- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام
(ح200) لا يجوز أن تتولى المرأة الحكم, المرأة تعيش في حياة عامة وفي حياة خاصة.
الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ.
أيها المؤمنون:
السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا: "بُلُوغُ المَرَامِ مِنْ كِتَابِ نِظَامِ الِإسْلَامِ" وَمَعَ الحَلْقَةِ المِائَتَينِ, وَعُنوَانُهَا: "لَا يَجُوزُ أَنْ تَتَوَلَّى المَرأَةُ الحُكْمَ, المَرْأَةُ تَعِيشُ فِي حَيَاةٍ خَاصَّةٍ, وَفِي حَيَاةٍ عَامَّةٍ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَتَينِ: العِشْرِينِ وَالوَاحِدَةِ وَالعِشْرِينَ بَعْدَ المِائَةِ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ والمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ.
يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:
المادة 116: لَا يَجُوزُ أَنْ تَتَوَلَّى المَرْأَةَ الحُكْمَ، فَلَا تَكُونُ خَلِيفَةً, وَلَا مُعَاوِناً, وَلَا وَالِياً, وَلَا عَامِلاً, وَلَا تُبَاشِرُ أَيَّ عَمَلٍ يُعتَبَرُ مِنَ الحُكْمِ، وَكَذَلِكَ لَا تَكُونُ قَاضِيَ قُضَاةٍ، وَلَا قَاضِياً فِي مَحْكَمَةِ المَظَالِـمِ، وَلَا أَمِيرَ جِهَادٍ.
المادة 117: المَرْأَةُ تَعِيشُ فِي حَيَاةٍ عَامَّةٍ, وَفِي حَيَاةٍ خَاصَّةٍ. فَفِي الحَيَاةِ العَامَّةِ يَجُوزُ أَنْ تَعِيشَ مَعَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ المَحَارِمِ, وَالرِّجَالِ الأَجَانِبِ عَلَى أَنْ لَا يَظْهَرَ مِنْهَا إِلَّا وَجْهُهَا وَكَفَّاهَا، غَيرَ مُتَبَرِّجَةٍ وَلَا مُتَبَذِّلَةٍ. وَأَمَّا فِي الحَيَاةِ الخَاصَّةِ, فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَعِيشَ إِلَّا مَعَ النِّسَاءِ أَوْ مَعَ مَحَارِمِهَا, وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَعِيشَ مَعَ الرِّجَالِ الأَجَانِبِ. وَفِي كِلْتَا الحَيَاتَينِ تَتَقَيَّدُ بِجَمِيعِ أَحْكَامِ الشَّرْعِ.
وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: يَا أُمَّةَ الإِيمَانْ, يَا أُمَّةَ القُرآنْ, يَا أُمَّةَ الإِسلَامْ, يَا أُمَّةَ التَّوحِيدْ, يَا مَنْ آمَنتُمْ بِاللهِ رَبّاً, وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيّاً وَرَسُولاً, وَبِالقُرآنِ الكَرِيمِ مِنهَاجاً وَدُستُوراً, وَبِالإسلَامِ عَقِيدَةً وَنِظَاماً لِلْحَياَة,ِ أَيُّهَا المُسلِمُون فِي كُلِّ مَكَانْ, فَوقَ كُلِّ أَرضٍ, وَتَحتَ كُلِّ سَمَاءْ, يَا خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ لِلنَّاسِ, أَيُّهَا المُؤمِنُونَ الغَيُورُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَأُمَّتِكُمْ. أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ, وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيكُمْ حَتَّى تدرُسُوهُ وَأنتمْ تَعْمَلُونَ مَعَنَا لإِقَامَتِهَا, وَهَاتان هُمَا المَادَّتَانِ: السَّادِسَةَ عَشْرَةَ, وَالسَّابِعَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ المِائَةِ. وَإِلَيكُمْ بَيَانَ أَدِلَّةِ هَذِهِ المَادَّةِ مِنْ كِتَابِ مَقَدِّمَةِ الدُّستُورِ:
أولا: المادة 116: دَلِيلُ هَذِهِ المَادَّةِ مَا رَوَاهُ البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللهِ r أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ مَلَّكُوا عَلَيهِمْ بِنْتَ كِسْرَى قَالَ: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً». (أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ)، فَهَذَا صَرِيحٌ بِأَنَّ الحُكْمَ لَا يَجُوزُ أَنْ تَتَوَلَّاهُ امْرَأَةٌ. فَكُلُّ عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ الحُكْمِ خَلِيفَةً أَوْ مُعَاوِناً أَو وَالِياً, أَوْ قَاضِيَ قُضَاةٍ, أَوْ قَاضِيَ مَظَالِمَ, أَوْ عَامِلاً فِي عَمَالَةٍ, لَا يَجُوزُ لِلْمَرأَةِ أَنْ تَتَوَلَّى شَيئاً مِنهُ مُطْلَقاً لِصَرَاحَةِ الحَدِيثِ فِي ذَلِكَ. أَمَّا عَدَمُ تَوْلِيَتِهَا إِمْرَةَ الجِهَادِ مَعَ أَنَّهُ لَيسَ مِنَ الحْكْمِ، فَلِأَنَّ الجِهَادَ لَيسَ فَرْضاً عَلَى المَرْأَةِ, فَلَا تَتَوَلَّى إِمْرَةَ مَنِ الجِهَادُ فَرْضٌ عَلَيهِ.
ثانيا: المادة 117: دَلِيلُ هَذِهِ المَادَّةِ آيَةُ الاستِئْذَانِ: (لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَىٰ أَهْلِهَا). (النور 27) وَآيَةُ إِبْدَاءِ الزِّينَةِ لِلْمَحَارِمِ: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ). (النور 31) فَهَذِهِ الآيَاتُ دَلِيلٌ عَلَى الحَيَاةِ الخَاصَّةِ. كَذَلِكَ فَإِنَّ آيَاتِ اللِّبَاسِ الكَامِلِ: الخِمَارُ (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ). (النُّور 31)، وَالجِلْبَابُ: (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ). (الأحزاب 59)، وَعَدَمُ التَّبَرُّجِ: (غَيرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ). (النُّور 60).
فَهَذِهِ الآيَاتُ مَعَ النُّصُوصِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الوَاجِبَاتِ, وَالمَندُوبَاتِ, وَالمُبَاحَاتِ الَّتِي شَرَعَهَا اللهُ لِلْمَرأَةِ وَالرَّجُلِ سَوَاءً, فَإِنَّهَا دَلِيلٌ عَلَى الحَيَاةِ العَامَّةِ. إِلَّا أَنَّ اللهَ تَعَالَى حِينَ أَبَاحَ لِلمَرْأَةِ العَيْشَ فِي الحَيَاةِ العَامَّةِ مَعَ الرِّجَالِ فِي إِبَاحَتِهِ لَهَا التِّجَارَةَ, وَالزِّرَاعَةَ, وَالصِّنَاعَةَ, وَالاشْتِغَالَ فِي وَظَائِفِ الدَّوْلَةِ, وَالقَضَاءِ, وَالانخِرَاطَ فِي الأَحْزَابِ السِّيَاسِيَّةِ, وَمُحَاسَبِةِ الحُكَّامِ, وَفِي خَوْضِ مُعْتَرَكِ الحَيَاةِ كَالرَّجُلِ حِينَ أَبَاحَ لَهَا ذَلِكَ وَضَعَ إِلَى جَانِبِهِ أَحْكَاماً خَاصَّةً. فَحَدَّدَ لَهَا اللِّبَاسَ الَّذِي يَجِبُ أَنْ تَظْهَرَ فِيهِ فِي الحَيَاةِ العَامَّةِ بِأَنْ يَسْـتُرَ جَمِيعَ بَدَنِهَا مَا عَدَا وَجْهَهَا وَكَـفَّـيْهَا، وَأَنْ لَا تَتَبرَجَّ بِزِينَةٍ، قَالَ تَعَالَى: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنهَا). (النُّور 31), قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "الوَجْهُ وَالكَفَّانِ". أَخْرَجَهُ البَيهَقِيُّ فِي السُّنَنِ الكُبْرَى، وَابْنُ عَبدِ البَرِّ فِي التَّمْهِيدِ، وَابنُ كَثِيرٍ فِي التَّفْسِيرِ، وَقَالَ r: «إِنَّ الْجَارِيَةَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ يَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَّا وَجْهُهَا وَيَدَاهَا إِلَى المِفْصَلِ». (أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مُرسَلاً)، وَقَالَ تَعَالَى: (غَيرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ). (النُّور 60)، وَقَالَ r: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا مِنْ رِيحِهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ». (أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِيِّ, وَالحَاكِمُ, وَصَحَّحَهُ, وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيًّ).
وَأَمَّا حِينَ حَدَّدَ لِلْمَرَأَةِ العَيْشَ فِي الحَيَاةِ الخَاصَّةِ, فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ مَنَعَهَا مِنْ أَنْ تَعِيشَ إِلَّا مَعَ النِّسَاءِ أَوْ مَعَ مَحَارِمِهَا أَوْ مَعَ الأَطْفَالِ، فَقَدْ مَنَعَهَا مِنْ أَنْ تَظْهَرَ فِي هَذِهِ الحَيَاةِ الخَاصَّةِ فِي لِبَاسِ التَّبَذُّلِ إِلَّا عَلَى النِّسَاءِ وَالمَحَارِمِ وَالأَطْفَالِ، قَالَ تَعَالَى: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ). (النُّور 31), وَمَنَعَ الدُّخُولَ عَلَيهَا فِي هَذِهِ الحَيَاةِ الخَاصَّةِ مُطْلَقاً إِلَّا بَعْدَ الاستِئْذَانِ سَوَاءٌ أَكَانَ الدَّاخِلُ مَحْرماً, أَمْ غَيرَ مَحْرَمٍ قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَىٰ أَهْلِهَا). (النُّور 27)، وَأَمَرَ الرَّسُولُ r رَجُلاً أَنْ يَسْتَأْذِنَ حِينَ يَدْخُلُ عَلَى أُمِّهِ. وَهَذِهِ هِيَ أَدِلَّةُ المَادَّةِ.
أيها المؤمنون:
نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.