- الموافق
- كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم
علاقاتٌ مع من قتلنا وشرّدنا وأحرق أجسادنا؟! أين عِزّة المنتصر؟
الخبر:
فتحت زيارة وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، إلى موسكو على رأس وفد رفيع المستوى، البابَ على مصراعيه للحديث عن مستقبل العلاقات بين البلدين، والدور الذي قد تلعبه روسيا في سوريا الجديدة. وقد اتفق وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، ونظيره السوري على إعادة النظر في جميع الاتفاقيات الثنائية، وتطلعهما إلى علاقات صحية، كما التقى الشيباني بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في لقاء وصفته الخارجية السورية بـ"التاريخي"، مؤكدةً انطلاق مرحلة جديدة من التفاهم السياسي والعسكري.
التعليق:
قرأتُ الخبر، واطّلعت على مجموعة من الأخبار المرتبطة به، ولاحظت عباراتٍ مختلفة ركّزت عليها وسائل الإعلام، ومن بينها هذا الخبر. كانت الألفاظ تتحدث عن "المستقبل"، و"تاريخية الحدث"، و"نسيان الماضي"، وعن أمورٍ أخرى وُصفت بأنها أصبحت من الماضي، وأن لا داعي للحديث عنها!
وأنا أقرأ، قفزت إلى ذهني عبارة "شهداؤنا ليسوا أرقاماً"، تلك العبارة التي لطالما ردّدها الناشطون والعاملون في توثيق مجازر الدول بحق الثورة والثوار. وتأكد لي مجدداً أن الإعلام ليس فقط موجّهاً، بل قد يؤدي دوراً قذراً في تشويش وعي الناس، تماماً كدور أبناء إبليس، والعياذ بالله. ففي مرحلة سابقة، كان الحديث عن النظام وحلفائه ومجازرهم، أما اليوم، فقد تغيّر الخطاب كلياً.
أحد المواقع وصف الزيارة إلى روسيا بـ"التاريخية"، وقد صدق فيما قال. فكيف لا تكون تاريخية، بعد جبالٍ من الجماجم، وأكوامٍ من الأشلاء، وسيولٍ من الدماء التي أراقها الدب الروسي؟! ثم نجلس معه ونتبادل الضحكات، وكأن شيئاً لم يكن!
نعم، إنها زيارة تاريخية؛ فقد جاءت بعد أن صبّت طائراتهم حمم حقدها على رؤوسنا. تاريخية لأنها مع من أوقف نظام الأسد على قدميه في مرحلة من مراحل الثورة، بعد أن كاد يسقط. وها هو الآن يقبع فيها ولا ندري، هل كانت هناك نظرة إلى محياه من بعيد؟
أتريدون منّا أن نذكّركم بحجم الإجرام الذي ارتُكب؟ هل نُعيد سرد المجازر حتى لا تنسوها، ولا تقولوا "علاقات جديدة"، و"مرحلة جديدة"، وسائر هذا الكلام البشع؟!
إن كانت هناك مرحلة جديدة حقّاً، فلتكن بعد عزّةٍ منّا، بعد أن نأخذ حقوق أهلنا ونستعيد كرامتهم، ليس ونحن ما زلنا نرى الدماء تشخب، والأشلاء مكدّسة، والجماجم شاخصةً أمام أعيننا!
ما بالكم يا قوم؟! أين العزّة التي كنّا نراها فيكم؟ أين روحُ الانتقام التي عايناها عندكم؟ أين العزيمةُ في نصرة المظلوم، تلك التي أنشدت لها الأناشيد، ونظم حولها الشعر، ورتّبت لأجلها الكلمات؟!
تذكّرتُ، وأنا أريد أن أختِم، أنكم تعرفون ذلك حقَّ المعرفة، تعرفون واقعَ هؤلاء المجرمين. تعرفونهم تماماً، فقد خضتم معهم أشرس المعارك وأقساها، وشهدتم بأعينكم على إجرامهم. لكن يبدو أنّ شيئاً أقوى قد غطّى على كل ذلك، فنسيتم، ورميتموها خلف ظهوركم! وآمل ألا يكون ذلك الشيء هو الكرسي أو المنصب أو الحكم، فإن كان كذلك، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبدو الدلّي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا