- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
فضائح التحرش بالأطفال تلاحق الرهبان وتعرّي الليبرالية!!
الخبر:
تجدد الجدل القديم حول تورط الكنيسة الكاثوليكية في الاعتداء الجنسي على الأطفال، وذلك بعد فضيحة طالت مئات الرهبان في ولاية بنسلفانيا الأمريكية، إزاء اتهامهم بالتحرش الجنسي بنحو 1000 طفل. ووفق تحقيقات المدعي العام في بنسلفانيا فإن كبار الرهبان المسؤولين في كنائس الولاية والفاتيكان تستروا بشكل ممنهج على حالات التحرش الجنسي الواقعة بحق الأطفال. وتعاني المجتمعات الكاثوليكية منذ عقود من اتهامات مشابهة بحق عشرات آلاف الأطفال في مناطق واسعة من العالم. (الجزيرة نت)
التعليق:
فضائح التحرش هذه والانتهاكات المخزية التي قام بها مئات الرهبان بحق الأطفال، والكشف المستمر عن إساءة معاملة قاصرين من طرف رجال دين في عدد من الكنائس حول العالم، وإقرار البابا فرنسيس بفشل الكنيسة الكاثوليكية الغارقة في مستنقع الفضائح في التصدي لمثل هذه الانتهاكات، تدل دلالة واضحة على أن الكنائس أصبحت أوكارا للشذوذ والإجرام، وتضيف صفحة سوداء أخرى إلى تاريخ الكنيسة ورجال الدين الذين أذلّوا أتباعها واستعبدوهم باسم الدين وصكوك الغفران التي أعطوا لأنفسهم الحق في منحها لمن يشاؤون بدعوى التفويض الإلهي للبابا الذي كان سائدا في العصور الوسطى في أوروبا.
ورغم تبني دول الغرب وعلى رأسها أمريكا، الرأسماليةَ؛ عقيدة فصل الدين عن الحياة، أو العلمانية، أو مذهب "دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله"، أو عقيدة الحل الوسط التي كانت نتاجا لصراع طويل بين الشعوب الأوروبية من طرف، ومن طرف آخر الكنيسة والملوك الذين سخّروا الدين خدمة لأهدافهم، والتي قضت بإبعاد الدين وفصله عن الحكم والسياسة والحياة وجعله مجرد شعائر تعبدية وأخلاقيات وسلوك فردي داخل الكنيسة، على الرغم من ذلك إلا أن الرأسمالية وعقيدتها العلمانية التي تجعل الحاكمية للناس من دون الله لم تتمكن من حماية الناس من انحرافات وتصرفات الكنيسة الشاذة واضطهادها واستغلالها لهم. بل إن أمريكا التي تزعم التقدم والتحضر وتتشدق بتأمين حقوق الأطفال والدفاع عنهم، فتتدخل في شؤون الدول الأخرى وتجبرها على سن قوانين لتجريم الزواج المبكر ومنع زواج القاصرات باعتباره انتهاكاً لحقوق الإنسان، نجدها في مقدمة الدول التي تنتشر فيها حالات التحرش الجنسي بالأطفال على يد الرهبان!!
لا تقتصر تلك الجرائم على الكنائس التي حرّفت الوحي وانحرفت عن الفطرة وشرعت بمباركة زواج الشاذين جنسيا، بل هي متفشية في جميع أنحاء المجتمع الغربي، في الشارع والبيت، وفي الحرم الجامعي، وداخل صفوف الجيش والمدرسة، ويتورط فيها قادة سياسيون ورؤساء وأطباء ومدرسون، مما يكشف عن وجود خلل جذري في معتقدات المجتمع الغربي العلماني وفي النظام الرأسمالي الذي أثبت عجزه عن حماية الإنسان وفشله في تقديم الحلول والمعالجات لمشاكله. ذلك النظام الذي أوجد مجتمعات مضطربة تعاني من أزمات اجتماعية وخلقية وروحية واقتصادية معقدة، ليس فقط في بلاد الغرب التي تعتنق المبدأ الرأسمالي عقيدة ونظاما للحياة بل في العالم أجمع الذي ابتلي بتطبيق هذا النظام الفاسد عليه. ذلك لأن آفة التحرش والاستغلال الجنسي والشذوذ والجرائم الأخلاقية بكافة أشكالها هي نتيجة طبيعية لتقديس الحريات لا سيما الحريات الجنسية، والانحراف عن الفطرة البشرية، وربط تحقيق السعادة بتحقيق الملذات الجسدية مما جعل الإنسان كالحيوان لا همّ له إلا إشباع غرائزه إشباعا مجردا من القيم الأخلاقية والروحية والإنسانية.
إن أي عقيدة تحط من قيمة الإنسان، وتخالف عقله، وتسلبه غريزته في التدين هي بطبيعة الحال عقيدة فاسدة وباطلة. وأي نظام بشري ترك حكم الخالق، واتبع حكم المخلوق العاجز المحتاج، هو نظام مخالف لفطرة الإنسان، فاشل في وضع نظام صالح لتنظيم شؤون الحياة. فلا يوجد دين ينظم حياة البشرية جمعاء ويخرجها من تسلط وظلم الكهنة والرهبان ومن فساد وانحطاط الثقافة العلمانية والقيم الليبرالية، غير الإسلام الذي ينظم الغرائز ويوجّهها نحو الإشباع السليم ولا يكبتها ليشيع في النفس البشرية الرضا والاطمئنان دون قمع الآخرين. وهذا كله يزيدنا يقيناً بحاجة البشرية لدولة تحكمها بنظام الخالق المدبر الذي خلق الإنسان ويعلم ما يصلح له، ألا وهي دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة القائمة قريبا بإذن الله.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
فاطمة بنت محمد