- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
منهج التعليم من منهج الدولة
الخبر:
قرر رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، الأربعاء، تجميد العمل بمقترحات المناهج الدراسية، التي أثارت جدلا واسعا، بغرض التوافق. ونص قرار حمدوك وفق بيان صحفي، على تكوين لجنة قومية تضم التربويين والعلماء المتخصصين وتمثل كافة أطياف الآراء والتوجهات في المجتمع، لتعمل على إعداد المناهج الجديدة حسب الأُسس العلمية المعروفة في إعداد المناهج.
التعليق:
إن المعالجات لأي مشكلة تعتمد بشكل أساسي على إدراك حقيقة المشكلة، والمصدر الذي يعتمد عليه في معالجة المشكلة. وبتطبيق ذلك عملياً، نجد أن كثيراً من الناس اعتبروا أن مشكلة وضع منهج التعليم يتجسد في مدير المناهج القراي، وتم تركيز الهجوم عليه حتى تقدم باستقالته، بعد تجميد التعديلات التي أدخلها على المناهج الدراسية، وتنفس الناس الصعداء حينما قدم القراي استقالته باعتبار أن المشكلة قد حلت.
لا أحد يستطيع أن ينفي أن وجود القراي مديراً للمناهج هو مشكلة، غير أن هذا رأس جبل الجليد من المشكلة، فوزير التربية أيضا مشكلة، فهو الذي وقف مع القراي وسانده بل دعا إلى وضع الثقافة الجنسية ضمن المقررات! ورئيس الوزراء كذلك مشكلة فهو الذي عين القراي، وسكت عليه طوال الفترة السابقة، حتى طُبِعت الكتب بملايين الدولارات التي أُخذت من عرق ودم أهل السودان المغلوبين على أمرهم ولم يتحرك رئيس الوزراء إلا حينما بلغ السيل الزبى، وأحس أن الخطر يتهدده، فكل هؤلاء وغيرهم يعتبرون جزءاً من المشكلة، ولكن أساس المشكلة يكمن، وقبل كل شيء، في تحديد الغاية من التعليم العام.
ففي أي أمة من الأمم يقوم التعليم الأساسي على تكوين شخصية المتعلم، وذلك حسب وجهة النظر في حياة تلك الأمة، ويعطى من الثقافة ما يجعل للمتعلم شخصية متميزة. هذا في المقام الأول، والهدف الثاني من التعليم العام هو وضع أساس للتعليم المتخصص، حتى يساعد المتعلم في أن يختار ما يناسبه من التخصصات في مرحلة التعليم العالي. إن أهل السودان أغلبيتهم مسلمون، وإن العقيدة الإسلامية هي التي تحدد وجهة نظرهم في الحياة، فمن هنا تبدأ المعالجة. أما الرجال المؤهلون للقيام بهذا الدور فما أكثرهم.
ولتنفيذ مثل هكذا معالجة فلا بد أن تكون الدولة كلها قائمة على المنهج نفسه، وإلا فكيف تكون الحكومة ذات توجه علماني، كما هو الحال في السودان، ونتوقع منها في الوقت نفسه أن تؤسس التعليم على أساس العقيدة الإسلامية؟! فلا بد من قيام دولة الإسلام الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، لتؤسس كل الحياة على أساس الإسلام، ومنها أسس التعليم المنهجي. وقد بين حزب التحرير في ثقافته أن التعليم المنهجي هو التعليم المنضبط بأنظمة وقوانين تتبناها الدولة، وتكون الدولة مسؤولة عن تنفيذه. مثل تحديد سنّ القبول، والمواد الدراسية وطريقة التدريس. إنَّ ثقافة الأمَّة (أية أمة) هي العمود الفقري لوجودها وبقائها، فعلى هذه الثقافة تُبنى حضارة الأمة وتتحدد أهدافها وغايتها ويتميز نمط عيشها، وبهذه الثقافة ينصهر أفرادها في بوتقة واحدة، فتتميز الأمة عن سائر الأمم، فهي عقيدتها وما ينبثق عن هذه العقيدة من أحكام ومعالجات وأنظمة، وما يبنى عليها من معارف وعلوم، وما دار من أحداث مرتبطة بهذه العقيدة كسيرة الأمة وتاريخها. فإذا اندثرت هذه الثقافة انتهت هذه الأمة، كأمَّة متميزة، فتبدلت غايتها ونمط عيشها وتحول ولاؤها، وتخبطت في سيرها وراء ثقافات الأمم الأخرى.
فبدلاً من الجري وراء ثقافات الغرب وحضارته، تعالوا نسرع الخطا لاستئناف الحياة الإسلامية، لتكون أسس التعليم واضحة تسير على هديها الأجيال.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس حسب الله النور – ولاية السودان