- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
في غياب الخلافة
سيعيش مسلمو سريلانكا دائمًا في خوف من بطش المتطرفين البوذيين
الخبر:
فرضت الحكومة السريلانكية، يوم الثلاثاء الموافق 6 آذار/مارس، حالة طوارئ على مستوى البلاد في أعقاب سلسلة من هجمات الغوغاء في منطقة كاندي بوسط البلاد ضد المسلمين على يد متطرفين بوذيين. وقام مئات من البوذيين من السنهاليين، وهي أكبر مجموعة عرقية في سريلانكا، محملين بالعصي والحجارة والقنابل الحارقة بمهاجمة عشرات من الشركات والبيوت والمساجد مما تسبب في إشعال الكثير من النيران. ووفقاً لتقارير إعلامية، فقد قتل شاب مسلم داخل منزل محترق. وذكر أحد النشطاء المدنيين المسلمين، "إن الرجال يتواجدون في الطرقات بحثًا عن المسلمين، بل ويتحققون من الحافلات التي تمر عبر قرى سينهالا". وهناك أيضاً ادعاءات متكررة بأن الشرطة وقوات الأمن يقفون مكتوفي الأيدي بينما يراقبون المنازل ومحلات المسلمين وقد دمرت، وفشلوا في اتخاذ إجراءات ضد هؤلاء الغوغاء وفي اعتقال مرتكبي الهجمات.
التعليق:
تزايدت حدة العنف والتعصب ضد المسلمين في سريلانكا في السنوات الأخيرة بسبب زيادة المجموعات القومية البوذية والحماسة القومية البوذية بين قطاعات معينة من السكان. وفي حزيران/يونيو 2014، وقعت أعمال شغب مميتة ضد المسلمين في مدينتي ألوثغاما وبروالا. فقد كان الرهبان البوذيون المتعصبون، وخاصة من جماعة بودو بالا سينا (قوة السلطة البوذية) والذين يستلهمون من نظرائهم في ميانمار، يحرضون على هذا العنف الطائفي، بمساعدة حلفائهم السياسيين. لذا فإن المسلمين في سريلانكا يعيشون في خوف، يتساءلون عن نوبة العنف التالية أو ما إذا كانت ستؤخذ حقوقهم الدينية. غالبًا ما يشعر المسلمون، سواء في سريلانكا أو في الغرب أو في بلدان أخرى، بأن الطريقة الوحيدة لحماية أمنهم ومصالحهم وحقوقهم هي الانخراط في العملية الديمقراطية للدولة، أو دعم الأحزاب والسياسيين الذين يشعرون أنهم أكثر تأييدًا للمسلمين أو يساريين في سياساتهم. في الانتخابات الرئاسية لعام 2015 في سريلانكا، قام العديد من المسلمين بانتخاب الرئيس الحالي للبلاد، مايثريبالا سيريسينا، على أمل أن يقوم بحملة ضد العنف الطائفي الذي حرضت عليه الحكومة السابقة، بقيادة ماهيندا راجاباكسا، الذي كان له صلات مع جماعة (قوة السلطة البوذية) وكان داعماً للقومية البوذية. تودد سيريسينا لتصويت المسلمين وتعهد بالتحقيق في جرائم الكراهية ضد المسلمين والهجمات بعد توليه السلطة. ومع ذلك، لم يفشل هو وحكومته في إحراز أي تقدم يذكر في هذا الأمر فحسب، بل فشل في الحد من تعبير المتطرفين البوذيين لتعصبهم الديني أو تحميلهم المسؤولية عن العنف الناتج، مما سمح بزيادة وارتفاع شعبية جماعة (قوة السلطة البوذية) والقومية البوذية. في الواقع، فاز الزعيم القومي الشعبي راجاباكسا بانتصار ساحق في انتخابات الحكومة المحلية هذا العام.
إننا بصفتنا مسلمين، يجب علينا أن نفهم أن محاولة ضمان حقوقنا ومصالحنا بمحاولة لعب الألعاب السياسية للنظام العلماني المتصدع سوف تنتهي دائماً بالفشل. فأولاً، علينا أن ندرك أنه في ظل هذا النظام، يقوم الساسة والأحزاب بتقديم الوعود للعالم بالعديد من قطاعات الناخبين من أجل تأمين السلطة، ولكن في أكثر الأحيان، يفشلون في تحقيق ذلك. وبعد ذلك، يركبون موجة المشاعر الشعبية من أجل البقاء في السلطة، بغض النظر عن مدى كراهية تلك المشاعر أو تأثيرها الضار على الأقليات. ففي أعقاب سلسلة من الهجمات على المساجد والشركات التي يملكها مسلمون في سريلانكا العام الماضي، قال حلمي أحمد، نائب رئيس مجلس مسلمي سريلانكا: "لقد التقينا بالرئيس مرتين على خلفية الهجمات على المساجد. ووعد باتخاذ الإجراءات لكنه لم يفعل شيئًا. وعندما التقينا برئيس الوزراء قال إن الحكومة لا تريد أن ينظر إليها الشعب على أنها تعمل ضد الرهبان البوذيين بأمر من المسلمين".
وأما ثانياً والأهم من ذلك، يجب استحضار أن الله سبحانه وتعالى يحرم على المسلمين الانخراط في أي نظام سياسي تُعطى فيه السيادة للإنسان من أجل سن القوانين. ولذلك، فإن محاولة لعب اللعبة السياسية العلمانية الفاسدة لن تؤدي فقط إلى الفشل في هذا العالم، بسبب العجز الفطري لدى السياسيين والبرلمانات على وضع القوانين التي تناسب الجميع، بل إنها ستؤدي أيضاً إلى الخسران في الآخرة. يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلۡنَـٰكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ۬ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ فَٱتَّبِعۡهَا وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ﴾.
إن السبيل الوحيد لرفع الخوف والظلم عن المسلمين في سريلانكا وفي جميع أنحاء العالم هو إقامة دولة في البلاد الإسلامية تمثل حقا مصالح المسلمين والإسلام، والتي ستكون بمثابة الدرع الحامي والوصي عليهم، بغض النظر عن المكان الذي يعيشون فيه. هذه الدولة هي دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. وبسبب غياب هذه الدولة، ملاذ المسلمين المضطهدين، يشعر المتطرفون أنهم يستطيعون تبني وترويج الكراهية ضد الإسلام والمسلمين ومهاجمة المسلمين دون خوف من التداعيات. إنهم يشعرون بالراحة مع حالة اللامبالاة لحكام وأنظمة البلاد الإسلامية اليوم الذين لا يهتمون بالمسلمين ولن يتحركوا لحمايتهم - كما نرى في ميانمار وسوريا وكشمير وأفريقيا الوسطى وفي العديد من الأماكن الأخرى. لكن هذا لن يطول بإذن الله، فبعد إقامة دولة الخلافة، سيظهر للعالم بشكل واضح، بأن هذه الدولة لن تسمح بإيذاء مسلم واحد، مما سيلقي الخوف والرعب في قلوب أولئك الذين يسعون لإرهاب المسلمين. ولقد رأينا، على سبيل المثال، كيف أنه في ظل الحكم الإسلامي، كان السلطان العظيم في الهند المغولية، السلطان أبو المظفر محيي الدين محمد (أورنكزيب عالم كير) قد دمر الإمبراطورية العظيمة لأسلاف النظام البوذي في ميانمار، لإنهاء اضطهادهم للمسلمين داخل أراضيهم والمنطقة ككل. لذا، فإننا ندعو مسلمي سريلانكا إلى رفض السياسة العلمانية العقيمة ووضع تركيزهم وجهودهم على العمل لإقامة دولة الخلافة الراشدة، مما يؤدي إلى رفع حالة الخوف عنهم وضمان تمتعهم بحياة آمنة ومزدهرة في ظل الأحكام الإسلامية.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. نسرين نواز
مديرة القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير