الخميس، 26 شوال 1446هـ| 2025/04/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

القانون الدولي لا يحقق النجاح للبلاد الإسلامية

 

(مترجم)

 

نشرت صحيفة وول ستريت جورنال مؤخراً مقالاً قوبل بردود فعل غاضبة، كان عنوان المقال "إذا كان بإمكان الهنود والباكستانيين الانتقال، فلماذا لا يستطيع أهل غزة ذلك؟". وقارن المقال بين غزة وتقسيم باكستان والهند لتبرير فكرة حرمان أهل فلسطين من حق العودة إلى أرض فلسطين.

 

يذكر المقال (أن عمليات نقل السكان لم تكن من اختراع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، المُصرّ على السيطرة على قطاع غزة وتفريغه بنقل الفلسطينيين إلى الدول المجاورة)، و(هناك أمثلة كثيرة من القرن العشرين، مثل تقسيم الهند عام 1947. لا أحد يتوقع من باكستان أن تُغيّر تركيبتها السكانية الدينية بمنح حق العودة لأحفاد اللاجئين الهندوس والسيخ. فلماذا يختلف الأمر بالنسبة لإسرائيل؟)، كما يقول المقال، مُشيراً إلى الحجة القانونية للفلسطينيين بأن للاجئين وأحفادهم الحق في العودة إلى الأرض التي هُجّروا منها.

 

كان رد الفعل العنيف نابعاً من القلق بشأن تداعيات حول تطبيق القانون الدولي في حال صدور قرار الاستيلاء على غزة وتهجير أهلها قسراً، لكان الخوف من أن تكون التداعيات وخيمة، إذ سيُسهِم في تطبيع التهجير القسري كحلٍّ للنزاعات، وشرعنة احتلال يهود لفلسطين، من بين أمور أخرى. إن الترويج لمثل هذا الحل كردٍّ مشروع على النزاعات سيُشكّل سابقةً خطيرةً، فلماذا لا يُمكن استخدامه في حالة كشمير أو أوكرانيا قريباً؟

 

كان هذا الخوف والفهم سببَ رد الفعل العنيف، لكن بالنسبة لنا، يُشير هذا أيضاً إلى فهمٍ لكيفية عمل النظام الدولي. وبينما قد يجادل المختصون في القانون بوجود العديد من التفاصيل الفنية في مثل هذه الحالات، فقد رأينا كيف يبنى القانون الدولي على قرارات سياسية وقانونية سابقة؛ وكيف تتأثر العلاقات بين الدول بتصريحات السياسيين؛ وكيف يعزز قادة الدول القوانين الدولية الحالية من خلال استنادهم الدائم إليها.

 

عندما أراد نتنياهو تبرير رده على أحداث السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023م، أشار إلى رد أمريكا على أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001. وعندما أرادت مصر تبرير قرارها بالسماح لكيان يهود بمواصلة استخدام ممراتها المائية، أشارت إلى اتفاقية الهدنة لعام 1949 واتفاقيات عام 1967. وهناك أمثلة أخرى كثيرة مماثلة، تحدث يومياً في العلاقات الدولية، بما في ذلك استشهاد بوتين بمواد في القانون الدولي لتبرير غزوه لأوكرانيا.

 

هذه التصريحات والقرارات ليست عفوية، بل صادرة عن قصد وفهم ورغبة في مواصلة العمل ضمن حدود القانون الدولي. ولذلك، لن يُفلح القانون الدولي في تحقيق النجاح للبلاد الإسلامية.

 

سيجادل مؤيدو القانون الدولي بأننا قادرون على تغييره، وأن هذا سيجلب النجاح للبلاد الإسلامية. إنهم يغرسون هذا المفهوم في أذهاننا، بحجة أننا لن ننجح إذا رفضنا الالتزام بالقانون الدولي، وأننا سنكون في وضع غير مواتٍ، وسيضر ذلك بالشعوب، إذا لم تلتزم الحكومات بقيم وأعراف النظام الدولي.

 

وعندما نتساءل عن سبب عدم جني ثمار ذلك حتى الآن، يُقال لنا إن الأمر يتطلب وقتاً. ولكي نشهد تغييراً حقيقياً في القانون الدولي (تغييراً يفيد البلاد الإسلامية) علينا التحلي بالصبر. مع مرور الوقت، سننال الاستقلال، وسنتمكن من نصرة الإسلام، وسنضمن حصول كل بلد على حقوقه.

 

حتى لو كان هذا يعني قبول حق يهود في فلسطين، أو يتطلب من باكستان التحرك نحو تطبيع علاقاتها مع الهند، على الرغم من استمرار الصراع حول كشمير.

 

لا يهم إن كانت هذه السياسات والخطط والأفكار والقيم تضرّ بنا كأمة، فهي مرتبطة بالقانون الدولي، ويجب اتباعها. لأنها السبيل الوحيد لمواصلة طريقنا الذي سيقودنا في النهاية إلى النجاح. إذا تعثرنا أو غيّرنا آراءنا، فهذا يعني أننا نعزل أنفسنا عن العالم، وهذا سيؤدي إلى سقوطنا.

 

لكن عندما ننظر إلى القانون الدولي، ماذا قدم لنا سوى الحروب والصراعات، إلى جانب استغلالنا واضطهادنا في جميع البلاد الإسلامية؟

 

لماذا نعتقد أن هذا سيتغير، في حين إن كل قرار يتخذ في القانون الدولي يشير إلى سوابق ومعاهدات أُبرمت بعد هدم الخلافة وتقسيم بلاد المسلمين؟ وأن الحكام في كل مرة يفعلون ذلك فهم يعززون تلك القوانين ويضمنون عدم تغييرها؟

 

(القانون الدولي هو في جوهره مجموعة من القواعد والمعايير القانونية التي تستند إلى قيم مشتركة داخل المجتمع الدولي، وتعمل كإطار لتوجيه سلوك الدول وتعزيز التعاون من خلال تحديد توقعات بشأن السلوك المناسب في مجالات مختلفة مثل الحرب والدبلوماسية وحقوق الإنسان والاقتصاد؛ وفي جوهرها، تشكل المعايير والقيم الأساس الذي يُبنى عليه القانون الدولي ويُطبق عليه، حتى وإن لم يُنص عليه صراحةً دائماً في المعاهدات أو الاتفاقيات... ومن الجوانب المهمة للقانون الدولي القانون العرفي، الذي ينشأ من ممارسات الدول والرأي القانوني "الاعتقاد بأن الممارسة ملزمة قانوناً").

 

ألا ينبغي لنا أن نتوقف عن اعتبار القانون الدولي حلاً لمشاكلنا ووسيلة للنجاح؟ ألا ينبغي لنا أن نتوقف عن الخوف من السعي وراء النجاح كما يمليه الإسلام، أي الابتعاد عن النظام العلماني، وإقامة الدولة الإسلامية، حيث تكون القوانين مبنية على القرآن والسنة؟

 

وأي شهر أفضل من رمضان للتقدم نحو هذا الوضع؟ بقراءة القرآن وتفسيره ودراسة السيرة والحديث، ألا يكون من الرائع أن نفهم أن هذه ليست مجرد قصص من الماضي؟ إنها رسالة الله إلى الأمة الإسلامية جمعاء، رسالة تحثنا على طاعته، والوحدة كأمة مسلمة، والعيش في ظل نظام يحمينا.

 

ألا ينبغي لنا أن نستغل هذا الوقت لفهم كيفية تغيير النظام، حتى نتوقف عن اعتبار إقامة الدولة الإسلامية واقعاً مثالياً أو حلماً بعيد المنال لا يمكن أن يتحقق في عالمنا المعاصر؟ لقد نجح النبي ﷺ وأصحابه يوم لم يكن أحد يصدقهم، فلماذا لا ننجح هذه المرة، ووعد الله ما زال قائما؟

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

فاطمة مصعب

عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع