- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
مسلمو سريلانكا لا بواكي لهم!
إنّ الجروح النازفة في جسد الأمة الإسلامية كثيرة وتتزايد مع غياب الدرع الحامي والخليفة الراعي، وأحد هذه الجروح النازفة هي مأساة مسلمي سريلانكا. وسريلانكا أو جزيرة سيلان أو سرنديب أو جزيرة الياقوت كما كان يطلق عليها العرب قديماً هي جزيرةٌ تقع في المحيط الهندي جنوب الهند، وقد يستغرب بعض الناس من أنّ الإسلام قد وصل إلى سريلانكا في القرن الهجري الأول وذلك عن طريق التجّار المسلمين الذين وصلوا إلى تلك المنطقة ودخل أهلها فيه لِمَا رأوه من حسن أخلاق أولئك التجار ومعاملتهم وأمانتهم ولِما سمعوه منهم عن هذا الدين.
يعيش المسلمون في شرق ووسط سريلانكا، خاصة في منطقة كاندي (وسط)، وتقدر نسبة المسلمين في الجزيرة من سكان الجزيرة بـ9.7% بحسب إحصاء رسمي لعام 2012، ولكن هذه النسبة قد تكون تغيرت بسبب تزايد أعدادهم منذ إجراء هذا الإحصاء، ويقدر عدد المساجد بألفي مسجد موزعة على المدن والقرى المهمة التي ينتشرون فيها، كما أنَّ لهم مدارس ومعاهد إسلامية خاصة، وتشير بعض المصادر إلى أنّهم يعتبرون الفئة الأكثر تعليما في البلاد.
لقد عانى مسلمو سريلانكا من الدول الاستعمارية التي تعاقبت على الجزيرة؛ البرتغال وهولندا وبريطانيا، وواجهوا تحديا من البعثات التبشيرية المدعومة من السلطات الاستعمارية الهولندية والبريطانية، وكذلك عانوا ولا زالوا يعانون من إجرام البوذيين كما يعاني إخوانهم مسلمو الروهينجا في ميانمار؛ نتيجة حقد البوذيين الوثنيين على الإسلام والمسلمين، وخوفهم من ازدياد أعداد المسلمين في تلك المناطق، حيث يتعرض مسلمو سريلانكا للإقصاء، وتُستهدف مساكنهم ومتاجرهم ومساجدهم، ويتعرضون للقتل والتعذيب، ويضيّق عليهم في أداء شعائرهم وعباداتهم، وقد عانوا بشدة من الحرب الأهلية بين التاميل والسنهال خلال الفترة بين عامي 1983 و2009م، إذ قامت حركة التمرد التاميلية حينذاك بتشريد أكثر من سبعين ألف مسلم من شمال البلاد، كما قتل فيها المئات من المسلمين. وفي آذار/مارس 2006، قتل أربعة مسلمين وأصيب آخرون بجروح في انفجار قنابل يدوية ألقاها مجهولون على مسجد مدينة أكاراباتو التي تبعد 350 كيلومترا شرق العاصمة كولومبو، حيث كان مئات الأشخاص يصلون. كما شن بوذيون هجمات عنيفة على مسجد بأحد أحياء العاصمة في آب/أغسطس 2013، مما جعل المسلمين يغلقون المسجد وينقلون مكان عبادتهم إلى مسجد قديم. وتجددت أعمال العنف التي استهدفت المسلمين في حزيران/يونيو 2014، مستهدفة منطقتين سياحيتين ساحليتين تسكنهما أغلبية من المسلمين، ووقف وراءها بوذيون، أدت إلى مقتل أربعة أشخاص وإحراق مئات المنازل والمحلات. وفي عام 2017، تمَّ تنفيذ أكثر من عشرين هجوما على المسلمين على مدى شهرين في منطقة جينتوتا على بعد 115 كيلومترا جنوب العاصمة، تضمنت إحراق شركات يملكها مسلمون وهجمات بقنابل بنزين على المساجد. وفي بداية آذار/مارس 2018، دُمرت منازل ومتاجر مملوكة للمسلمين في منطقة كاندي على خلفية اشتباكات بين بوذيين ومسلمين أدت إلى سقوط قتلى، ودفعت السلطات لإعلان حالة الطوارئ. واندلعت الأحداث بعد أن هاجمت مجموعة من الشباب المسلمين سائق شاحنة ينتمي للطائفة البوذية من العرقية السنهالية، بعد وقوع حادث مروري، وهو ما أدى إلى مقتله في منطقة ديجانا، وقتل شاب مسلم في السابع من آذار/مارس 2018 بعد تعرضه للاختناق جراء احتراق منزل في المنطقة نفسها. وفي 15/5/2019 أقدمت مجموعة معادية للمسلمين في سريلانكا على إضرام النار في مصنع شمالي العاصمة كولومبو، فيما حصلت جرائم قتل واعتداء على المسلمين في الفترة نفسها.
واليوم وبالإضافة إلى هذه الجرائم وغيرها تستغل السلطات السريلانكية مدفوعة من الرهبان البوذيين المتطرفين، تستغل جائحة كورونا لنشر الخوف من الإسلام، والأدهى والأمر بأنّ بعض المنظمات الإعلامية البارزة والقوميين المقربين من الحكومة الحالية قاموا بإلقاء اللوم على المسلمين بأنهم مسؤولون عن انتشار الفيروس في البلاد كما فعلت جارتهم الهند، وفوق ذلك قامت السلطات السريلانكية بحرق جثث المسلمين المصابين بكورونا رغم رفض أهلهم لذلك، بل إنّه ثبت عدم إصابة بعض من أحرقوهم بفيروس كورونا ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فإلى متى ستبقى هذه الجراح تنزف في جسد الأمّة الإسلامية؟! أليس في الأمّة وجيوشها من يتحرك لنصرة إخواننا في سريلانكا وفي سائر بلاد المسلمين؟! اللهم إليك نشكو ضعف قوتنا، وقلة حيلتنا وهواننا على النّاس، اللهم نصرك الذي وعدت.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
براءة مناصرة