- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
ثورتكم الدينية وقوانينكم الوضعية لن تحكم على السنة
ولن تشكك فيها أيها الجهلاء
الخبر:
ذكر موقع فيتو الأحد 2018/9/2م، أن المحكمة الإدارية العليا في مصر، قررت مد أجل الحكم في طعن لإلغاء حكم القضاء، برفض دعوى مطالبة بإلزام شيخ الأزهر، بتنقية وتنقيح كتاب صحيح البخاري لجلسة 27 تشرين الأول/أكتوبر القادم، وكان المسمى بباحث في شؤون التراث الإسلامي أحمد عبده ماهر، قد اتهم في طعنه الذي حمل رقم 987 لسنة 58 ق، شيخ الأزهر، ومشيخة الأزهر بالإهمال والمماطلة في تنقية كتاب صحيح البخاري من الأحاديث المدسوسة والمنسوبة للنبي محمد، وأضاف أن هذه الأحاديث تطعن في مصداقية القرآن، وتشكك فيه وتثير البلبلة في عقول ونفوس المسلمين في دينهم وكتابهم المقدس. وأكد الطعن على أن قانون إعادة تنظيم الأزهر يشدد على أن الأزهر هو الهيئة العلمية الإسلامية الكبرى، التي تقوم على حفظ التراث الإسلامي ودراسته وتجليته ونشره وتجديد الثقافة الإسلامية وتجريدها من الفضول والشوائب، الأمر الذي لم يقم به شيخ الأزهر منذ توليه منصبه، بحسب ماهر.
التعليق:
صحيح البخاري هو الجامع الصحيح الذي جمعه أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، الذي ولد في بخارى عام 194هـ، ومات عام 256هـ، أحد كبار الحفاظ والفقهاء ومن أهم علماء الحديث وعلوم الرجال والجرح والتعديل والعلل، وكتابه هذا هو أشهر كتب الحديث النبوي، المسند من حديث رسول الله r وسننه وأيامه ويُعد أول كتاب صُنف في الحديث الصحيح المجرد وقد قال فيه البخاري: وما أدخلت فيه حديثًا إلا بعدما استخرت الله تعالى وصليت ركعتين وتيقنت صحته، وعندما يقول تيقنت صحته بمعنى أنه تيقن صحة الحديث سندا ومتنا إلى رسول الله r، وهذا له معنى لا يدركه الجهلاء بل يدركه العلماء والمصنفون وأهل الحديث، وقد بذل فيه البخاري جهدًا خارقًا واستمر في تأليفه وجمعه وترتيبه وتبويبه ستة عشر عامًا هي مدة رحلته الشاقة في طلب الحديث، يذكر البخاري السبب الذي جعله ينهض إلى هذا العمل فيقول: كنت عند إسحاق بن راهويه فقال: لو جمعتم كتابًا مختصرًا لصحيح سنة رسول الله r؛ فوقع ذلك في قلبي فأخذت في جمع الجامع الصحيح، وقال أيضًا: رأيت رسول الله r وكأنني واقف بين يديه وبيدي مروحة أذب عنه، فسألت بعض المعبرين فقال لي: أنت تذبّ عنه الكذب؛ فهو الذي حملني على إخراج الجامع الصحيح، وقد جمع فيه البخاري حوالي 7593 حديثاً اختارها من بين ستمائة ألف حديث يحفظها، حيث إنه كان مدقِّقًا في قبول الرواية، واشترط شروطًا خاصة دقيقة في رواية راوي الحديث، وهي أن يكون معاصرًا لمن يروي عنه، وأن يسمع الحديث منه، أي أنه اشترط الرؤية والسماع معًا، هذا إلى جانب وجوب اتصاف الراوي بالثقة والعدالة والضبط والإتقان والورع، وقد استحسن شيوخ البخاري وأقرانه من المحدِّثين كتابه هذا بعد أن عرضه عليهم وكان منهم جهابذة الحديث مثل: الإمام أحمد بن حنبل وعلي بن المديني ويحيى بن معين، فامتحنوه فكلمهم وقد استحسنوه وشهدوا له بصحة ما فيه من الحديث إلا في أربعة أحاديث قال العقيلي: والقول فيها قول البخاري وهي صحيحة ثم تلقته الأمة بعدهم بالقبول باعتباره أصح كتاب بعد كتاب الله سبحانه وتعالى.
