- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الخلافة ترياق الأمة المفقود
ونحن في ذكرى شهر رجب، إذ تمرُّ الأمة بأيام حالكة، وذكرى مؤلمة أليمة، ألا وهي هدم نظام الإسلام من الحكم المتمثل في دولة الخلافة سنة 1342هـ، الموافق 1924م، هذا النظام الفريد الذي شهد العالم أعظم حضارة أوجدها، والتي استمرت ثلاثة عشر قرناً من الزمان، وفي نقاط أبين لكم عظمة الإسلام في نظرته للحكم، وكيف أنه عالج المشاكل السياسية والاجتماعية، ومن ثم نأخذ أمثلة تبين نظام الإسلام من التاريخ، ونقارنها بواقعنا اليوم.
ونبدأ بنظام الحكم في الإسلام؛ وهو نظام الخلافة الذي هو رئاسة عامة للمسلمين في الأرض جميعا، لتطبيق أحكام الشرع، ورعاية الناس به في الداخل، وحمله رسالة هدى وخير للعالم بالدعوة والجهاد، وهو نظام حكم يختلف عن بقية الأنظمة القائمة اليوم في عالمنا؛ فهو ليس ملكياً، ولا جمهورياً، ولا مدنياً، ولا عسكرياً، بل هو نظام خلافة يستمد تشريعاته من الشرع الإسلامي وحده لا غير، ومن ضمن أجهزته الخليفة؛ وهو رئيس الدولة، وله معاونون ووزراء، والخلافة هي حكم شرعي بأدلتها التفصيلية من الكتاب والسنة، وإجماع الصحابة، ولها طريقة شرعية محددة بيّنها الله عز وجل في كتابه، والنبي عليه الصلاة والسلام في سنته، ومن الأدلة قال تعالى: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾، وخطاب الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، خطاب لأمته ما لم يرد التخصيص، وهنا لا تخصيص في هذه الآية، فيبقى الأمر على عمومه. وأيضاً قول النبي عليه الصلاة والسلام: «وَإِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ»، وقوله عليه الصلاة والسلام: «إِذَا بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ فَاقْتُلُوا الْآخَرَ مِنْهُمَا»، وكذلك إجماع الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، على تقديم إقامة الخليفة أبي بكر رضي الله عنه، على مواراة جثمان النبي عليه الصلاة والسلام الثرى، والذي ظل مسجى في فراشه ثلاث ليال. نعم هذه الألة التي سقناها تؤكد فرضية هذا النظام، بل هو تاج الفروض كما ذكر العلماء. هذا النظام الفريد قد عاشته البشرية ثلاثة عشر قرناً من الزمان، في أمن، وطمأنينة، وعدل، لم تشهده من قبل، ووصل الحال بغير المسلمين، المطالبة بتحكيم النظام الإسلامي عليهم. هذه لمحة من نظام الحكم في الإسلام.
ثم إذا نظرنا لكيفية معالجة الإسلام للمشاكل، ومنها السياسية، نجد أن الإسلام له نظرة خاصة للأمور، مثلاً العلاقات مع الدول، لا تقوم إلا على أساس الإسلام، كما كان يفعل عليه الصلاة والسلام، في ظل دولة الإسلام، من إرسال رسائل إلى الملوك والحكام في عصره، باعتباره رئيس الدولة، والحاكم الفعلي للمسلمين، وكذلك كانت دولة الإسلام ترعى شؤون الناس، وتعالج مشاكلهم، فهذا عمر بن الخطاب يخاف أن يسأله الله عن عثرة بغلة لم يسوِّ لها الطريق، ناهيك عن إنسان بكامله، وهذا عمر بن عبد العزيز، بعد أن عالج مشاكل دولته في فترة حكمه، والتي كانت عامين فقط، وصل به الحال أن أمر بنثر القمح على سفوح الجبال، حتى لا يقال جاع طير في بلاد المسلمين.
هكذا كان حالنا عندما كانت لنا دولة تمثلنا، أما اليوم فحكامنا لا يمثلون إلا الكافر المستعمر، فيعملون على إفقارنا وتفريقنا، حتى يسهّلوا مهمته في الاستيلاء على ثرواتنا، وامتصاص دمائنا.
وكذلك لو أخذنا لمحة عن الجانب الاجتماعي في الإسلام، فالنساء اللاتي سطرن التاريخ الإسلامي بمواقفهن، ونحن في ذكرى سقوط الخلافة، نذكر كيف أن الإسلام أكرم المرأة وبيّن حقوقها، فهي أمّ ومربية أجيال. فقد فرض عليها العمل للإسلام كما فرضه على الرجال، قال الله تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ وهذا قول عام دون تخصيص، فيشمل الرجال والنساء، وهو أشرف الأعمال؛ الدعوة إلى الله، والشاهد على ذلك عند بزوغ فجر الإسلام في مكة، النساء اللاتي أسلمن، وحملن الدعوة مع رسول الله ﷺ إلى تمكين الإسلام، وإقامة نظامه؛ الخلافة، وتثبيت أزواجهن على ذلك. فقد ذكر ابن حبان وغيره جملة من الأسماء، هن خديجة بنت خويلد رضي الله عنها؛ زوج النبي ﷺ، فقد بادرت بالإيمان بالله تعالى، وبرسوله ﷺ، وقد قالت للنبي ﷺ، أبشر يا ابن عمي، اثبُت فوالذي نفس خديجة بيده، إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة، وكان جبريل يقرئها السلام فترد خديجة، الله السلام، ومنه السلام، وعلى جبريل السلام. وسمية بنت الخياط، وتثبيتها لزوجها ياسر بن عامر، حتى لقيا ربهما رضي الله عنهما، لتصبح أول شهيدة في الإسلام. وأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، فقد كان لها أثر كبير في نجاح هجرة النبي ﷺ، وسميت بذات النطاقين. وأم عمارة نسيبة بنت كعب المازنية رضي الله عنها، وأم منيع، ودورهما في المرحلة المكية، ومشاركتهما في بيعة العقبة الثانية بيعة الحرب.
إن دور المرأة في الحياة الإسلامية عظيم، وهي والرجل أمام التكاليف الشرعية سواء، أما دور المرأة في المجتمعات الغربية، فهي سلعة للعرض فقط، وإشباع الغريزة، لا محل لها عندهم يذكر، ويريدون أن ينقلوا هذه المفاهيم الشاذة إلى بلادنا، بعد أن هدموا دولتنا، وغيروا مناهجنا، وبدلوا ثقافتنا إلى ثقافة الغرب، عبر بث المسلسلات، والأفلام، والثقافات، والمنتديات، والاتفاقيات مثل اتفاقية سيداو؛ التي تسلخ المرأة عن دينها، ودورها الذي فرضه الله عز وجل عليها، من أنها أم، ومربية أجيال وصانعة أبطال، ولكن خاب فألهم، وطاش سهمهم، وإنّا إن شاء الله مع عزيمة الرجال، وتوعية الأمة، سنعيد خلافتنا، ونحقق وعد ربنا سبحانه، وبشرى رسولنا ﷺ، فالله تعالى يقول: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾، وبشّر الرسول ﷺ حيث جاء في مسند الإمام أحمد أنه قال: «تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكاً عَاضّاً فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكاً جَبْرِيَّةً فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ. ثُمَّ سَكَتَ».
وبذلك نكون قد قدمنا الترياق للأمة، وعادت لها عافيتها في جميع نواحي الحياة؛ السياسية، والاجتماعية، والعلاقات الخارجية، وما ذلك على الله بعزيز، فشدوا العزم مع العاملين، الساعين لإقامة نظام رب العالمين في الأرض؛ حزب التحرير الرائد الذي لا يكذب أهله، حتى نفوز في الدارين.
#أقيموا_الخلافة
#ReturnTheKhilafah
#YenidenHilafet
#خلافت_کو_قائم_کرو
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الدكتور علي عباس – ولاية السودان