- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
دروس من انفصال كتالونيا
(مترجم)
الخبر:
أجرت كتالونيا وهي أغنى منطقة في إسبانيا، استفتاء استقلالها في الأول من تشرين الأول/أكتوبر. وأظهرت النتائج أن 43٪ من الناخبين في المناطق قد صوتوا، 90٪ منهم صوتوا لصالح الاستقلال. وكان استفتاء عام 2014 قد حصل على إقبال مماثل، حيث صوت 81٪ للاستقلال في الاستفتاء غير الملزم. ومنذ التصويت فإن استقلال كتالونيا لا يزال غير مؤكد.
التعليق:
إن ما يحدث في إسبانيا ليس فريداً من نوعه، إنها الشوكة التي ترفع رأسها بانتظام في أوروبا.
كان لدى إسبانيا دائماً هويات إقليمية للذين يقيمون في المناطق الجبلية في أنحاء البلاد. وأدى ذلك إلى ظهور هويات إقليمية قوية لا تثق بالحكومة المركزية. على مدى القرون الخمسة الماضية، اختارت الحكومات الإسبانية المتعاقبة نهج الجزرة والعصا لمنع البلاد من التفكك. وقد حاولت ديكتاتورية فرانسيسكو فرانكو من عام 1939-1975، حاولت قمع الهويات الإقليمية الإسبانية من خلال حرمانها من الحقوق السياسية والثقافية، إلا أن دستور عام 1978 أنشأ واحدةً من أكثر الأنظمة السياسية اللامركزية في أوروبا، مما منح المناطق الإسبانية درجات عالية من الحكم الذاتي. ومن غير المرجح أن تسمح الحكومة الحالية في مدريد بإجراء استفتاء قانوني في كتالونيا، حيث إنها ستفتح الباب أمام مناطق أخرى - أبرزها إقليم الباسك وجاليسيا - للمطالبة بالأمر نفسه.
إسبانيا مثل الكثير من الدول الأوروبية تعاني من القومية المتفشية. حيث إن أوروبا لها تاريخ محفوف بالقومية. فقد ولدت صحوة أوروبا من الإصلاح في عام 1517 والتي بلغت ذروتها في حرب الثلاثين عاماً (1618-1648)، التي دمرت الكثير في ألمانيا، مما أسفر عن مقتل ما بين 25٪ و40٪ من مجموع سكانها. كما حاول نابليون في القرن السابع عشر فرض القيم الفرنسية على أوروبا كلها من خلال غزوها، حيث بلغت الحروب ذروتها في ذلك الوقت وانتهت بهزيمته في نهاية المطاف في عام 1815. كما قامت ألمانيا في جميع الحروب العالمية بمحاولة غزو أوروبا لضمان أمنها الخاص وهيمنتها على جيرانها. لقد كان إنشاء الاتحاد الأوروبي بعد الحرب العالمية الثانية محاولةً للتعامل مع القومية المدمرة التي طغت على القارة الأوروبية.
وبالمثل، نجد حجر الأساس في عصر اليوم، وهو الدولة القومية، يفشل في إيجاد مجتمعات متناغمة. وعلى الرغم من أن الحدود أصبحت بلا أهمية أو تأثير في عالم سياسي معولم، لم يعد بإمكان المفكرين والأمم أن يفكروا في أنفسهم في سياق القومية التي أدت إلى ظهور الدولة الحديثة في العصر الصناعي. وقد نفذت إسبانيا، مثل العديد من نظرائها الأوروبيين، تقشفاً صارماً ضد سكانها، حيث قاموا بإنقاذ بنوكهم، ولكن المناطق الأصغر تعتقد أنها تستطيع أن تكون أفضل من الناحية الاقتصادية إذا كانت مستقلة ولم تكن مجرد إقليم في دولة أكبر. إن الأزمة الاقتصادية، والمشاعر المتزايدة المناهضة للمؤسسة، وفضائح الفساد المتكررة، والأحداث السياسية المثيرة للجدل، مثل قرار المحكمة الدستورية الإسبانية بحظر أجزاء من نظام الحكم الذاتي في كتالونيا في عام 2010، قد أضرت بصورة الدولة الإسبانية في نظر كثيرين في كتالونيا.
إن القومية الضيقة والتي هي في شكل الدولة القومية، بالإضافة للاتحاد الأوروبي ذي القوميات المتأصلة قد فشلا بنظر الشعب في كتالونيا. وهذا هو السبب في أن أوروبا لا تزال تعاني من الأزمة؛ لأنها تستخدم نماذج الحكم التي تفرق بدلاً من النماذج التي توحد الشعوب. إن على أوروبا أن تنظر لنماذج الحكم البعيدة، حيث إنها سترى أن هناك نماذج أقوى وأفضل للمجتمعات الموحدة، مثل النظام الإسلامي الذي حكم شعوباً متفاوتة من جميع أنحاء العالم ومن ديانات مختلفة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عدنان خان
آخر تعديل علىالثلاثاء, 17 تشرين الأول/أكتوبر 2017