- الموافق
- 2 تعليقات
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
صندوق النقد يمارس ضغوطاً على الأردن لزيادة الضرائب
الخبر:
قال جهاد أزعور، مسؤول دائرة الشرق الأوسط ووسط آسيا في صندوق النقد الدولي، يوم الأربعاء 20/9/2017، إن الصندوق يمارس ضغوطاً على حكومة الأردن لزيادة ضريبة الدخل، وتوسيع دائرة الخاضعين لها، وذلك في سياق برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي اتفق عليه الجانبان العام الماضي. وأكد في تصريحات صحافية ضرورة قيام الأردن بإجراءات إصلاحية، ومراجعة لقانون ضريبة الدخل، لتعزيز الإيرادات المحلية وتحقيق العدالة في توزيع العبء الضريبي. وقال أزعور "إن الضريبة على الأفراد في الأردن لا تحقق إلا دخلاً قيمته 140 مليون دولار سنوياً، ولا تمثل سوى 0.3% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد".
التعليق:
هكذا هو صندوق النقد الدولي وربيبه البنك الدولي، يناور ابتداء من أجل إغراق البلد في قروض يسميها تنموية، وهي في حقيقتها استهلاكية من الدرجة الأولى ليس فيها قابلية التحول إلى مشاريع إنتاجية، حتى إذا بلغت الدولة حد العجز من سداد الديون أو فوائدها وبدل خدمتها، بدأ بوضع برامجه التدميرية التي يطلق عليها زورا وبهتانا إصلاحية. فيطالب الدولة برفع الدعم عن كثير من السلع التي يحتاجها الفقراء كالخبز والمحروقات. ثم يطالب بفرض ضرائب متنوعة على كثير من السلع، وبفرض رسوم إضافية على كثير من الخدمات، ومن ثم على زيادة الضريبة على دخل الأفراد. وهكذا يغدو كالشيطان الذي يشارك الناس في أموالهم وأولادهم.
وقد اقتربت مديونية الأردن من حافة الإفلاس حين أصبح الدين أكثر من 95% من الناتج المحلي، ما يعني عجز البلد عن سداد القسط السنوي المترتب على ديونها. ونظرة بسيطة على ديون الأردن التي بلغت أكثر من 40 مليار دولار يجد أن هذه الديون لا يوجد ما يقابلها على أرض الواقع من استثمارات ومشاريع بحجم هذه الديون. فالبنية التحتية لم يطرأ عليها أي تحسن يذكر خلال السنين التي تم فيها الاقتراض، فليس لها أثر يذكر في المدارس والجامعات والتعليم بشكل عام، ولم يتم زيادة عدد أسرّة المستشفيات بشكل يتناسب مع كمية المال المقترض، ولم تتحسن الخدمات الصحية للناس، ولم يصبح الجيش أقدر على مواجهة العدو الحقيقي غربي النهر المتمثل في كيان يهود. بل على العكس فقد باعت الدولة حصصها في الملكيات العامة كالفوسفات والمناجم المختلفة والمطارات والاتصالات وغيرها مما تم خصخصته. وبعد أن لم يبق لدى الدولة ما تستعمله لسداد ديونها ها هو الصندوق يفرض عليها أن تمد يديها لأعماق جيوب الناس التي أصبحت فارغة، ولا تكاد تجد فيها شيئا.
وغدت الدولة كما يقول المثل "يداك أوكتا وفوك نفخ".
والحديث عن الصندوق والبنك الدولييين حديث ذو شجون، إذ إنه يجسد لكل ذي بصيرة المشكلة التي تعاني منها الدول كما يشخص الحل الجذري. فالمشكلة ابتداء تكمن في الخضوع للصندوق وقروضه وما يمليه من شروط. وهذه العملية تجسد انتهاك سيادة الدولة وارتهان إرادتها السياسية والاقتصادية لجهة استعمارية صرفة لا ترقب في مؤمن إلا ولا ذمة. وهذه وحدها كافية للعزوف عن الصندوق ورفض قروضه وشروطه جملة وتفصيلا.
ثم إن القروض هي مفاتيح الشيطان لما فيها من ربا مدمر ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ﴾. والربا أداة من أدوات المَحْق ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الْرِّبَا﴾. وهو بلا شك كارثة على أي اقتصاد يعتمد في نمائه واستمراره على الربا. وليس أدل على ذلك من انهيار مؤسسات مالية كبرى تعتمد على الربا، بل وانهيار دول غرقت في الديون الربوية. ولو أن الدولة في الأردن وغيرها من بلاد المسلمين التزمت حكم الله ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾، لو أنها التزمت لَما وقعت في حبال الصندوق السامة التي تلتف كل يوم حول عنقها شبرا أو شبرين.
أما الحلول المسمومة التي يطرحها الصندوق فهي نفسها تشير إلى الحلول الحقيقية. فالضرائب التي يفرضها على الدولة قد حرّمها الإسلام كذلك كما حرم الربا. فلا يحل مال مسلم لأي كان سواء الدولة أو صندوق النقد إلا بطيب نفسه وخاطره. فلا يجوز أن تمتد يد الدولة إلى حسابات الناس ورواتبهم ومداخيلهم، فهي أموال اكتسبوها بحق ولا تؤخذ منهم إلا بحق، وليس في الأموال حق غير الزكاة أو الخراج. ولو سأل سائل: فمن أين للدولة أن تنفق إذاً، لجاء الجواب بأن الذي شرع للفرد مالاً يتملكه وينميه ويستثمره، قد شرع للدولة أيضا مالاً تنميه وتستثمره وتستعمله في حاجاتها. فهي ليست بحاجة للقروض ابتداء بسبب ما تملكه من مال فرضه الله لها، وليست بحاجة لفرض الضرائب على الناس لتنفق منه لما لها من مال وأصول مالية. ثم إن الشرع قد جعل الدولة وكيلة في أموال الملكيات العامة كالطاقة النفطية والبديلة والمياه والمراعي والأنهار والبحار والممرات المائية والجوية، وهي كفيلة بتغطية حاجات الناس جميعا في الدولة فلا تحتاج الدولة للاقتراض ابتداء ولا بفرض الضرائب انتهاء.
ولعل أبشع ما يكون في برامج الصندوق، هي تلك الحلول التي في ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب. وذلك مثل المحافظة على استقرار سعر صرف عملة البلد كالدينار في الأردن. هذا الاستقرار عند سعر يكاد يكون ثابتا بالنسبة للدولار عند حد لا يتناسب إطلاقا مع فقر البلد وديونه الكثيرة وقلة موارده. فظاهره في كلمة الاستقرار خير، وباطنه في حقيقته شر. إذ إن استقرار سعر الصرف يخدم بالدرجة الأولى الصندوق البغيض والدائنين، إذ إن جزءًا كبيرا من قسط الدين السنوي يتم سداده بالنقد المحلي أي الدينار، وبالتالي فإن استقرار سعر الصرف يعني المحافظة على جزء كبير من مستحقات الصندوق. ومن أجل المحافظة على سعر الصرف لا بد من إيداع كمية كبيرة من الدولارات تربو على 10 مليارات دولار لدى البنك المركزي وبنوك يحددها الصندوق. وهذه الأموال وحدها كافية لرفد اقتصاد البلد بحيث لا تحتاج إلى ديون الصندوق. ثم إن المحافظة على سعر صرف عالٍ للدينار يعني بالضرورة تشجيع الاستيراد من نفس الدول الدائنة لشراء بضائعهم. ولو أن الدولة اعتمدت قاعدة الذهب لعملتها لحفظت سعر صرف عملتها دون أن تضطر لحجز جزء كبير من أموالها للحفاظ على سعر الصرف.
فالحاصل أن مشكلة الأردن كغيرها من الدول ليست مع الصندوق أصلا ولكنها مع شرع الله الحكيم، فكلما ابتعدت عنه خطوة اقتربت من الظلم خطوات، وكلما أدارت له ظهرها سلط الله عليها من لا يخافها ولا يرحمها، وليس أشد ظلما وجورا من صندوق النقد والبنك الدوليين.
﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. محمد الجيلاني
وسائط
2 تعليقات
-
جزاكم الله خيرا وبارك جهودكم
-
جزاكم الله خيرا وبارك جهودكم