- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
مقياس التقدم
(مترجم)
الخبر:
سيالكوت: تعهد رئيس الوزراء عمران خان يوم الأربعاء بالسعي لمضي البلاد قدماً وتحويل اقتصادها من خلال زيادة الاستثمار في تنمية الموارد البشرية وتوفير تعليم عالي الجودة للشباب.
وفي حديثه في حفل افتتاح حرم جامعي جديد للنساء هنا، قال إن التعليم العالي وصعود الدولة متشابكان. كان السبب الرئيسي وراء تقدم البلدان هو المعرفة والاقتصاد. واستشهد بمثال سنغافورة، التي رغم أن عدد سكانها قليل يزيد عن خمسة ملايين نسمة مقابل 210 ملايين من سكان باكستان، فقد استثمرت في التعليم وبلغت صادراتها السنوية 330 مليار دولار بالمقارنة بالصادرات السنوية لباكستان البالغة 24 مليار دولار.
وقال إن أمريكا لم تظهر كقوة عظمى إلا بعد أن أخرجت جامعاتها عدداً كبيراً من الخريجين في القرن العشرين. (الخبر 2018/11/29)
التعليق:
إنها فكرة شائعة أن الأمة الأكثر تعليماً هي الأمة الأكثر تقدماً؛ بهذه الطريقة سيسوّق العديد من السياسيين فكرة الاستثمار في التعليم كما لو أن هذا سيحول كل شيء. إلى جانب ذلك، فإن الإسلام يشجع على البحث عن المعرفة ويجعل اكتسابها ضمن الواجبات الفردية، بحيث يصبح من السهولة تسويق هذه الفكرة وحملها إلى الجماهير العامة.
هل سيؤدي المزيد من التعليم إلى مزيد من التقدم؟ في الواقع، لا يقاس تقدم الدول بمزيد من الجامعات أو الاقتصاد المزدهر. الطريقة الحالية لقياس الاقتصاد السليم هي بالمقياس الرأسمالي، وهو إنتاج المزيد، وهذا الإجراء لا يعني أن جميع الأفراد قد أشبعوا احتياجاتهم. يمكننا أن نرى ذلك في جميع الاقتصادات "الناجحة"، حيث لا يزال هناك فقر بين بعض الناس. كما أنه ليس من الممكن أن يساهم كل شخص متعلم في الاقتصاد لأنه قد يكون هناك نقص في فرص العمل أو الفرص التي لا يمكن الاستفادة منها بسبب المحسوبية والإدارة السيئة.
إن التقدم الحقيقي هو نهضة تحدث في جميع مجالات المجتمع. إن الاقتصاد السليم، ونظام التعليم السليم، والنظام الاجتماعي السليم، والسياسة الخارجية السليمة والحكم السليم يأتي عندما تكون هناك رؤية مبدئية واضحة. كما أن إضافة المزيد من المباني الجامعية لا تعني أنه بإمكانك حل مشاكل بلد ما لأن لديك أناساً أكثر تعليماً.
على الرغم من أن مشروعاً معيناً يمكن أن يساعد بعض الناس بطريقة ما، إلا أن هذا وحده لن يؤدي إلى التقدم. لن يأتي التقدم للمسلمين في بلادنا إلا عندما ننظر إلى السبب الجذري لتراجعنا. بدأنا في التراجع عندما توقفنا عن اعتبار أن الإسلام هو معيار ومصدر التقدم، وعندما بدأنا في تقليد الآخرين. لم تصل أمريكا إلى السلطة بسبب المزيد من الجامعات، بل لأن لديها مبدأ تؤمن به وتسعى لنشره، لذلك أصبحت دولة مهيمنةً.
تكشف تصريحات رئيس الوزراء عمران خان عن غيابٍ للرؤية المبدئية. حيث يعرض جوانب من الأمم الأخرى على أنها المثل العليا، دون النظر إلى كل جانب من جوانب هذا المجتمع وكيف يعمل هذا المجتمع ككل. هذا التفكير السطحي هو كارثة جميع حكامنا. فالمباني الكبيرة والطرق والمدارس وغيرها ليست بعلاماتٍ على النهضة ولكنها تظهر فقط أن هناك استثمارات في هذا المشروع.
الأمة الإسلامية لديها مبدأ الإسلام، حيث كان هو المصدر الدافع للمسلمين في الماضي وجعل البلاد الأخرى تنظر إلى نظام التعليم في الدولة الإسلامية على أنه المثل الأعلى. كان هذا النظام مبنياً على تفكير واضح حول الغاية من هذه الحياة وكيفية المضي قدماً في الحياة مع هذه الفكرة. وقد قام نظام التعليم الخاص بها بتدريس العقيدة الإسلامية، واللغة العربية، والفقه والعلوم، وسمح لهذه الأمة أن تكون نوراً ساطعاً يحتذى به. بسبب الفكر الصحيح مع توافر الأمور الأخرى مجتمعة، كان للأمة كبار العلماء وعلماء الرياضيات وما إلى ذلك.
إن أخذنا للتعليم من مصادر أخرى مع توقعنا أن يؤدي ذلك إلى حل مشاكلنا لن يؤدي إلى النهضة، بل سيعطي شهادات أكثر لعدد أكبر من الناس وسيسمح لهم بالمنافسة على الوظائف في الاقتصاد الحالي، وهو في حد ذاته ليس المثال الذي ينبغي أن نسعى إليه. النظام الاقتصادي الرأسمالي هو سبب البؤس للناس في باكستان والعالم بأسره. إن النظام الكامل للإسلام، من خلال دولة الخلافة على منهاج النبوة هو الذي سيوفر الحل الحقيقي لباكستان وللأمة الإسلامية كافة.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
نادية رحمان