الإثنين، 21 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • 2 تعليقات
الشباب ذخر للإسلام منذ عهد النبوة... فهل ما زالوا كذلك؟

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

الشباب ذخر للإسلام منذ عهد النبوة... فهل ما زالوا كذلك؟
ضمن حملة القسم النسائي "الشباب المسلم... روّاد التغيير الحقيقي"

 


عندما نقرأ سيرة الرسول e وتاريخ المسلمين، نجد أن الشباب كانوا ذخراً للإسلام والمسلمين، فهم الذين حملوا عبء الدعوة وما صاحبَها من تضحيات ومشاقّ، فكان منهم القادة والجنود، وكان منهم الفاتحون والعلماء، وتروي لنا كتب السيرة أن أكثر الذين آمنوا بالنبي محمد e منذ بعثته حتى أمره الله سبحانه بإظهار الدعوة كانوا من صغار الشباب، بل إن بعضهم يصنفون على أنهم أطفال حسب مقاييس اليوم، وقد لازم هؤلاء الشباب الرسول e وحملوا معه الدعوة فنصر الله الإسلام بهم، ورفع مكانتهم به، ومن بين هؤلاء الصحابة رضوان الله عليهم علي بن أبي طالب والزبير بن العوام اللذان أسلما وهما لم يتجاوزا الثماني سنوات، وطلحة بن عبيد الله الذي أسلم وهو ابن إحدى عشرة سنة، والأرقم بن أبي الأرقم الذي كان الرسول e وصحابته الكرام يجتمعون في بيته أسلم وعمره 12 سنة، وعبد الله بن مسعود أول من جهر بالقرآن أسلم وهو ابن أربع عشرة سنة، وهناك عدد لا بأس به من الصحابة أسلم قبل أن يبلغ العشرين كسعد بن أبي وقاص، وجعفر بن أبي طالب، وصهيب الرومي، وآخرون أسلموا قبل بلوغهم الثلاثين كأبي عبيدة بن الجراح، ومصعب بن عمير الذي كان له دور كبير في الدعوة حيث كان له فضل دخول الإسلام إلى بيوت المدينة المنورة والتمهيد لاستقبال الرسول e فيها.


فما الذي تغير بين زماننا وزمانهم حتى بتنا نقصر في تعليم أبنائنا وبناتنا أحكامَ دينهم، وفي تعليمهم الحلال والحرام بحجة أنهم ما زالوا صغاراً، وأن الوقت ما زال مبكراً على ذلك فلندعهم يعيشون مرحلة الطفولة! حتى أدركَنا الوقت وشب هؤلاء الصغار على مفاهيم تخالف الإسلام، بينما الرسول e لم ينتظر هؤلاء "الصغار" حتى يكبروا وحمل إليهم دعوة الإسلام كما حملها إلى غيرهم فاستجابوا له، واتبعوا ديناً لم يكن عليه آباؤهم، حتى إن بعضهم أسلم قبل أن يسلم والداه، وبعضهم لم يسلم والداه قط.


ومن المفارقات العجيبة أننا في الوقت الذي ننتظر فيه أبناءنا ليكبروا حتى نعلمهم أحكام الإسلام، فإن أعداءنا لا ينتظرون عليهم حتى يكبروا فيستهدفوهم بنشاطاتهم ومشاريعهم الإفسادية، ويحاولون جاهدين جعلهم جيلاً بعيداً عن دينه، مستخدمين في ذلك أساليب ووسائل عدة، مجيشين أعداداً كبيرة من الأفراد والمؤسسات وحتى الدول لتحقيق أهدافهم. ومن الوسائل التي استخدموها لإفساد هذا الجيل وتغريبه عن دينه إغلاق الكتاتيب والمساجد ودور تحفيظ القرآن للصغار كما حصل في تونس وباكستان وغيرهما من بلاد المسلمين، ومن هذه الوسائل أيضاً تغيير وتعديل المناهج الدراسية من حين لآخر حيث يدخلون فيها القيم والأفكار الغربية كالحريات والديمقراطية والمساواة وغيرها من المفاهيم التي لا تمت للإسلام بصلة، في محاولة منهم لتشكيل عقليات الطلاب وفق مبادئهم وأفكارهم، كما نجدهم يركزون في نفوس الطلاب مفاهيم القومية والوطنية منذ الصفوف الابتدائية، ويركزون على أدائهم تحية العلم وترديدهم النشيد الوطني لبلادهم ليتربى هؤلاء الأطفال على الانتماء إلى التراب وقطعة القماش، لا على الانتماء إلى أمة الإسلام، وتقوم الأنظمة في العالم الإسلامي بحذف أي مادة لا يرضى عنها أسيادهم في هذه المناهج. ففي السعودية مثلاً التي ينخدع الكثيرون بكونها دولة إسلامية تطبق أحكام الإسلام، حذف مصطلح الولاء والبراء من مادة العقيدة ووضع بدلاً منه مصطلح الأخوة الإنسانية، وأزيلت أيضاً كل كلمة تتعرض لليهود أو النصارى أو حتى جهادهم! وفي مصر مثلاً حذفت الآيات والأحاديث النبوية التي تحث على الجهاد، وكذلك حذف درس "الإسلام والنظام السياسي" الذي يتناول مبادئ الحكم في الإسلام من منهج التربية الإسلامية للصف الثالث الإعدادي، بل إنهم عملوا على محو آثار تاريخ وأمجاد المسلمين من عقول الطلاب من خلال حذف الشخصيات الإسلامية من المناهج - مثل دروس عن صلاح الدين الأيوبي وعقبة بن نافع بدعوى أنهما يحضان على التطرف والعنف!


ولا ننسى دور وسائل الإعلام في هذا المجال؛ فهي من أشد الأسلحة خطراً وأكثرها فتكاً على الكبار والصغار على حد سواء، حيث أصبح لها تأثير كبير على ثقافة الشباب واتجاهاتهم وسلوكياتهم وخصوصاً في عصر الإعلام الجديد وشبكات التواصل التي يقبل عليها الشباب ويقضون عليها أوقاتاً طويلة، ويتواصلون من خلالها مع العالم.


ولأن الحديث عن الإعلام ودوره في إفساد جيل الأطفال والشباب يطول فسنتحدث عن زاوية واحدة من زوايا هذا الموضوع، ألا وهي استيراد وتعريب البرامج التلفزيونية الغربية التي تحاكي المجتمع الغربي وغزوها للقنوات العربية، وذلك كبرامج المواهب (الغناء والرقص والتمثيل...الخ) وما تحويه هذه البرامج من رقص وغناء هابط وكشف للعورات واختلاط بين الشباب والفتيات، إضافة إلى ما فيها من إهدار لطاقات الشباب وتضييع أوقاتهم، وشغلهم بأمور تافهة لصرف أنظارهم عن التفكير بالحال السيئ الذي تعيشه أمتهم فضلاً عن التفكير بالتغيير، والأدهى والأمر أن يتم إنتاج مواسم من هذه البرامج للأطفال سواء على القنوات الخاصة بالأطفال أو القنوات الأخرى، وهي برامج تعمل على تعليمهم حب الشهرة وإظهار الذات بحجة رعاية مواهبهم، وهي أيضاً تقتل الحياء فيهم وتربيهم على الاختلاط والمجون منذ الصغر.


والغريب أن هذه البرامج تجد رواجاً ودعماً من الأنظمة والعامة، ولا نجد أولئك الذين يقولون عن تعليم الأطفال القرآن والحديث والتحلي بأخلاق الإسلام بأنه تشدد وقتل للطفولة، لا نجدهم يقولون ذلك عن تلك البرامج الخبيثة ولا نراهم يغضبون لانتهاك حرمات الله وتضييع شباب المسلمين في برامج لا تخدم إلا الفكر الغربي والتمسك بالدنيا.


فما الذي تغير بين زماننا وذلك الزمان الجميل حتى بتنا نرى أطفالنا وشبابنا يتسابقون على الفوز بلقب في هذه البرامج المفسدة، وبتنا نرى المتسابقين وذويهم يبكون إن لم يفز أبناؤهم في هذه المسابقات، وكأن ابنهم قد خسر معركة عظيمة ضد أعداء الإسلام أو فاتته فرصة لا تعوض في خدمة الإسلام ونيل رضوان الله سبحانه، بينما نجد صغار الشباب من السلف كانوا يتسابقون لنيل رضوان الله وإعلاء كلمته... وتحضرني هنا قصة حصلت في معركة بدر، وهي قصة - معاذ ومعوذ ابني عفراء، شابين يبلغان من العمر خمسة عشر عاما شاركا في قتل أبي جهل وتسابقا ليخبر كل منهما النبي أنه هو الذي قتله، حتى إن أحدهما كان قد تعرض لإصابة في ذراعه في المعركة فقطعت ولكن الجلد بقي متصلاً بجسمه، فأخذت تتحرك وهو يركض في طريقه للنبي e، فخاف أن تعوقه في المسير فيسبقه أخوه فيبشر النبي e قبله فوضع يده تحت ركبته وقطعها!


وقبل أن أكمل فلا يظنن أحد أني ضد أن يلهو الأطفال ويلعبوا ويعيشوا براءة الطفولة، ولا يظنن أحد أن أطفال المسلمين في عهد الرسول e والصحابة لم يكونوا يلهون ويلعبون، فقد ورد في السيرة أن الرسول e كان يصلي والحسن والحسين يركبان على ظهره، وكذلك رويت قصص عديدة عن ملاعبة الرسول e للأطفال، ومن ذلك ما رواه الإمام مسلم عن أنس رضي الله عنه قال: (كان رسول الله e أحسن الناس خلقا، وكان لي أخ يقال له: أبو عمير - أحسبه قال: كان فطيما -، قال: فكان إذا جاء رسول الله e فرآه قال: يا أبا عمير، ما فعل النغير - طائر صغير كالعصفور -؟ قال: فكان يلعب به)، وكذلك مواقف أخرى في عهد الرسول e وخلفائه الراشدين لا يتسع المقام لذكرها، بل ما أريد قوله هنا أن عيش الأطفال لطفولتهم لا يتعارض مع تعليمهم أمور دينهم وأن فهمها ليس بالأمر الصعب عليهم.


ومما يلفت النظر أنه كان يوكل لصغار الشباب في عهد الرسول e وعهد الدولة الإسلامية مهمات عظيمة، كتكليف الرسول e لأسامة بن زيد قيادة جيش فيه كبار الصحابة من المهاجرين والأنصار، وكذلك فإن تاريخ المسلمين حافل بانتصارات وفتوحات ومواقف مشرفة لقادة مسلمين في عمر الشباب، كالقائد محمد الفاتح الذي حقق بشرى الرسول e بفتح القسطنطينية وهو ابن خمسة وعشرين عاماً، ومحمد بن القاسم الذي فتح الهند وهو ابن 17 عاماً وأسماء أخرى لا يتسع المقام لذكرها.


فما الذي تغير بين زماننا وزمانهم حتى كان أسامة بن زيد يقود جيشاً في عمر 17 بينما ابن 17 عاماً يعتبر اليوم مراهقاً يجب أن نراعي نفسيته ولا نثقل عليه؟! وما الذي تغير حتى بتنا نرى شباباً فاقداً للهوية، فاقداً للبوصلة تائهاً يتخبط، ليس لديه هدف، اهتماماته وطموحاته لا ترقى لمستوى شاب ينتمي لخير أمة أخرجت للناس؟!!


إن الذي تغير بين زماننا وزمانهم هو المجتمع الذي يعيش فيه هؤلاء الشباب، الحاضنة التي ترعاهم وتؤثر في فكرهم وسلوكهم أكثر من تأثير الوالدين، فوسائل الإعلام، والمجتمع والأنظمة، نحن نبني فيهم وهي تهدم ما بنينا وتزرع زرعاً خبيثاً، لا يمكن اجتثاثه من نفوسهم إلا باجتثاث الفساد المتأصل في المجتمع. فالأفكار الموجودة غير إسلامية، والمشاعر والأنظمة والعلاقات بين المسلمين لا تقوم على أساس الإسلام، وكل ما انبثق عنها فاسد يجب تغييره ليصبح على أساس الإسلام لنتمكن من تربية شبابنا وأطفالنا على تعاليم ديننا الحنيف، ليظهر لنا من جديد جيلُ النصر كالجيل الذي حمل أعباء الدعوة مع رسول الله e.


ولكننا رغم كل حملات الإفساد والتغريب للشباب المسلم، ورغم التيه والضياع الذي يحياه بعض شباب الأمة لا نعدم الخير فيهم، ولا نفقد الأمل، ونحن ما زلنا نعول على هؤلاء الشباب في التغيير، والثورات التي قامت في العالم الإسلامي (ثورات الربيع العربي ) خير دليل على ذلك، فقد رأينا كيف أن أغلب المنتفضين في الميادين والساحات هم شباب، وكذلك فإن "انتفاضة السكاكين" قد أثبتت أنه ما زال لدى شباب الأمة غيرة على الأعراض والمقدسات، وأن كل المحاولات التي بذلت لجعل هذا الجيل يقبل بالتطبيع مع كيان يهود لم تنجح، وهو أمر لا يقتصر على أهل فلسطين بل ينسحب على جميع بلاد المسلمين صغاراً وكباراً، وموقف الطفل التونسي الذي رفض اللعب مع لاعب من كيان يهود في مسابقة للشطرنج دليل على ذلك.


وإننا على ثقة بأن الأمة الإسلامية، أمة ولاّدة، وكما أنجبت هؤلاء الأبطال الذين قامت الدعوة على أكتافهم، فستنجب غيرهم، وأن العقيدة التي صنعت من هؤلاء قادة للأمم بعد أن كانوا رعاة للغنم، كفيلة بأن توجد شخصيات إسلامية من هؤلاء الشباب، فيعيدوا للأمة الإسلامية مكانتها بين الأمم.


كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أختكم براءة مناصرة

 

2 تعليقات

  • أم راية
    أم راية السبت، 30 نيسان/ابريل 2016م 14:01 تعليق

    جزاكم الله خيرا وبارك جهودكم، في ميزان حسناتكم إن شاء الله

  • إبتهال
    إبتهال الجمعة، 29 نيسان/ابريل 2016م 20:08 تعليق

    جزاك الله خيرا أختاه

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع