في جميع الأوقات والأحوال.

 

هي الثلة المؤمنة الأولى التقية النقية سرت وجرت عليها سنة الله في الهزيمة والنصر، فذاقت عاقبة أمرها وابتليت بلاء شديدا في مخالفة بعض جندها الأخيار المؤمنين المسلمين أمر نبيهم ﷺ طمعا في مغنم قبل أوانه، حتى قال الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "ما كنت أرى أن أحدا من أصحاب رسول الله ﷺ يريد الدنيا، حتى نزل فينا يوم أحد: ﴿مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ﴾".

 

فكيف بمخالفات قادة الفصائل اليوم بالأرض المباركة وبلاد الشام لقطعيات هذا الدين، وخورهم واستسلامهم وارتمائهم في أحضان الرويبضات أذناب الاستعمار الموالين لأعداء الله ورسوله والمؤمنين، بل من أعجب العجب أن تدار قضايا المسلمين من أجهزة الاستخبارات والتجسس لكيانات الاستعمار والتي ما كانت وظيفتها إلا تجسسا على المسلمين خدمة للعدو الكافر، وما صنيع استخبارات نظام العساكر بمصر بأهل فلسطين وقادة الفصائل عنا ببعيد.

 

نقول للمرابطين المخلصين خاصة ولأبناء هذه الأمة عامة في الأرض المباركة وبلاد الشام: لا يُعَمِّي عنكم دخان المعركة خبث ومكر السياسة ومؤامرة العدو وقبح ولؤم صنيع القادة، فخذوا على أيدي سفهائكم قبل أن تهلكوا.

 

واعلموا أن فيكم أتقياء أنقياء ساسة مبدئيين وقادة ربانيين من أبناء أمتكم هانت عليهم الدنيا وملذاتها وتطلعوا إلى ما عند الله القوي العزيز، وعلموا وخبروا أنه لن تعود عزة المسلمين وتمكينهم إلا بعودة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فشمروا عن ساعد الجد وعملوا لها بإتقان وإحسان، وصبروا وصابروا وصارعوا الكفر وكافحوا ساسته ودوله في سبيلها، فبها تزحف الجيوش لدك كيان يهود واستئصال شأفته، وقطع أيدي الكفار المستعمرين ورأس شرهم أمريكا عن بلاد المسلمين، فتجعلها عليهم حراما إلى يوم الدين، بعد أن تكنس بلاد المسلمين من قذارة أذنابهم حكام الخزي والعار. فشدوا وآزروا إخوانكم واعلموا أن الحق هو دليل صحة الرجال أو خطئهم وميزان استقامتهم أو زيغهم، فالتمسوا الحق حيثما وجدتموه فهو لعمرك الخلاص والنجاة ورضا الديان.

 

أما لهذه القيادات المأزومة المهزومة فنقولها لكم قولا واحدا، أما آن لكم أن تقطعوا حبال انتحاركم مع هذه الدويلات الوظيفية للاستعمار، وتفكوا وتنفكوا من قيودكم، وتراهنوا على جبروت أمتكم وتستمدوا قوتكم من الجبار القهار؟ فإن أبيتم إلا الخزي والعار والسير في ركاب الاستعمار فقد سبقكم بها أقوام فما بكت عليهم السماء وما كانوا منظرين! ولمن يسير خلفكم عَمِيَّة ننادي فيهم: وَيْحَكُمْ! كيف ترجون التحرير من الاستعمار بالاستعانة والاستكانة لعميل للاستعمار؟!

 

أما لأبناء أمتنا فننادي فيهم جندنا وضباط جيوشنا وأهل قوتنا، نستنصر فيهم سعدنا ومفتاح مصراعي خلافتنا، ومعول هدم أصنام رويبضاتنا، وقادة ملحمتنا الكبرى وطريق عزتنا وتمكيننا وتقوانا ومرضاة ربنا وحقيق وعد نبينا ﷺ.

 

﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾.

 

#الأقصى_يستصرخ_الجيوش

 

 

#Aqsa_calls_armies

 

#OrdularAksaya

 

#AqsaCallsArmies

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مناجي محمد

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع