- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
اشتية: وفرنا 250 مليون دولار لإنشاء بنك
الخبر:
رام الله – معا - أبلغ رئيس الوزراء محمد اشتية عددا من رجال الأعمال، اليوم الخميس، أن الحكومة نجحت بتوفير أكثر من 250 مليون دولار، لإنشاء بنك هدفه توفير قروض استثمارية طويلة الأجل، بالشراكة مع القطاع الخاص.
التعليق:
كثيرا ما نسمع عن أزمات اقتصادية في دول العالم ابتداء من الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا والبلاد الإسلامية، والمتتبع لأخبار الاقتصاد لا يجد دولة في العالم إلا وفيها أزمة اقتصادية، حتى الصين التي يصفون اقتصادها بأنه أقوى قوة اقتصادية في العالم تجد الفقر قد عمها.
في الوقت الذي تتحدث فيه التقارير بأن السلطة في أزمة اقتصادية خانقة قد تطيح بها، يخرج علينا رئيس وزرائها ويقول إنه وفر 250 مليون دولار، في الوقت نفسه الذي تدفع فيه السلطة نصف راتب لموظفيها منذ شهور.
إذن ما الذي يحصل أزمة اقتصادية وتوفير أموال؟! كيف يحصل هذا التناقض؟! نعم الحاصل هو أن هذه الـ250 مليون دولار هي من حق الموظفين الذين لا يعلم حالهم إلا الله، حيث إنهم يعيشون في أدنى دخل... وإن رئيس وزراء السلطة يعلم حق العلم أن أغلب الموظفين يعيشون تحت خط الفقر وأن هذه الأموال التي تم توفيرها هي من حقهم، والأولى أن تدفع الدين قبل أن تفكر بإنشاء مشاريع على حساب الموظفين الفقراء!
إن الأزمات الاقتصادية أساسها هو إقامة مشاريع قائمة على الحرام، والحرام مهما كثر تنتزع البركة منه، وإن أصحاب رؤوس الأموال من جشعهم وطمعهم لم يكفهم ما هو بأيديهم وإنما ينظرون إلى اللقمة التي بيد الفقير، وهذه هي مصيبة العالم وسبب مباشر للأزمات الاقتصادية في العالم حيث إنها جميعا تتبع سياسة الكذب والحرام في جميع معاملاتها.
وكما يقال السعيد من اتعظ بغيره، وهذه موعظة الذي حصل لقارون الذي آتاه من الذهب والفضة والمعادن والكنوز ما لم يؤت لغيره من قبل، فقد كانت مفاتيح كنوزه لا يقدر على حملها عشرة أفراد، وكان لديه قصر عظيم، ولديه من الخدم والحرس الكثير الكثير، ولكنه ورغم كل ما امتلك من خير، لم ينفق شيئاً في سبيل الله، ولم يعط الفقراء حقهم في ماله، وقال أنا من جمعت هذا المال وهو لي.
فأتاه الصالحون من قومه وحذروه، أن هذا مال الله، وكما أعطاه من الممكن أن يسلبه، وحذروه من الغرور والكبر، والفرح بنفسه وبماله لأن الله لا يحب الفرحين، وذكروه بالأمم التي أهلكها الله، وطلبوا منه أن ينفق من ماله شيئاً لله، ويتمتع بما بقي منه، ولكن غشاوة القلب أغرقت قارون، ولم يستمع، ولم يستجب.
كان يخرج بزينته وأمواله وكنوزه إلى الناس ليفتخر بها أمامهم ويتكبر عليهم، فيلبس أحسن الثياب، وأجمل الحلي، ويخرج في حاشيته ليراه الناس، ويتحسروا على فقرهم، وحالهم، ويتمنون لو كانوا أوفر حظاً.
وانقسم الناس من حوله إلى قسمين: قسم تعلق قلبه بالحياة الدنيا، أخذ يحسد قارون على حظه العظيم، ويتمنى ما عند قارون، قصر قارون، كنوز قارون، حراس قارون، وزينة قارون، أما القسم الثاني فهم أهل العلم الذين تعلقت قلوبهم بالآخرة، فلم يفتنوا في ملك قارون، وأخذوا يحذرون غيرهم مما هم فيه، ويذكرونهم بثواب الله العظيم، وأن الآخرة أفضل من الدنيا بجمالها وفتنتها.
وفي أحد الأيام خرج قارون في زينته بين قومه، ومعه كنوزه وأمواله، كعادته التي اعتاد عليها؛ ليجعلهم يندبون حظهم، ويشعر هو بخيلائه وغروره، ولكن فجأة جاء وعد الله وعقابه، وحانت لحظة العذاب.
اهتزت الأرض من تحت قارون، والجميع أخذ يهرب، الحرس يهربون، الخدم يفرون، الناس ينفضون من حوله، الكل ينجو بنفسه من هول ما يحدث، ولكن قارون ظل واقفا يريد كنوزه التى عاش يفخر بها، ينادي على حراسه لا أحد يجيب، ينادي على خدمه لا أحد يجيب؛ فقد نزل أمر الله عز وجل.
انشقت الأرض بقارون وخسف الله به وبقصره الأرض، فهي جند من جنود الله أمرها الله أن تدفن قارون بجبروته، وسلطانه، وماله في ثراها ففعلت، وتعجب الناس من هول الفاجعة، وأخذوا يحمدون الله على ما هم به، ويقولون الحمد لله أنه لم يعطنا مثل ما أعطى قارون؛ حتى لا نكون من الهالكين.
عرف الناس بعدها أن كل هذا زائل، المال زائل، والملك زائل، ولا تبقى إلا طاعة الإنسان وعمله، فالمال فتنة لأصحابه، وقد كرم الله سبحانه وتعالى الفقراء المؤمنين، وجعلهم يدخلون الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة سنة، فالمؤمن الفقير عند الله أفضل من المؤمن الغني. وصدق الله: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ [القصص: 77]
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد سليم – الأرض المباركة (فلسطين)