الجمعة، 17 ذو الحجة 1446هـ| 2025/06/13م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
التّاريخ يدعو جيش باكستان: لقد حان الوقت للقيادة الإسلامية الحقيقية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

التّاريخ يدعو جيش باكستان: لقد حان الوقت للقيادة الإسلامية الحقيقية

(مترجم)

 

 

الخبر:

 

أدّى الهجوم الذي وقع في باهالغام في نيسان/أبريل 2025، والذي قتل فيه مسلّحون 26 مدنياً وأصابوا آخرين، إلى زجّ كشمير مجدداً في قلب وضع سياسي عقدي معقد. وبينما أشارت السلطات فوراً إلى مسؤولية الجماعات المسلحة المدعومة من باكستان، سرعان ما تمّ تسييس الحادثة ودمجها في السرديات الأوسع التي شكلت حكم ناريندرا مودي لأكثر من عقد: صراع بين دولة قومية هندوسية وأعدائها المزعومين داخلياً وخارجياً.

 

التعليق:

 

سلّطت المواجهة العسكرية الأخيرة بين باكستان والهند على خطّ السيطرة في كشمير، الضوء على هشاشة التوازن الجيوسياسي المتزايدة. فقد كشفت هجمات الهند الفاشلة والهجمات المضادة الباكستانية المتطورة عن نقاط ضعف في قدرات الهند العسكرية، ما دفع الهند إلى السعي لوقف إطلاق النار. ولا يُمثّل هذا انتصاراً تكتيكياً لباكستان فحسب، بل يُمثّل أيضاً فرصة استراتيجية محتملة. فعلى مدى عقود، استثمرت باكستان في التكنولوجيا العسكرية الحديثة وطوّرت قدراتها بمساعدة جهات من بينها الصين.

 

في المقابل، اعتمدت الهند على تقنيات قديمة، على الرّغم من أنها تلقت مؤخراً تحديثات من شركاء غربيين مثل فرنسا وكيان يهود وأمريكا. وقد اتّسق الهجوم تماماً مع الرواية التي رسّخها حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم خلال سنوات حكمه. فبالنسبة لحكومة مودي، لم يكن الجناة مجرد إرهابيين، بل رموزاً لعدو أكبر ألا وهو الإسلام والمسلمون. ودون انتظار تحقيق شامل، ألقت باللّوم على جماعات متمركزة في باكستان، مُسمّيةً جماعة لشكر طيبة وتنظيمها المقاتل المزعوم، جبهة المقاومة. وعلى الرغم من نفي جبهة المقاومة مسؤوليتها ونقص الأدلة الموثوقة، إلا أن الرواية كانت راسخة بالفعل. دمج حزب بهاراتيا جاناتا، المتمرس منذ فترة طويلة في تحويل الأزمات الوطنية إلى رصيد سياسي، مذبحة باهالغام في رؤيته السياسية لـ"هندو راشترا".

 

كان افتتاح معبد رام في أيوديا تتويجاً لعقود من السياسة الطائفية. كما كان إشارة واضحة: في الهند بقيادة مودي، تُقر الدولة الهندوسية، بينما يُنظر إلى الديانات الأخرى بعين الريبة. منذ إلغاء المادة 370 في عام 2019، جُردت كشمير من استقلالها وخضعت لسيطرة إدارية وعسكرية واسعة النطاق من الحكومة الهندية.

 

ما كان في السابق منطقة يحكمها العدل والرحمة الإسلامية أصبح الآن فعلياً منطقة عسكرية، تُحكم من نيودلهي وتتشكل بطموحات قومية. تُقدم مشاريع البنية التحتية مثل جسر السكك الحديدية الجديد الذي يربط كشمير بالبرّ الرئيسي للهند على أنها رموز للتقدم. لكن في الواقع، تُمثل هذه التطورات احتلالاً وليس تكاملاً. أصبحت الاعتقالات التعسفية، وقطع الإنترنت، والاستيلاء القسري على الأراضي، والقمع القانوني، أدواتٍ شائعة للحكم في المنطقة. ويُسعى إلى تحقيق الأمن على حساب الثقة، ويصبح كل حادث جديد مبرراً لمزيد من القمع ودليلاً على عدم فعاليته. وهذا يعكس بدقة التكتيكات التي استخدمتها قوات يهود ضد الفلسطينيين لعقود.

 

تتجاوز عواقب الهجوم كشمير أيضاً. فبعد فترة وجيزة، تحركت حكومة مودي لتعليق جزء أساسي من معاهدة مياه نهر السند، التي تُعدّ حجر الزاوية في الدبلوماسية الهندية الباكستانية منذ عام ١٩٦٠. يُعدّ التهديد بتقييد تدفق المياه إلى باكستان رمزياً واستراتيجياً. فهو لا يُشير فقط إلى ردّ انتقامي، بل أيضاً إلى استعداد لاستخدام الموارد المشتركة كأسلحة في الألاعيب السياسية.

 

لا تزال النخبة الباكستانية تنظر إلى أمريكا كحليف لا غنى عنه، لكن الواقع يُظهر أن أمريكا تُراهن بشكل متزايد على الهند كشريك استراتيجي رئيسي لها في آسيا. ولا يعود ذلك إلى اعتبارات اقتصادية وعسكرية فحسب، بل أيضاً إلى دور الهند في استراتيجية أمريكا لاحتواء الصين. تبدو باكستان عالقة بين مصالح القوى العالمية؛ سعياً وراء الدعم الأمريكي من جهة، وتعاون صيني متزايد من خلال الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني والعلاقات العسكرية من جهة أخرى.

 

تقف باكستان عند مفترق طرق تاريخي: إمّا أن تظلّ أداةً في استراتيجيات القوى العظمى أو أن تُسيطر على مصيرها وتُعلي شأن الأمة الإسلامية. إنّ تحرير كشمير والتحرر من التبعية لأمريكا هما مفتاح هذا التحول الاستراتيجي والمبدئي. إنّ الاضطرابات العالمية الحالية ليست مجرد تهديد، بل فرصة ذهبية للقيادة والتحوّل الإسلامي. ينبغي على باكستان ألا تسعى إلى الوضع الراهن أو وقف إطلاق النار، بل أن تتخذ خطوة تاريخية بتحرير كامل كشمير، وتأمين السيطرة على مواردها الحيوية، وبالتالي تولي القيادة في نظام عالمي متقلب. وهذا يمهد الطريق لعصر جديد تلعب فيه باكستان دوراً محورياً في إقامة الخلافة الراشدة. هذه رؤية مبدئية عميقة لا تتطلب القوة العسكرية والقيادة السياسية فحسب، بل الإرادة السياسية لتحدي النظام العالمي القائم. لقد حان الوقت لباكستان لوضع حد لرؤية مودي لـ"الأمة الهندوسية" من خلال الاتحاد مع دول آسيا الوسطى، وتحرير كامل كشمير، وإقامة الخلافة الراشدة على أنقاض معبد رام ورؤية الأمة الهندوسية.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مهيب عبد الله

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع