- الموافق
- 1 تعليق
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
إذا اتخذت الدولة موقفاً، فلن تبقى الاتفاقيات ولا المنظمات المنحرفة
(مترجم)
الخبر:
كنت قد كتبت تعليقا صحفيا بتاريخ 3 أيار/مايو 2020م تحت عنوان "حزب العدالة والتنمية الذي يحمي علي أرباش، يحمي أيضاً اتفاقية اسطنبول" وذكرت المثلية الجنسية التي تحدث عنها وزير الشؤون الدينية علي أرباش خلال خطبة الجمعة في شهر رمضان. قال علي أرباش خلال الخطبة "إن الإسلام يعتبر الزنا أكبر خطيئة، ويلعن آل لوط، والشذوذ الجنسي، وبأن هذه الخطايا تتسبب بالأمراض وتحتاج إلى التكاتف ضدها سوياً من أجل حماية الناس من مثل هذه الشرور". ومع ذلك، لم تتخذ الحكومة في السلطة ولا الرئيس ولا المسؤولون الآخرون أية خطوات ملموسة ضد هذه الانحرافات، ولم يتخذوا إجراءات لمصارعة هذه الشرور.
التعليق:
وهكذا، في 29 حزيران/يونيو 2020م، قال الرئيس أردوغان خلال خطابه العام بعد اجتماع مجلس الوزراء إنه من الضروري اتخاذ موقف ضد المنحرفين والمنظمات المثلية الجنسية، لكنه حمل الشعب المسؤولية. وقال الرئيس أردوغان: "إن بعض الناس يهاجمون قيمنا الوطنية والأخلاقية. أولئك الذين يدعمون مثل هذه الحركات الهامشية هم شركاء في ذات الانحراف في أعيننا. من هنا، أدعو شعبنا إلى اتخاذ موقف حذر ضد أولئك الذين يدعمون أي انحراف يحرمه ربنا". بعد ذلك، قال نائب رئيس حزب العدالة والتنمية نعمان كورتولموش رداً على أسئلة الصحفيين خلال برنامج تلفزيوني حضره في 2 تموز/يوليو 2020م: "كان التوقيع على اتفاقية إسطنبول خاطئاً حقاً. تم التوقيع عليها في إسطنبول عام 2011 ومررته تركيا من خلال البرلمان في تشرين الثاني/نوفمبر 2012م. وبعبارة أخرى، فإن الأطروحة القائلة بأنه دون اتفاقية إسطنبول، سيزداد العنف ضد المرأة في تركيا ليس سوى أسطورة شعبية. إنها كذبة، دعاية كاذبة".
عند هذه النقطة، أرى فائدة في التأكيد على بعض الأمور. أولاً: مسؤولية المسلمين والجماهير في هذا الموضوع: إذا لم يقل المسلمون وعامة الناس الحق للحكام الذين يحكمون بالكفر، ولم يدعو الأحزاب والسلطات التي تسن القوانين للمحاسبة، فإنهم سيكونون مسؤولين أمام الله. ولا ننسى أنه ستكون في هذه الأمة طائفة ظاهرة على الحق تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، ثابتة على الحق، لأن هناك خيراً قائماً دائماً في هذه الأمة. قال رسول الله ﷺ: « لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ» (رواه البخاري ومسلم)
ولهذا السبب، اتخذنا موقفا ضد هذه الاتفاقية الآثمة الفاسدة المسماة "اتفاقية إسطنبول" منذ البداية، وقلنا للمسلمين إن الواجب عليهم اتخاذ موقف ضد هذه الاتفاقية أيضا. وقلنا في هذا السياق إننا سنحمي الأسرة والأجيال والمجتمع من الانحرافات والشرور التي ولّدتها هذه القوانين والأنظمة البشرية. وقد دعونا الحكام للمحاسبة وحاولنا الثبات على الطريق الصحيح. وبعبارة أخرى، كشفت طائفة متميزة من المجتمع عن الفتن والانحراف اللذين ولّدتهما هذه الاتفاقية وألقت عن كاهلها مسؤولية الإنكار.
ثانياً: إن مسؤولية الحكام تفوق مسؤولية الأفراد والمجتمعات؛ لأن الحكام لديهم السلطة للقضاء على المنكر كليا باستخدام السلطة القانونية وسلطة الدولة. قال رسول الله ﷺ: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ» (رواه مسلم)
في هذا السياق، للحكام أن ينكروا المنكر بأيديهم للقضاء عليه، وهم ملزمون بذلك. ومع ذلك، أي شيء يفعله حكام اليوم؟ إنهم يتهربون من المسؤولية ويحاولون تحميل المسؤولية للمسلمين ولعامة الناس! ثم إنهم يتوقعون أن يتخذ الناس موقفا ضد هذه المنكرات والانحرافات! وفوق ذلك لا يلتفتون إلى الرأي العام، وآراء الطرف الآخر وتوقعات الناس، ولا يأخذون ذلك كله بعين الاعتبار، بل يتعلقون قبل كل شيء، بما يقوله أسيادهم.
أي رأي لجهات أو مطالب لشعب ستكون بالأهمية ذاتها في قضية لعنها الله ونهى عنها؟ وبمعنى آخر إذا ما اتخذ الناس موقفا مؤيدا لهذه الاتفاقية، وتعاونوا جميعا على الإثم، فهل سنستمر في تطبيق هذه الاتفاقية اللعينة؟! إن الواجب على الحكام أولاً أن يتخذوا موقفاً نيابة عن الدولة وأن يسحبوا التوقيع من جانب واحد من هذه الاتفاقية. فمن غير المقبول أن يختلف حكام الدولة في مثل هذه القضية.
وأخيرا، أود أن أؤكد بشكل خاص على مسؤولية الحزب الحاكم والرئيس أردوغان؛ لأنه على الرغم من أنهم في السلطة منذ 18 عاماً وهم يمتلكون القوة والأدوات، إلا أنهم وقعوا على الممارسات التي تدمر بنية الأسرة من خلال "اتفاقية إسطنبول" فتسببوا في انهيار العائلات، وساهموا في انتشار الانحرافات في الشوارع. والآن، إذا تراجعوا عما فعلوه، فلن يكونوا قادرين على تنظيف خطيئاتهم الماضية، لأنه على الرغم من حقيقة أن هؤلاء الأشخاص كانوا يعرفون أن هذا الانحراف خطيئة ملعونة، فقد أصبحوا شركاء في الشر والخبث والانحراف من أجل المصلحة السياسية. وحتى اليوم ما زالوا يقولون فلنجعله قيد التجربة وننظر فيه، وإذا لزم الأمر، سنقوم بسحب التوقيع! وبمعنى آخر، لا يتخذ هؤلاء الحكام خطوة لتطبيق أمر الله، لكنهم يعتنون بمصالح سياسية أخرى. ﴿مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمود كار
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية تركيا
وسائط
1 تعليق
-
﴿مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾.