- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
توفير الأمن من أهم واجبات الحاكم
الخبر:
شهدت مدينة الخرطوم قبل أيام فوضى وأعمال عنف، في مناطق متفرقة؛ من قتل وسلب ناهيك عن حادثة منطقة الشهداء بأم درمان، في سابقة إجرامية خطيرة تعتبر الأولى من نوعها، وشهدت المحال التجارية تكسيراً ونهباً غير مسبوقين في وضح النهار. لم تنته الدهشة من هذه الحادثة حتى تفاجأ المحتفلون برأس السنة بعصابات تنتشر في الشوارع وتعتدي على الفتيات بالترويع والنهب والتحرش والاغتصاب، كما يظهر في الفيديوهات التي تداولتها وسائط التواصل الإلكتروني والتي شاهدنا من خلالها الهمجية والبهيمية والفوضى غير المسبوقة ما يؤكد تغيب عقول هؤلاء المعتدين ليقوموا بارتكاب جرائم تقشعر لها الأبدان دون أن يرمش لهم جفن.
التعليق:
إن هذه الأحداث وغيرها قد أبرزت الإحساس المتزايد لدى الناس بالأزمة التي تواجه البلاد، والتي في مقدمتها الأمن والأمان، اللذان يعتبران من أساسيات وضروريات الحياة. وبغض النظر عمن وراء هذه العصابات، فإن واجب الدولة هو إنهاء هذه الفوضى والاعتداءات المتكررة، لأن توفير الحاجات الأساسية للجماعة، والتي منها الأمن على رأس أولويات الدولة يقول النبي r : «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، آمِنًا فِي سِرْبِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا»، فتوفير الأمن من أهم واجبات الحاكم.
لكن على ما يبدو ولا يحتاج إلى دليل، ولا برهان، أن الدولة غير قادرة على توفير الأمن والأمان لرعاياها، كما أن حياة الناس رخيصة عندها، لا تساوي شيئاً، وإلا أين قوات الشرطة؟ ولماذا لا تقوم بواجبها؟ ألا يعلمون عظم المسؤولية الملقاة عليهم؟ ووسط كل هذا الهرج والمرج لا نرى أي تحرك جدي للحكومة، فلماذا؟
إن الله تعالى أوجب الرعاية على الدولة، فهي مسؤولة عن رعاياها يقول النبي r : «فَالْإِمَامُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ».
وها هو رسول الله r يضرب أروع المثل في حفظ الأمن، وفداهم بكل ما يملك حتى بنفسه جاء في صحيح البخاري: "ولَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ المَدِينَةِ لَيْلَةً، فَخَرَجُوا نَحْوَ الصَّوْتِ، فَاسْتَقْبَلَهُمُ النَّبِيُّ r وَقَدْ اسْتَبْرَأَ الخَبَرَ (أي تبيَّنه)، وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ، وَفِي عُنُقِهِ السَّيْفُ، وَهُوَ يَقُولُ: «لَمْ تُرَاعُوا، لَمْ تُرَاعُوا»" ثُمَّ قَالَ: «وَجَدْنَاهُ بَحْراً» أَوْ قَالَ: «إِنَّهُ لَبَحْرٌ»"، مما يدلُّ على حرص الراعي على أمن رعيته. ولكننا اليوم نعيش بلا أمن ولا أمان، وما أرخص الإنسان في بلادنا اليوم! فلا قيمة للإنسان في ظل أنظمة وضعية، وقوانين بلا هُوِّية ولا مرجعية، ولا خير في مدنية هالكة متهالكة، لا تنبع من عقيدتنا، ولا تحفظ لنا كرامتنا ولا دماءنا!
إن الأمن والأمان مكمنه ومنبعه، هو في دين الإسلام وعقيدته، ويتوفر بالتزام الأمة بتطبيق شرع ربها في الدولة والمجتمع. ولن يعود الأمن والاستقرار والألفة بين الناس ما لم نَعُد إلى ديننا، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ﴾، فإذا امتثل الناس لشرع الله، وطبقوا أحكامه، ضمنوا الأمن التام في أموالهم وأعراضهم ودمائهم منة وتفضلا من الله سبحانه. وقد امتنَّ الله على المؤمنين بالأمن في مظنَّة الخوف لمَّا انقادوا لحكم الله ورسوله r ، حيث قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً﴾.
يجب أن تعي الأمة أن ما تبحث عنه من أمن وأمان لن توفره إلا الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، التي أظل زمانها، فإلى العمل مع العاملين، ولا نضيع الزمن في البحث عن الأمن في مدنية الفوضى والخوف!
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذة غادة عبد الجبار – أم أواب