- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
في الديمقراطية البريطانية السيادة هي فقط لبعض الناس
الخبر:
يُذكر بأن اللورد مايكل هيسلتين، نائب رئيس الوزراء المحافظ السابق قال في مقابلة له "حسنا، لقد نجت حكومات العمل من قبل. ضررها عادة ما يكون قصير الأجل وقابلاً للتصحيح. بريكسيت (انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي) ليست بالأمر قصير الأجل وليس قابلا للتصحيح بسهولة. سيكون هناك من يتساءلون عما إذا كان الألم القصير الأجل يبرر تجنب الكارثة طويلة الأمد... إذا ما نظرتم إلى استطلاعات الرأي فمن المحتمل أن تكون الأغلبية الأكبر ضد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ولكني أعتقد بأن ذلك سيستمر وبأنه سيصبح أكثر فأكثر فاقداً للتأييد الشعبي حين يدرك الناس ما هو وراء كل ذلك". واقترح بأن حزب العمال سيستولي على أجواء فقدان شعبية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ما سيغير موقفهم. "عندما يحدث ذلك، سيتحرك حزب العمال، والحكومة الحالية ستُلام وتُحَمَّل المسؤولية. ولكن بعد ذلك عليك أن تدرك بأن الحكومة الحالية تدعمها أعداد كبيرة من الناس في مقابل من يعارض خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مثلي أنا. كم من الوقت سيبقون بعد ذلك في هذه القبلية والموالاة للحزب؟" (الغارديان)
التعليق:
بعد مرور عام ونصف على استفتاء "خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي"، حيث أيدت 52٪ من الأصوات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، يثار نقاش عام متزايد حول احتمال عدم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
حزب المحافظين، الحزب الحاكم والحزب الذي تفضله المؤسسة البريطانية، أقدم على خطأ استراتيجي عندما قامر بالاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وظن بأن الأمر سيكون لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي. وعلى الرغم من اختلاف وجهات النظر حول عضوية الاتحاد الأوروبي داخل حزب المحافظين، إلا أن استراتيجية المؤسسة البريطانية كانت تستخدم منذ فترة طويلة علاقتها مع أوروبا لصالحها، بينما تقاوم الاتحاد السياسي الأوروبي، الذي قد يسيطر في نهاية المطاف على سيادة بريطانيا وقراراتها السياسية الخارجية.
إن الديمقراطية في بريطانيا، والتي تفخر بأنها أقدم برلمان ديمقراطي، لم تحترم أبدا إرادة الشعب، على الرغم من ادعائها بأن الشعب هو صاحب السيادة. فالأشخاص الذين يتمتعون بالسيادة حقا هم الرأسماليون والنخبة من الأثرياء، الذين تمثل مصالحهم جميعا ما يهدف إليه النظام البرلماني. إن المصالح المتنافسة للمؤسسة البريطانية هي العوامل التي تؤثر حقا على القرارات الاستراتيجية والسياسية الرئيسية. إن حزب المحافظين، وجميع تصريحات السياسيين النافذين والتي أُطلقت مباشرة بعد ظهور نتيجة الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والتي كان فيها بيان واضح لإرادة الشعب وبأن هذه الإرادة سيتم احترامها، لم تكن إلا كلمات جوفاء فارغة، كما هو واضح من الفترة التي تلت تلك الأحداث، والتي ظهرت فيها تصريحات حول الحد من الضرر وإيجاد وسيلة لتجنب العواقب السلبية لترك الاتحاد الأوروبي فعليا.
قبل الاستفتاء كان تركيز وسائل الإعلام على الهجرة وأن تسيطر التشريعات من بروكسل على السياسات البريطانية. ومنذ الاستفتاء، توقف هذا النوع من التذكيرات، ما أفسح الطريق أمام الكثير من الأطروحات السلبية حول عواقب ترك الاتحاد فعليا فضلا عن ذكر ما لم يقل للناس قبل الاستفتاء. كان هناك الكثير من الكلام عن بريكسيت ليّن وصعب وسيناريوهات لا اتفاق عليها. وكلها خالية من أية رؤية استراتيجية واضحة لعلاقة بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي. وقد ظلت وثائق التخطيط الاستراتيجي سرية عن باقي أعضاء البرلمان البريطاني، في حين إن هناك الآن دعوات دعائية صاخبة تطالب بنشرها. وإذا ما كان هناك استفتاء ثان الآن، فإن الشعب البريطاني سيكون مستعدا تماما لرفض خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تماما كما كان مستعداً لاحتضان هذه الفكرة من قبل.
كان الهدف الأصلي للاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أن يكون بمثابة صفقة مساومة للحصول على وضع خاص إضافي داخل الاتحاد الأوروبي، حتى تتمكن النخبة البريطانية أن تجني جميع الفوائد الاقتصادية للعضوية، في حين لا تجعل الهيئة التشريعية في بروكسل ذات سيادة. والهدف من جني الفوائد الاقتصادية مع الاعتراف بأقل قدر ممكن من السيادة سيظل هدف المؤسسة البريطانية لفترة طويلة مهما كانت العلاقة الفعلية مع الاتحاد الأوروبي في المستقبل. إن إرادة الأغلبية، وكذا الناس العاديين، لا علاقة لها بهذه الاستراتيجية، التي تقرر مع تجاهل تام للناس، كما هو الحال في كل ديمقراطية.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
يحيى نسبت
الممثل الإعلامي لحزب التحرير في بريطانيا