- الموافق
- كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم
روسيا تريد استخدام طالبان في مكافحة الإسلام
(مترجم)
الخبر:
في 17 نيسان/أبريل 2025، أصدرت المحكمة العليا الفيدرالية في روسيا قراراً يقضي بشطب اسم حركة طالبان رسمياً من قائمة المنظمات الإرهابية، وذلك استجابةً لطلب وزارة الخارجية وجهاز الأمن الفيدرالي الروسي. ووصفت السلطات الروسية هذا القرار بأنه يعكس "واقعية سياسية" في التعامل مع التطورات الجارية في أفغانستان، مشيرةً إلى أنه قد يفتح المجال أمام تواصل رسمي مع طالبان، رغم أن موسكو لم تمنحها بعد اعترافاً رسمياً.
التعليق:
في عام 2003، أدرجت روسيا حركة طالبان ضمن قائمتها للجماعات الإرهابية، وذلك تزامناً مع بدء الغزو الأمريكي لأفغانستان تحت شعار "الحرب على الإرهاب". وكان ذلك القرار يعكس، بالإضافة إلى مخاوف موسكو من انتشار الفكر الإسلامي في المنطقة، توافقاً استراتيجياً مع السياسات الأمنية الغربية آنذاك.
مع تصاعد خطر تنظيم الدولة في أفغانستان وآسيا الوسطى، لا سيما في شمال أفغانستان، شرعت روسيا في إقامة علاقات تعاون غير رسمية مع طالبان. فرغم التمسّك بمواقف علنية حذرة، إلا أن موسكو باتت تنظر إلى طالبان كفاعل لا غنى عنه في معادلات الأمن الإقليمي.
ولا يُفهم قرار رفع التصنيف الإرهابي عن طالبان على أنه نابع من تعاطف أو تغيير في المبادئ، بل يعكس قلقاً روسياً متزايداً إزاء الجماعات الإسلامية ذات الطابع العابر للحدود، بما في ذلك بعض الحركات القادمة من آسيا الوسطى والناشطة داخل صفوف طالبان. في الوقت نفسه، شهدت الاجتماعات الأمنية الإقليمية الأخيرة، بقيادة روسيا والصين، توصيف حزب التحرير بصفته تهديداً مباشراً، وذلك في ضوء نفوذه المتنامي داخل أفغانستان.
ومن الواضح أن روسيا لا تقتصر في تحركها على التواصل مع طالبان، بل تسعى إلى توظيفها كأداة للحد من تمدد الحركات الإسلامية الأخرى في المنطقة. وعلى الرغم من أن هذا التوجّه يُقدَّم في سياق "الأمن القومي" لروسيا وحلفائها في آسيا الوسطى، فإنه لا يمثل قطيعة مبدئية مع الولايات المتحدة، بل يُكمل مساراً سبق لواشنطن أن اختطّته. فأمريكا التي كانت تعتبر طالبان خصماً وجودياً، باتت اليوم ترى فيها وسيلة لتحقيق "استقرار مضبوط" في أفغانستان، وها هي روسيا تسلك الطريق نفسه. فقد كان قرار موسكو في عام 2003 متناغماً مع الخط الأمريكي، وقرارها الحالي بإزالة صفة الإرهاب يتماشى مع تراجع "مكافحة الإرهاب" في أجندة الاستراتيجية الغربية.
ولعبت موسكو دوراً ملموساً في استضافة محادثات السلام بين واشنطن وطالبان، والتي ساهمت في تعزيز مسار اتفاق الدوحة. تلك المحادثات، وإن رُوّج لها على أنها تمهيد للسلام، كانت في جوهرها تهدف إلى احتواء الحركات الإسلامية المبدئية والحدّ من نفوذ طالبان. واليوم، تسعى كل من الولايات المتحدة وروسيا إلى فرض طالبان كسلطة وطنية قادرة على لعب دور مانع أمام أي حركة إسلامية تُصنّف كتهديد لمصالحهما. وقد عبّر الرئيس فلاديمير بوتين عن ذلك صراحة العام الماضي، حين وصف طالبان بأنها "شريك لروسيا في مكافحة الإرهاب".
هذا التحول في موقف موسكو يكشف حقيقة عميقة: أن مفهوم الدولة القُطرية الحديثة، مهما تجمّل بالخطاب الدبلوماسي، إنما هو في جوهره أداةٌ لقمع المشروع الإسلامي، وللحد من الجماعات التي تُرى تهديداً لمنظومة المصالح والنظام العالمي القائم. وروسيا، على غرار الولايات المتحدة، قوة استعمارية لديها سجلّ دامغ في التدخل والجرائم في البلاد الإسلامية، من أفغانستان إلى الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.
وعليه، فإن إزالة اسم طالبان من قائمة الإرهاب لا تعني الاعتراف بشرعية إسلامية، بل تمثل خطوة استراتيجية لتحويل هذه الحركة إلى أداةٍ جيوسياسية تُستخدم في كبح الحركات الإسلامية الأخرى. ومرة أخرى، تؤكد هذه التطورات أن الخلافة الإسلامية هي وحدها التي تستمدّ سياستها من عقيدتها، فتُحدّد موالاة الأصدقاء وعداوة الأعداء على أساس الإيمان والكفر، لا على أساس المصالح الوطنية أو مخاوف التهديد الجيوسياسي.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
يوسف أرسلان
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية أفغانستان