هذا هو البخاري وهذا هو كتابه الذي يطعن فيه الطاعنون طعنا في الإسلام ومحاولة لتشكيك المسلمين في الناقل والمنقول عن رسول الله rكبداية لفصل الكتاب عن السنة وبعدها تشكيك المسلمين في نقل القرآن نفسه بالطعن في ناقليه وهم لجهلهم بكيفية النقل والرواية في الإسلام لا يدركون لماذا سمى البخاري مصنفه هذا بالجامع الصحيح ولم يدون فيه كل ما حفظه من حديث بل جمع فيه فقط ما تيقن من صحته متنا وسندا كما أسلفنا وعرضه على أئمة المحدثين والحفاظ فتلقوه بالقبول واعتبروه أصح كتاب بعد كتاب الله عز وجل، فمن أنتم أيها الجهلاء حتى تردوها وعلى أي أساس؟ هل أنتم حفاظ أم علماء جرح وتعديل؟! إن ثبوت الرواية عن رسول الله r سندا توجب التصديق بمتنها والعمل بما فيه من أحكام حتى وإن تعثر عقل الجهلاء في فهمه وظنوا بفهمهم القاصر أنه يتعارض مع القرآن أو يطعن في مصداقيته أو يشكك في الإسلام أو مما لا يليق بشخص النبي r حسب فهمهم المغلوط.
إن السنة هي كل ما نسب إلى رسول الله r من قول أو فعل أو تقرير أو صفة وهي من وحي الله على نبيه الذي لا ينطق عن الهوى بل كما أخبر r «أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ» (رواه أبو داود)، ومن أهمية السنة النبوية المطهرة أنها استقلت بأحكامٍ وتشريعاتٍ لم ترد في القرآن فطعن الجهلاء فيها طعناً في مجمل الأحكام الشرعية التي بينتها وشرحتها وبينت كيفية القيام بها وما في هذا من فصل للأمة عن دينها بالكلية والحيلولة دون أن تصبح العقيدة هي التي تحركهم وتصبح منهج حياتهم فيعيدون الدولة التي تطبقه من جديد في خلافة راشدة على منهاج النبوة.
أيها المسلمون! إن ما يسعى إليه هؤلاء الجهلاء هو فتح الباب أمام كل طاعن في دينكم ليغير ويبدل كيف يشاء وكأن الإسلام وأحكامه يشبه دساتيرهم الوضعية التي يبدلونها كيفما أرادوا ويلزمون المشرعين بذلك في أروقة المحاكم، غير أن الإسلام أقدس من قوانينهم ومحاكمهم التي لا قداسة لها، وأحكام القضاء هذه حتى وإن ألزمت الأزهر بما يدعيه هؤلاء فهم جميعا ليسوا أهلا ولا ذوي صفة للبحث في صحيح البخاري ونقد ما جاء فيه، فهذا لا يقوم به إلا أهل الورع العدول وكلهم سابقا ولاحقا تلقوه بالقبول والرضا وأقروه كما أسلفنا وهؤلاء بغيّهم إنما يشبهون من يحاول أن يطفئ نور الشمس بنفخ فيه.
أيها المسلمون عامة وأهل مصر خاصة! هؤلاء هم لقطاء العلمانية الذين جرأهم النظام الذي يحكمكم بدعوته للثورة الدينية وتجديد الخطاب الديني في جملة أشياء يراد من خلالها طمس ما بقي لديكم من أفكار الإسلام وإبعادكم عن كل ما قد يقربكم من استئناف الحياة الإسلامية بتحكيم الإسلام في دولة خلافة راشدة على منهاج النبوة، وهذا يدعوكم للذب عن دينكم وعن سنة نبيكم يدعوكم إلى إحيائها والعمل على تطبيقها في واقع حياتكم تطبيقا عمليا يعيد دينكم منهج حياتكم من جديد، فالسنة هي التطبيق العملي للإسلام وهذا ما يؤرق الغرب وأذنابه، ففيها ما يعيدكم للصدارة ويعيد دينكم منهج حياتكم ويعيد نهضتكم على أساس عقيدته نهضة حقيقية صحيحة تقضي على الغرب ورأسماليته وتزيل نفوذه من بلادنا إلى غير رجعة وتعيده خائبا خاسرا إلى عقر داره إن بقي له عقر دار، وهذا يحتاج منكم إلى وقفة ورجال ينصرون ما يحمله بينكم حزب التحرير لتطبيق الإسلام بطريقته التي بينتها السنة التي يخشاها الغرب ويسعى لطمسها فانصروهم أيها المسلمون وأحيوا بينكم رجالا يرثون أنصار الأمس ينتصرون لله ورسوله ويغضبون لسنته التي يتطاول عليها الجهلاء فيعيدوا لها الحياة بتطبيقها في دولة خلافة من جديد ينالون بها رضا الله عز وجل والدرجات العلا وتكون بهم مصر كما كانت درعا ومنارة للإسلام وأهله، اللهم اجعله قريبا وبأيدينا.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الله عبد الرحمن
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر