السبت، 18 رجب 1446هـ| 2025/01/18م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
القروض الربوية وبيع أصول البلاد سياسة اقتصادية فاشلة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

القروض الربوية وبيع أصول البلاد سياسة اقتصادية فاشلة

 

 

 

الخبر:

 

أعلنت وكالة بلومبيرغ في تقريرها الصادر يوم 6 كانون الثاني/يناير 2025 أن مصر وصلت إلى نقطة غير مسبوقة من المديونية، حيث بلغت ديونها الخارجية نحو 190 مليار دولار، بزيادة تتجاوز 12% مقارنة بالعام الماضي. وأضاف التقرير أن الحكومة المصرية تعكف حالياً على بيع عدد من الأصول المملوكة للدولة من خلال صندوق مصر السيادي، في محاولة لتقليص فجوة التمويل الخارجي وسد عجز الموازنة. كما أشار التقرير إلى أن الحكومة تسعى لتنفيذ المرحلة الثانية من برنامج الطروحات العامة، الذي يتضمن بيع حصص من شركات كبرى في قطاعات استراتيجية مثل البترول والطاقة والبنوك.

 

من جانب آخر، كشف تقرير للبنك الدولي أن نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في مصر ارتفعت إلى 92% في العام الجاري، مقارنة بـ88% العام الماضي. وأكد التقرير أن العبء الأكبر لهذه الديون يقع على عاتق الناس، حيث ارتفعت معدلات التضخم وتدهورت القدرة الشرائية للطبقة المتوسطة والفقراء، مع توقعات بزيادة الضرائب والرسوم الحكومية في العام القادم لتغطية عجز الموازنة.

 

التعليق:

 

إن ما يفعله النظام المصري اليوم من استدانة وبيع لمقدرات الدولة هو استمرار لنهج خطير يهدف إلى إخضاع البلاد بشكل كامل للهيمنة الغربية، من خلال سياسات اقتصادية كارثية تسلب الأمة إرادتها وتغرقها في مستنقع الفقر والتبعية. إن الدين العام المتصاعد لمصر ليس إلا أداة يستخدمها الغرب لضمان نفوذه وسيطرته على مقدرات البلاد، حيث تذهب أموال هذه القروض في مشاريع تخدم أجندات الغرب أو في إنفاق حكومي غير منتج، بينما يعاني أهل مصر البسطاء من الفقر وسوء الخدمات وارتفاع الأسعار.

 

هذه السياسة الاقتصادية الفاشلة، القائمة على القروض الربوية وبيع أصول البلاد، لن تؤدي إلا إلى مزيد من التدهور. فالديون لا تسدَّد إلا بمزيد من الديون، في حلقة مفرغة تزيد الأعباء على الأجيال القادمة. والأسوأ من ذلك هو تفريط النظام في أصول الدولة، التي تعد ملكية عامة، لا يجوز للدولة التفريط فيها، ولكنها تُباع بأبخس الأثمان إلى مستثمرين أجانب وشركات عالمية، ما يعمق التبعية الاقتصادية ويحرم البلاد من مواردها الاستراتيجية.

 

لقد أظهرت بيانات صندوق مصر السيادي الذي يُستخدم كواجهة لبيع أصول الدولة، أن النظام يستهدف بيع حصص في شركات ومؤسسات استراتيجية، منها شركات البترول والغاز والكهرباء والبنوك. وهذه المؤسسات تمثل العمود الفقري للاقتصاد المصري، ولكن النظام يفرط فيها بحجة سد العجز وسداد الديون. إلا أن الحقيقة أن هذه السياسة ليست إلا جزءاً من سياسات الغرب ومؤسساته الاستعمارية التي من خلالها يسعى إلى نهب ثروات الأمة والسيطرة على مواردها الحيوية.

 

إن مصر ليست بلداً فقيراً، بل هي غنية بمواردها وثرواتها الطبيعية. فالنيل يجري في أرضها، والمسطحات المائية الواسعة تزخر بخيرات لا حصر لها، ومواردها المعدنية من ذهب وبترول وغاز تكفي ليس فقط لأهلها، بل لجعلها دولة عظمى إن لم تكن الدولة الأولى. أضف إلى ذلك طاقاتها البشرية الهائلة، التي يتم استنزافها وتشريدها في الخارج لخدمة مصانع وشركات الغرب.

 

لكن النظام الحاكم، بتبعيته العمياء للغرب، يعطل كل هذه الإمكانات ويسخرها لخدمة الأجندات الأجنبية، بدلاً من أن يستثمرها في بناء اقتصاد مستقل حقيقي يحقق الاكتفاء الذاتي ويؤمن للأمة مستقبلاً كريماً.

 

إن الحل الحقيقي لأزمة الديون التي تعاني منها مصر، ولجميع الأزمات الاقتصادية التي تواجهها، لن يكون من خلال المزيد من القروض أو سياسات الخصخصة وبيع الأصول، فهذه السياسات ليست إلا جزءاً من المشكلة، والتي أصلها النظام الرأسمالي المطبق بجشعه ووحشيته ونفعيته المقيتة، بل إن الحل الجذري يكمن في التخلص من هذا النظام الرأسمالي وأدواته، والإتيان بنظام الإسلام القائم على العدل والتوزيع العادل للثروات، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، واستعادة سيادة الأمة على مواردها ومقدراتها.

 

إن نظام الإسلام، بنظامه الاقتصادي القائم على منع الربا وحماية الملكية العامة، يقدم نموذجاً حضارياً بديلاً يعالج جذور الأزمات الاقتصادية. ففي ظل الدولة الإسلامية، تُدار الثروات الطبيعية وفقاً لأحكام الشرع التي فيها مصلحة الأمة بعمومها، فلا تُباع أصول الدولة للأجانب، بل تُستثمر لصالح الشعب. كما أن الموارد يحسن استغلالها وإدارتها وإنتاج الثروة منها وتُوجه لتحقيق الاكتفاء الذاتي في الغذاء والصناعة، فلا يجوز الاعتماد على القروض الأجنبية حتى لو لم تكن مشروطة.

 

إننا في حزب التحرير ندعو أبناء الأمة في مصر إلى العمل الجاد من أجل استعادة سيادتهم على بلادهم ومقدراتهم، من خلال دولة الإسلام بكل أنظمتها؛ مشروع الأمة الحضاري الوحيد. فهذا المشروع هو الوحيد القادر على تحرير الأمة من التبعية الاقتصادية والسياسية للغرب، وبناء نهضة حقيقية تقوم على رعاية شؤون الناس وتحقيق مصالحهم وفقاً لأحكام الإسلام.

 

وإن كل الحلول التي يلجأ إليها النظام المصري ملبيا ومطيعا لأوامر الغرب وقراراته هي سم زعاف يتجرعه الناس رغما عنهم وهي استمرار في طريق خاطئ لن يؤدي إلا إلى مزيد من الفقر والتبعية، ولا سبيل لنهضة مصر ولا الأمة ولا نهاية لأزماتها إلا باقتلاع الرأسمالية أصل الداء وسبب كل بلاء بسياساتها وبرامجها التي تهدف لاستعباد الشعوب ونهب ثرواتهم، واقتلاع كل أدواتها ومنفذيها والمرتبطين بها من الحكام العملاء والنخب الفاسدة، ومن ثم تطبيق نظام الإسلام كاملا شاملا في كل مناحي الحياة، في ظل الإسلام ودولته الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي تعيد للأمة عزتها وسيادتها، وتحررها من هيمنة الغرب ومؤسساته الاستعمارية.

 

إن تطبيق الإسلام فوق كونه هو وحده ما يصلح حال مصر وأهلها إلا أنه يجب أن يطبق لكونه أحكاما شرعية واجبة التطبيق ننال بها ومن خلال تطبيقها رضا الله عز وجل بإقامة دولته التي تطبق دينه وأحكام شرعه فنستحق بهذا جنته سبحانه، وضمناً فإن تطبيق الإسلام هو وحده الضامن لرخاء الناس ورغد عيشهم في حياتهم الدنيا في ظل كفالة الإسلام ورعاية أحكامه التي تطبقها دولته الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.

 

﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

سعيد فضل

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع