- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام
الحَلْقَةُ الحَادِيَةُ والثَّلَاثونَ بَعدَ المِائَةِ
(ح131) مُحَاسَبَةُ الحُكَّامِ مِنْ قِبَلِ الـمُسلِمِينَ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِهِمْ وَفَرضُ كِفَايَةٍ عَلَيهِمْ
الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ.
أيها المؤمنون:
السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا "بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام" وَمَعَ الحَلْقَةِ الحَادِيَةِ والثَّلَاثِينَ بَعدَ المِائَةِ, وَعُنوَانُهَا: "مُحَاسَبَةُ الحُكَّامِ مِنْ قِبَلِ الـمُسلِمِينَ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِهِمْ وَفَرضُ كِفَايَةٍ عَلَيهِمْ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ الخَامِسَةِ وَالتِّسعِينَ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ والـمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:
المادةُ العشرونَ 20- مُحَاسَبَةُ الحُكَّامِ مِنْ قِبَلِ الـمُسلِمِينَ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِهِمْ وَفَرضُ كِفَايَةٍ عَلَيهِمْ. وَلِغَـيرِ الـمُسلِمِينَ مِنْ أَفـرَادِ الرَّعِيَّةِ الحَقُّ فِي إِظْـهَـارِ الشَّكْوَى مِنْ ظُلْمِ الحَاكِمِ لَهُمْ، أَو إِسَاءَةِ تَطبِيقِ أَحكَامِ الإِسْلَامِ عَلَيهِمْ.
وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ حَتَّى يَدرُسَهُ الـمسلمٌونَ وَهُمْ يَعْمَلُونَ لإِقَامَتِهَا, وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيهِمْ, وَهَذه هي الـمَادَّةُ العِشْرُونَ, وَإِلَيكُمْ بَيَانَ أَدِلَّةِ هَذِهِ الـمَادَّةِ مِنْ كِتَابِ مَقَدِّمَةِ الدُّستُورِ: وَالحَاكِمُ إِذَا نُصِّبَ عَلَى الرَّعِيَّةِ لِيَحكُمَهَا إِنَّما يَكُونُ قَدْ نُصِّبَ لِرِعَايَةِ شُؤُونِهَا، فَإِذَا قَصَّرَ فِي هَذِهِ الرِّعَايَةِ وَجَبَتْ مُحَاسَبَتُهُ، وَإِنَّهُ وَإِنْ يَكُنْ حِسَابُهُ عِندَ اللهِ، وَجَزَاؤُهُ العَذَابُ عَلَى تَقصِيرِهِ أَو تَفرِيطِهِ، فَإِنَّ اللهَ جَعَلَ لِلمُسلِمِينَ الحَقَّ فِي مُحَاسَبَتِهِ وَفَرَضَ هَذِهِ الـمُحَاسَبَةَ عَلَيهِمْ فَرْضاً عَلَى الكِفَايَةِ, إِذْ جَعَلَ الأُمَّةَ قَوَّامَةً عَلَى قِيَامِ الحَاكِمِ بِمَسؤُولِيَّاتِهِ، وَأَلزَمَهَا الإِنْكَارَ عَلَيهِ إِذَا قَصَّرَ فِي َهَذِهِ الـمَسؤُولِيَّاتِ، أَو أَسَاءَ فِي تَصَرُّفَاتِهِ، فَقَدْ رَوَى مسلمٌ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «سَتَكُونُ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ، فَمَنْ عَرَفَ بَرِئَ، وَمَنْ أَنْكَرَ سَلِمَ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ» أَي مَنْ عَرَفَ الـمُنكَرَ فَلْيُغَيِّرْهُ، وَمَنْ لَـمْ يَقْدِرْ عَلَى تَغيِيرِهِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ بِقَلْبِهِ فَقَدْ سَلِمَ. فَالـمسلمُونَ مِنْ أَفرَادِ الرَّعِيَّةِ يَجِبُ عَلَيهِمْ أَنْ يُحَاسِبُوا الحَاكِمَ لِلتَّغيِيرِ عَلَيهِ, وَيكُونُونَ آثِمِينَ إِذَا رَضُوا بِأَعْمَالِ الحَاكِمِ الَّتِي تُنكَرُ وَتَابَعُوهُ عَلَيهَا. أَمَّا غَيرُ الـمُسلِمِينَ فَإِنَّ لَـهُمْ إِظهَارَ الشَّكْوَى مِنْ ظُلْمِ الحَاكِمِ لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنِ الظُّلْمِ مُطْلَقاً سَوَاءٌ أَكَانُوا مُسلِمِينَ أَمْ غَيرَ مُسلِمِينَ, وَلِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْ أَذَى أَهْلِ الذِّمَّةِ، قَالَ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «أَلاَ مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِداً، أَوْ انْتَقَصَهُ، أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئاً بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ، فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». أَخرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ, وَقَالَ العِرَاقِيُّ إِسنَادُهُ جَيِّدٌ. وَهَذَا نَهْيٌ جَازِمٌ عَنْ إِيذَاءِ الـمُعَاهِدِ، وَأَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ بَابِ أَولَى. وَلِوُرُودِ النَّهيِ عَنْ أَنوَاعٍ مُعَيَّنَةٍ مِنَ الأَذَى وَمِثلُهَا كُلُّ أَذَىً، فَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ ابنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ صُلْحِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم مَعَ أَهْلِ نَجْرَانَ قَالَ: «عَلَى أَنْ لاَ تُهْدَمَ لَهُمْ بِيْعَةٌ، وَلا يُخْرَجَ لَهُمْ قَسٌّ، وَلا يُفْتَـنُوا عَنْ دِينِهِمْ، مَا لَمْ يُحْدِثُوا حَدَثاً أَوْ يَأْكُلُوا الرِّبَا». فَإِذَا ظُلِمَ الذِّمِّيُّ أَو نَالَهُ أَذَىً مِنَ الحَاكِمِ فَإِنَّ لَهُ الحَقَّ فِي إِظْهَارِ شَكوَاهُ حَتَّى يُرفَعَ الظُّلمُ عَنهُ وَيُعَاقَبُ الَّذِي ظَلَمَهُ. وَتُسْمَعُ الشَّكْوَى مِنهُ عَلَى أَيِّ حَالٍ سَوَاءٌ أَكَانَ مُحِقّاً فِي شَكْوَاهُ أَمْ غَيرَ مُحِقٍّ. وَجَاءَ فِي كِتَابِ الأَهْوَالِ لابْنِ أَبِي الدُّنيَا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الـمُسَيَّبِ، كَمَا قَالَ الحَافِظُ فِي مُقَدِمَّةِ الفَتْحِ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه تَحَدَّثَ إِلَى يَهُودِيٍّ يُدْعَى فِنحَاصَ يَدعُوهُ إِلَى الإِسلَامِ فَرَدَّ فِنحَاصُ بِقَولِهِ: "وَاللهِ يَا أَبَا بَكْرٍ مَا بِنَا إِلَى اللهِ مِنْ فَقْرٍ وَإِنَّهُ إِلَينَا لَفَقِيرٌ، وَمَا نَتَضَرَّعُ إِلَيهِ كَمَا يَتَضَرَّعُ إِلَينَا، وَإِنَّا عَنهُ أَغنِيَاءَ وَمَا هُوَ عَنَّا بِغَنِيٍّ، وَلَو كَانَ غَنِياً مَا استَقْرَضَنَا أَمْوَالَنَا كَمَا يَزعُمُ صَاحِبُكُمْ، يَنْهَاكُمْ عَنِ الرِّبَا وَيُعطِينَاهُ، وَلَو كَانَ عَنَّا غَنِيّاً مَا أَعطَانَا". وَفِنحَاصُ يُشِيرُ هُنَا إِلَى قَولِهِ تَعَالَى: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقرِضُ اللهَ قَرضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً). (البقرة 245) لَكِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَـمْ يُطِقْ عَلَى هَذَا الجَوَابِ صَبْراً، فَغَضِبَ وَضَرَبَ وَجْهَ فِنحَاصَ ضَرباً شَدِيداً وَقَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَولَا العَهْدُ الَّذِي بَينَنَا وَبَينَكُمْ لَضَرَبْتُ رَأسَكَ يَا عَدُوَّ اللهِ. فَشَكَا فِنحَاصُ أَبَا بَكْرٍ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَسَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم شَكْوَاهُ وَسَأَلَ أَبَا بَكْرٍ فَحَدَّثَهُ عَـمَّـا قَـالَهُ لَهُ، وَلَّمَا سُـِئلَ فِنحَـاصُ أَنكَرَ مَـا قَالَهُ لِأَبِي بَكْـٍر فِي اللهِ، فَنَزَلَ قَولُهُ تَعَالَى: (لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَولَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاءَ بِغَيرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الحَرِيقِ). (آل عمران 181) أَورَدَ سَبَبَ النُّزُولِ هَذَا: ابنُ أَبِي حَاتِم, وَابنُ الـمُنذِرِ بِإِسنَادٍ حَسَنٍ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ كَمَا ذَكَـرَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ. وَمِنَ الـمَعلُومِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ وَزِيـرَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم أَيْ مُعَـاوِناً فَكَانَ حَاكِماً, وَفِنحَاصُ كَانَ مُعَاهِداً, وَقَدْ سَمِعَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم الشَّكْوَى مِنهُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ مَعَ أَنَّهُ غَيرُ مُحِقٍّ، وَإِذَا كَانَتْ تُسـمَعُ الشَّـكْـوَى مِنَ الـمُعَاهِدِ فَمِنَ الذِّمِّيِّ مِنْ بَابِ أَولَى فَوقَ أَنَّهُ قَد أُعْطِيَ لَهُ عَهْدُ الذِّمَّةِ. وَأَمَّا الشَّكْوَى مِنْ إِسَاءَةِ تَطبِيقِ أَحْكَامِ الإِسلَامِ فَإِنَّهَا حَقٌّ لِلمُسلِمِينَ وَغَيرِ الـمُسلِمِينَ. فَقَدْ شَكَا بَعضُ الـمُسلِمِينَ لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلَ بِأَنَّهُ يُطِيلُ القِرَاءَةَ فِي الصَّلَاةِ. أَخرَجَ البُخَارِيُّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبدِ اللهِ قَالَ: «أَقْبَلَ رَجُلٌ بِنَاضِحَيْنِ وَقَدْ جَنَحَ اللَّيْلُ، فَوَافَقَ مُعَاذاً يُصَلِّي، فَتَرَكَ نَاضِحَهُ وَأَقْبَلَ إِلَى مُعَاذٍ، فَقَرَأَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ أَوْ النِّسَاءِ، فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ - وَبَلَغَهُ أَنَّ مُعَاذاً نَالَ مِنْهُ - فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَشَكَا إِلَيْهِ مُعَاذاً، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: يَا مُعَاذُ أَفَتَّانٌ أَنْتَ؟! أَوْ أَفَاتِنٌ؟! ثَلاثَ مِرَارٍ، فَلَوْلاَ صَلَّيْتَ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ، وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا، وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى، فَإِنَّهُ يُصَلِّي وَرَاءَكَ الْكَبِيرُ وَالضَّعِيفُ وَذُو الْحَاجَةِ» فَالرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم سَمِعَ شَكْوَاهُ وَزَجَرَ مُعَاذاً حَتَّى قَالَ لَهُ: «أَفَتَّانٌ أَنْتَ؟ ثَلاثَ مَرَّاتٍ». وَمُعَاذُ كَانَ وَالِياً عَلَى اليَمَنِ، وَكَانَ إِمَاماً لِقَومِهِ. وَرُوِيَ هَذَا الحَدِيثُ رِوَايَاتٍ عِدَّةً فَسَوَاءٌ أَكَانَتِ الشَّكْوَى مِنهُ, وَهُوَ فِي اليَمَنِ أَوْ وَهُوَ إِمَامُ قَومِهِ فَهِيَ شَكْوَى مِمَّنْ وَلَّاهُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم فَهِيَ شَكْوَى مِنْ حَاكِمٍ، وَهِيَ شَكْوَى مِنْ تَطبِيقِ أَحْكَامِ الشَّرعِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الشَّرعِ أَنَّ الإِمَامَ يُخَفِّفُ فِي الصَّلَاةِ لِقَولِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَمَّ أَحَدُكُمُ النَّاسَ فَلْـيُخَفِّفْ» مُتَّفَقٌ عَلَيهِ وَاللَّفْظُ لِمُسلِم، فَهِيَ شَكْوَى مِنْ إِسَاءَةِ تَطبِيقِ أَحْكَامِ الإِسلَامِ. وَهِيَ كَمَا سُمِعَتْ مِنَ الـمُسلِمِ فِي حُكْمِ الصَّلَاةِ تُسمَعُ فِي سَائِرِ الأَحْكَامِ, وَلَيسَ فِي الصَّلَاةِ فَحَسْبُ، عَلَى أَنَّ إِسَاءَةَ تَطبِيقِ أَحْكَامِ الشَّرعِ تُعتَبَرُ مَظْلِمَةً مِنَ الـمَظَالِمِ فَتَكُونُ الشَّكوَى مِنهَا حَقٌّ لِلمُسلِمِ وَالذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «وَإِنِّي لأَرْجُو أَنْ أَلْقَى رَبِّي وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَطْلُبُنِي بِمَظْلِمَةٍ» أَخرَجَهُ التِّرمِذِيُّ, وَقَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحُ. وَكَلِمَةُ "أَحَدٍ" فِي الحَدِيثِ تَشْمَلُ الـمُسلِمَ وَالذِّمِّيَّ، إِذْ لَـمْ يَقُلْ وَلَا يَطلُبُنِي مُسلِمٌ بَلْ قَالَ: «وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَطْلُبُنِي» وَهَذِهِ كُلُّهَا أَدِلَّةٌ عَلَى هَذِهِ الـمَادَّةِ.
أيها المؤمنون:
نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.