الإثنين، 30 شوال 1446هـ| 2025/04/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الخلافة الراشدة الموعودة بين حزبها الرائد وجُندها الأنصار!

 

لقد كانت قضية الاستخلاف والتمكين، ولا تزال، هي قضية الإنسان منذ أن عهد الله إليه بالخلافة في الأرض، وهي مسألة تكليف أكثر منها تشريف، حيث قال تعالى مخاطبا ملائكته في ملئه الأعلى: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾، ثم إن الله سبحانه وتعالى لم يترك الإنسان على هذه الأرض هملاً يستهدي بعقله العاجز عن الإحاطة بتقلبات الحياة ودخائل النفوس، بل أرسل الرسل وأنزل الكتب، ليقوم الإنسان بالخلافة عن الله في الأرض على أساس الحاكمية لله وحده لا شريك له، وفي هذا سعادة الدنيا والآخرة!

 

لكن المجتمعات في أي زمان ومكان حين تبتعد عن منهج الله ويصيبها الركود والغفلة، تتحكم فيها الغرائز وتنشأ عندها أفكار وتصورات تستند إلى حاكمية البشر، يتعارف عليها الناس ويتخذونها قوانين وأحكاماً يعيشون على طريقتها حياتهم كواقع يصعب عليهم تجاوزه ومفارقته، ويعتبرون الخروج عنها فيه ضرباً من الخيال أو الجنون، وبطبيعة الحال فإن دعوة الحق حين تُبعث في هكذا مجتمع تكون غريبة وأهلها غرباء يُتَّهمون بين قومهم بالعمالة والجنون، إذ إن أفكارهم وتصوراتهم لا تتفق مع تصورات المجتمعات القائمة من حيث الأصل والفرع، ولسان حال الناس تقول: ما هذا الذي جئتم به؟!

 

ولذلك فإن قضية الاستخلاف والتمكين في الأرض كانت ولا تزال هي القضية الجوهرية في دعوة الأنبياء والرسل صلوات عليهم أجمعين.

 

ولما كانت دعوة الإسلام عالمية خالدة حتى قيام الساعة، فإن نبينا محمداً ﷺ قد أشار إلى غرابة الإسلام في تأريخ الدعوة الخالدة ولخصها في الحديث الذي نستلهم منه أهمية الاستخلاف والتمكين الذي تزول به الغرابة عن الإسلام، ونتأسى بطريقته العملية ﷺ في إنجاز الواجب المحتوم على أبناء الأمة الإسلامية تجاه هذه القضية، حيث قال رسول الله ﷺ: «إِنَّ الدِّينَ بَدَأَ غَرِيباً وَيَرْجِعُ غَرِيباً فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ الَّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ مِنْ بَعْدِي مِنْ سُنَّتِي» رواه الترمذي.

 

والمؤمن الصادق في زماننا هذا الذي تتوق نفسه إلى استئناف الحياة الإسلامية وإعادة أمجاد الأمة من جديد، هو المؤمن الفطن الذي أدرك فرضية العمل لإقامة دولة الخلافة الراشدة الموعودة التي بشر رسول الله ﷺ بقيامها على أنقاض هذا الحكم الجبري الذي أقصى الإسلام عن الحكم، وهي ليست إلا بشرى للعاملين المخلصين، المتسنّمين طريقة رسول الله ﷺ لإقامة الحكم بما أنزل الله في واقع الحياة، حيث كانت المدينة المنورة هي عقر دار الإسلام الأول بقيام دولة الإسلام التي على إثرها زالت الغرابة عن الإسلام، وتحقق الاستخلاف والتمكين في حياة الناس وتوسعت الفتوحات وأصبح الناس ينعمون في ظلال حكم الإسلام ونظامه، إلى أن جاءت الفاجعة الكبرى بهدم دوله الخلافة العثمانية عام ١٣٤٢هـ - ١٩٢٤م، وعاد الإسلام غريبا كما بدأ غريباً، فأي رجال الأمة المخلصين في هذا العصر هم الغرباء أهل طوبى العاملون للاستخلاف والتمكين الموعود؟ وأي جند الأمة هم الأنصار الشرفاء الذين يؤيد الله بهم دعوة هؤلاء الغرباء المتسنّمين طريقة رسول الله ﷺ في إقامة الدولة الإسلامية الأولى؟

 

والمتدبر في سيرة رسول الله ﷺ تتجلى له معالم الدعوة التي تجمع بين غرباء الإسلام في عهد النبوة والغرباء المستبشرين في هذا الزمان بإقامة دولة الخلافة الراشدة الموعودة، حيث تجسدت هذه المعالم في وجود أمة من الناس في صورة حزب مبدئي يحمل مشروع الإسلام، يتحقق على يديها وجود القناعة في قادة من رجال أهل القوة والمنعة لإبرام بيعة الحكم والنصرة، لتسلم القيادة المخلصة زمام الأمور في المجتمع، ولقد كان المهاجرون رضوان الله عليهم هم الرجال الذين كتلهم رسول الله ﷺ ليجسدوا معه الدور العملي للجماعة المبدئية بقيادته ﷺ، وكان الأنصار رضوان الله عليهم هم أهل القوة والمنعة الذين استجابوا لدعوة الإسلام واستبشروا بنصرته في بيعة جزاؤها الجنة، ولم تأت استجابة الأنصار محض صدفة، بل نتيجة فرضها الإيمان والثبات على الطريقة الشرعية التي سار عليها الأسوة الحسنة رسول الله ﷺ بأمر من الله، حيث قال تعالى: ﴿وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا﴾، فقد ثبت أن رسول الله ﷺ خرج إلى قادة القبائل داعياً إياهم للإسلام والنصرة، ولم يحد عن هذا الأمر بالرغم من مشقة هذه المهمة التي لاقى في سبيلها الاستهزاء والمخاطر، وفي حادثة الطائف آية وعبرة لثبات رسول الله ﷺ على هذا الأمر حتى شاء الله أن ينجز وعده بالاستخلاف والتمكين بإيمان قادة الأوس والخزرج (الأنصار رضوان الله عليهم).

 

وعلى هذا الأساس فإن حزباً رائداً في هذه الأمة قد قطع على نفسه عهداً أن يسير على طريقة رسول الله ﷺ في إقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، وهو إذ ينادي اليوم المخلصين في جند الأمة وجيوشها لمد يد البيعة لإقامة الحكم بما أنزل الله، ألا وهو حزب التحرير الذي يعمل مع الأمة وبينها لاستئناف الحياة الإسلامية وإعادة أمجاد الإسلام بإقامة الخلافة الراشدة.

 

وفي هذا الظرف الذي أيقن أبناء الأمة خذلان الحكام وحقيقة عمالتهم وفساد أنظمتهم فإن حزب التحرير هذا يدعو أبناء الأمة لاستنهاض جيوش الأمة لنصرة قضايا الأمة وتوجيه الرأي العام لإنجاز البشرى النبوية في قيام الخلافة الراشدة، وحسم المعركة مع اليهود، حيث قال تعالى: ﴿فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً﴾ فأي الجند هم أهل الشرف العظيم الذي ظفر به أنصار رسول الله ﷺ؟

 

لقد آن الأوان للمآسي والآلام التي تحرك لها الجماد أن يتحرك لها جند الله الميامين لنصرة الإسلام، فهذا رباط عسقلان ثابتاً لا زال ينادي، فأي جند للإسلام يأخذون وسام الشرف بدخول بيت المقدس فاتحين كما فتحت في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه؟ أي جند يقولون: نحن لها فيكتبهم التاريخ في أروع صورة، ويثني عليهم المؤمنون كلما قرأوا ﴿فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً﴾؟

 

يا أحفاد الأنصار: لقد آن الأوان أن تدركوا معنى الجندية في الإسلام، وأن حياتكم الحقيقية هي في نصرة دينكم، فكم قادة ماتوا في سبيل الإسلام وهم أحياء، وكم قادة عاشوا قبلكم وهم في حقيقة الأمر أموات، ولما ماتوا على خذلانهم لم يحزن لهلاكهم أهل السماء وأهل الأرض، فكيف بكم وقد شهدتم صراخ الطفل والمرأة والعجوز يطلبون نصرتكم لتنقذوهم من بطش كيان يهود الذي استباح دماء المسلمين وعلى أرضهم؟! إنه لعار وشنار وإثم كبير أن تظلوا في حراسة حكام السوء الذين عطلوا شرع الله وأحلوا بلاد المسلمين لحكم الكفار، فالخلافة الخلافة هذا أوانها فكونوا رجالها الأخيار، فلا تترددوا عن الإقدام لهذا الشرف العظيم فإن الله غالب على أمره ﴿وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمؤْمِنِينَ﴾ ولكم أن تتصوروا روعة المشهد حين تعانقكم هامات الأمة الإسلامية وتفاخر بكم، بل وتسير معكم ما دمتم في نصرة دينها، لكم أن تتصورا حين تدخلون المسجد الأقصى مهللين ومكبرين تحملون راية العقاب ولواء الإسلام في ظل خلافة راشدة يعز الله بها المسلمين وما ذلك على الله بعزيز!

 

أيها الأنصار الجدد، يا شرفاء الأمة: هل فيكم الراشدون الواثقون بدين الله ووعده؟! هل فيكم الكيس الفطن الذي أيقن بضعف عدوه الذي لا يقوى على الصمود في ساحات الوغى لهشاشة عقيدته وبطلانها؟ فاقرعوا جرس النصر ولا يغرنكم سلاح عدوكم فإنما هو سلاح على ظهر حمار، جاءكم به ليكون غنيمة بأسكم وشجاعتكم، فأنتم ذخر الزمان وفخر الأمة في هذه المواطن، فكونوا الطائفة المنصورة وسيروا مع الحزب المجدد الذي يرجو لكم خير الدنيا والآخرة، وانهضوا من سباتكم، ولا يفوتنكم أن الأمر كله بيد الله، فلو اجتمعت الإنس والجن على أذيتكم، فلن يضروكم إلا بشيء قد كتبه الله عليكم.

 

أيها الضباط البواسل والجنود الأبرار، يا أهل الحلقة والبأس الشديد: زمجروا بأعلى صوتكم وانزعوا ثوب الهزيمة والتخاذل عنكم، هبوا إلى العلياء، إلى رضا ربكم، إلى جنة عرضها السماوات والأرض، اعقدوا العزم على تلبية النداء، واصدحوا ملء الحناجر.. لبيك اللهم لبيك.. لبيك تخرج من أفواه البنادق.. لبيك تشعل الأرض لظى تحت أقدام كل زنديق آبق.. لبيك تزيح عن كاهلنا هذا الزمن الغاسق.. لبيك ترجع العزة من كل فاسق.. تنشر الحق في كل المناطق.. لبيك تجعل راية الإسلام للسحب تعانق.. لبيك تثلج صدر من كان للخلافة عاشق.. لبيك تهز عرش كل منافق.. لبيك اصدح بها يا أخي قبلما الحياة تفارق!!

 

اللهم قد بلغت، ولا يعجزك أن تنزع هذا الملك الجبري ولا يعجزك أن تؤيد العاملين لإقامة دينك بقوم لا يكونون أمثال الذين صموا آذانهم واستكبروا ولم يلبوا نداء الإيمان، حيث جاء في محكم كتابك ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾.

 

هذه ذكرى لمن كان له قلب أن الخلافة الراشدة الموعودة قادمة، وهذا حزبها الرائد يعمل مع أمته دون كلل ولا ملل لطلب النصرة من أهل القوة والمنعة، وإن معركة الحسم للقضاء على يهود قد جاء أوانها، وغداً ترتفع راية العقاب في بيت المقدس، وعداً غير مكذوب وإن غدا لناظره قريب بإذن الله!!

 

شمس الخلافة قد أثار بشيرها *** مهجاً تتوق إلى الجهاد وترقب

جيش الخلافة لا محالة قادم *** نعم الجنود جنودها والموكب

الله أكبر عزنا في ديننا *** الله أكبر قوة لا تُغلَب

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

رمزي راجح – ولاية اليمن

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع