- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
السلطان للأمة فلتعمل على استعادته
قطعت الأمة الإسلامية شوطا كبيرا في طريق التغيير واستعادة سلطانها، ويظهر ذلك في استعداد المسلمين أينما كانوا على أن يثوروا ثورات عارمة غاضبة على سياسات حكامهم عملاء الغرب الكافر وعلى قرارات أعداء الإسلام بقيادة أمريكا، فالأمة كالبركان الذي سينفجر في أية لحظة ليحرق الحكام وأسياد الحكام! فاليوم، جميع الحكام الطواغيت في بلاد المسلمين، وبدون استثناء، مهددون بالسقوط، فالمسلمون يلعنون الحكام علنا أحياء كانوا أم أمواتاً، ويفرحون عند مقتل أحدهم شر قتلة ويدعون بهلاك الطواغيت واحدا تلو الآخر، وما عليك إلا أن تتابع الأخبار والبرامج التفاعلية على الفضائيات ومواقع الإنترنت لتقرأ تعليقات أبناء الأمة التي تطالب بإسقاط الأنظمة الجبرية التي استولت على الحكم وفرضوا أنفسهم على الناس لعشرات السنين وجعلوا من بلاد المسلمين سجوناً ومعتقلات كبيرة لساكنيها!
أما الحكام فهم يلعنون شعوبهم أيضا! ومن شدة خوفهم من الناس فقد أسرعوا في خطاهم واجتهدوا أكثر في مهاجمة الإسلام وتمييع وتضييع قضايا الأمة المصيرية من فلسطين إلى سوريا والعراق ومصر والسودان - أينما تنظر - تجد أن الحكام سلموا البلاد والعباد إلى الغرب الكافر المستعمر وفرضوا القوانين الغربية العلمانية في دساتير هذه الدويلات وحاربوا الإسلام بحجة (الإرهاب) و(التطرف)! إن رعب الحكام فعلياً يظهر في زيادة الضغط على الناس بتضييق المعيشة عليهم وسلب ثرواتهم وجعلها في يد الكفار من مثل الرئيس الأمريكي ترامب الحاقد على الإسلام، أو نهبها وتبذيرها على ملذات الحياة وترفها في شكل يخت أو لوحة بملايين الدولارات كما فعل الأمير أمريكي الهوى محمد بن سلمان وتُرك الناس بدون رعاية طبية أو تعليم أو بيوت أو أكل أو شرب، وإن احتجوا عُذبوا وضُربوا واعتقلوا... إرهابا وقمعا بواسطة الشرطة والأمن والجيش الذي دائما ما سعى رويبضات الحكم سعيا حثيثا لشراء ولاءاتهم بالأموال فلا يستخدم أهل القوة قوتهم لحماية المستضعفين ولإسقاط هذه الأنظمة الجبرية الظالمة!
إن هذه العلاقة بين الحاكم والمحكوم في بلاد المسلمين علاقة غير صحية يجب أن تتغير! والحمد لله أن سقطات الحكام قد زادت من درجة الوعي عند أبناء المسلمين، كما زادتهم قوة في الإيمان باللجوء إلى الله تعالى والعودة إلى الإسلام الذي يحمل لهم جميع الحلول، وفي الوقت نفسه زادت في ضعف الحكام الذين يلعبون الآن في الزمن الضائع ويجلسون على سطح صفيح ساخن ينتظرون الدفعة الأخيرة التي ستلقي بهم من على عروشهم ليتذكرهم التاريخ على أنهم قتلة وجلادون يوجهون أسلحتهم إلى صدور شعوبهم ليسيطر عليهم أعداؤهم، فلقد يئس الحكام بعد قرابة قرن من قتل الأمة تماما وفشلوا مهما حاولوا في أن يترك المسلمون دينهم، وما بقي لهؤلاء الطواغيت الآن إلا الإسراع في تسجيل المزيد من المواقف الخيانية ضد الإسلام وضد الأمة الإسلامية - فإسراع الخطا ملاحظ لمن تتبع الأخبار - إن كان محمد بن سلمان آل سعود ابن أمريكا أو أردوغان حليف أمريكا الذي أعلن ولاءه لمصطفى كمال هادم الخلافة العثمانية، أو كان السيسي سفاح مصر، أو عباس سلطة أوسلو والتنسيق الأمني المقدس مع يهود في فلسطين، أو عبد بريطانيا ملك الأردن وبشار طاغية العصر في سوريا - خادم أمريكا - أضف إلى ذلك سقطات علماء البلاط المتكررة - إن كانوا شيوخ آل سعود في بلاد الحرمين الشريفين أو الأزهر في مصر - فهذا الإسراع نحو الهاوية الذي نراه في الأحداث المتلاحقة والمواقف المتخبطة تجاه قضايا المسلمين المهمة والمصيرية - وآخرها قرار إعلان القدس عاصمة ليهود بمباركة حكام العرب والعجم في بلاد المسلمين مع تجاهل غضب الله وغضب رسوله ﷺ وغضب المسلمين حول العالم لهذا القرار الجبان والأحمق - يثبت أن هؤلاء الحكام الذين لا يحكمون بما أنزل الله تعالى في حالة احتضار بكل معنى الكلمة وأن زمن الحكم الجبري في نهاياته ويليه عهد الحكم بالإسلام في دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة للمرة الثانية.
قال حذيفة: قال رسول الله ﷺ: «تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا اللهُ إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا اللهُ إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا اللهُ إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، ثُمَّ سَكَتَ».
فهذه القرارات التي تتحدى الأمة وتتحدى عقيدتها الإسلامية نتيجتها استفزاز عقول ومشاعر الأمة الإسلامية لتتحرك بل ولتقفز إلى الأمام لتحقق أهدافها والنهضة من جديد، نهضة فكرية صحيحة، وهذا لن يكون إلا بالعمل للتغيير تغييرا سياسيا أساسه العقيدة الإسلامية ولتطبيق نظام الإسلام؛ فحياة المسلم تقوم على السياسة الشرعية وهي رعاية شؤونه اليومية بأحكام الله الشرعية حتى تستقيم الأمور بالعدل والطمأنينة والإيمان لجميع البشر. لكن على المسلمين أن يعوا بكل وضوح أن من يعمل لإسقاط الأنظمة الفاجرة إنما يعمل لإسقاط الحكم العلماني الرأسمالي الذي فرضه الغرب الكافر المستعمر على المسلمين بواسطة الطواغيت السفهاء، وأنه يعمل لإقامة نظام الإسلام خالصا لله، إلا أن التخلص من قيود الكفر ومن سلاسله لن يحصل إلا بمنشار الوعي الفكري القائم على أساس العقيدة الإسلامية والسير على منهج رسول الله ﷺ للوصول إلى إقامة الحكم بما أنزل الله تعالى بطلب النصرة من أهل القوة والمنعة، وهكذا تستعيد الأمة الإسلامية سلطانها المنهوب وتعمل على اختيار من يحكمها بالإسلام في دولة إسلامية مقوماتها مستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة فقط. ففي الإسلام السيادة في نظام الحكم للشرع وهذه القاعدة الأولى من قواعد نظام الحكم في الإسلام. أما بالنسبة للتنفيذ فواجب على جميع المسلمين أن يعملوا للعيش في ظل دولة إسلامية واحدة يحكمها حاكم واحد يطبق الشرع على المسلمين، وهكذا للأمة سلطان التنفيذ وليس التشريع، وكيفية التنفيذ تكون بأن يختار المسلمون من يرتضونه من بينهم ليحكمهم بشرع الله. بالتالي كانت قاعدة "السلطان للأمة" ثاني قاعدة من قواعد نظام الحكم في الإسلام. أما القاعدة الثالثة؛ خليفة المسلمين واحد، وعلى المسلمين أن يقيموا الخليفة، ويبايعونه على كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، وإنما يأخذ الخليفة السلطان بهذه البيعة وتُقام بها دولة الخلافة. هذه القاعدة من الخطورة والأهمية بمكان؛ بحيث يصل حكم التعدي عليها إلى درجة القتل! وها هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه يؤكد على ذلك بقوله "إني إن شاء الله لقائم العشية في الناس فمحذرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمورهم" وقوله "من بايع رجلاً من غير مشورة من المسلمين فلا يتابع هو ولا الذي بايعه تغرةً أن يقتلا" وقوله للستة "من تأمر منكم على غير مشورة من المسلمين فاضربوا عنقه". هذا هو سلطان الأمة الذي يجب أن تستعيده وإلا ضاعت جهودها ولم تخرج من أزمتها! فلقد آن الآوان أن تسقط الأنظمة الجبرية وأن تنصر جيوش المسلمين قضية الأمة المصيرية بأن تقوم بواجبها الشرعي تجاه العاملين للتغيير في إسقاط الأنظمة وتنصيب خليفة للمسلمين، وعلى الرويبضات أن يعترفوا بأن حربهم على الإسلام وعلى الأمة الإسلامية حرب خاسرة لأن السلطان سيصبح بيد الأمة ويجب عليهم أن يتنحوا جانبا ليفسحوا الطريق أمام خليفة المسلمين القادم قريبا بإذن الله تعالى.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
غادة محمد حمدي – ولاية السودان