- الموافق
- 1 تعليق
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الإسلام والديمقراطية متناقضان لا توأمان
الخبر:
في كلمة ألقاها راشد الغنوشي خلال ندوة عقدها في مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية SETA في إسطنبول، يوم 23 شباط/فبراير 2019، قال إن "النظام الديمقراطي هو المناسب للبلاد، ونجد أن الإسلام والديمقراطية توأمان عبر التوافق والشورى".
وأوضح الغنوشي، أن "الإسلام ثورة تحررية شاملة، ثورة ضد فرعون وأتباعه، الإسلام ثورة شاملة في القلب والعقل، فلا ينبغي تقديم الإسلام على أنه ضد حكم الشعب".
التعليق:
"الإسلام والديمقراطية توأمان"! لا يمكن لعاقل منصف عندما يرجع إلى مفهوم الديمقراطية الحالي والتاريخي إلا أن يراها من منظورها الصحيح على أنها نقيض الشريعة التي تُتلقى من الوحي. فالديمقراطية نظام سياسي يؤلّه الشعب إذ يجعله مصدر السلطات في الدولة، ومن ضمنها السلطة التشريعية التي تسنّ الدساتير والقوانين، أما الإسلام فجعل السلطة التشريعية للوحي تستمد الدساتير والقوانين حصريا من نصوصه فقط عبر فهم شرعي يقوم به المجتهدون الشرعيون لا المشرعون الوضعيون، ولذلك حدد الإسلام السيادة في الشرع، وحصرها فيه بينما منعها عن الشعب، في تناقض صارخ مع الديمقراطية، بحيث لا يكون السياسي ديمقراطيا إلا إذا "تنكر للإسلام"، وتمرد على نصوص الوحي.
إن الديمقراطية كنظام حكم لا تنفصم عن العلمانية كفلسفة للحياة، وممارستها اليوم لا تنفصل عن الرأسمالية كطريق للاستعمار ونهب خيرات الشعوب، مهما نظم المضبوعون بها من قصائد غزل سياسية، ومهما أصدر الخادعون والمخدوعون بها من فتاوى سياسية، تظل نكهتها غربية وعجينتها وضعية.
وإن محاولة مزج الديمقراطية بالإسلام عبر التشارك في آلية الانتخابات هي محاولة سطحية، كمحاولة مزج الربا بالتجارة، ثم إن محاولة اعتبار الشورى كأنها النظير للديمقراطية هي أيضا قفزة خاطئة فوق ذلك المفهوم الإسلامي، ومدّه خارج حدوده المحصورة في بيان رأي للخليفة حول مسألة عملية لا حول قضية تشريعية، ومن زاوية أخرى هي حصر خاطئ للديمقراطية في مجرد التعبير عن الرأي وتناسي مفهومها الأساس بأنه "حكم الشعب للشعب" عبر من يمثل الشعب.
إذن فكل محاولات "الإسلاميين المعتدلين" للتجمل بالديمقراطية أثناء حالة المغازلة مع الغرب، أو التطبّع بها عند الشعور بالغلبة أمامه، خاضعين لعقدة "تقليد المغلوب للغالب"، هي تجاوز فكري وسياسي، وقفز على معطيات العقل والشريعة معا في فهم الإسلام وفي الحكم على طبيعة الديمقراطية.
ليس بغريب على زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي هذه التصريحات النابعة من الأفكار الغربية التي وجدت ضالتها في "الإسلام المعتدل" أو "الإسلام الوسطي" والذي هو في حقيقة الأمر أي "الإسلام المعتدل" تعبيرا للأفكار الغربية في أن التشريع للناس وليس لله، ولا شأن للإسلام بشؤون الحياة، فما لقيصر لقيصر، وكذلك الأمر في الحكم والاقتصاد والاجتماع؛ في الربا ونهب الثروات، وفي الزنا وسائر ما يسمونه حريات عامة... باختصار: الإسلام المعتدل أو الوسطي هو مفاهيم العلمانية الديمقراطية التي انكشفت وسقطت في معركة الأفكار التي ربحها الإسلام. ربحها الإسلام وقد تجلى ذلك في رجوع الأمة إلى دينها وإدراكها أنه لا بد للإسلام من سلطة تنفيذية تطبقه وتوحد أمته وتحمل دعوته.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
ممدوح بوعزيز
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية تونس
وسائط
1 تعليق
-
لا بد للإسلام من سلطة تنفيذية تطبقه وتوحد أمته وتحمل دعوته