الخميس، 26 شوال 1446هـ| 2025/04/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
تأثير المهاجرين المسلمين في الغرب

بسم الله الرحمن الرحيم

 

تأثير المهاجرين المسلمين في الغرب

 

 

الخبر:

 

العديد من الشركات التجارية تعرض منتجات لمناسبتي رمضان والعيد في الأسواق الألمانية وتهنئ المسلمين بالعيد.

 

التعليق:

 

مع تزايد عدد المهاجرين المسلمين إلى الدول الغربية مؤخرا تشهد الأسواق الأوروبية تزايدا للعروض الخاصة برمضان من أشكال الزينة والأطعمة والملابس ومواد الديكور، حتى إن إحدى المؤسسات التجارية الألمانية قامت بتحضير حلوى خاصة بالعيد وعرضها للبيع مع دعاية صوتية لتهنئة للمسلمين بالعيد بالكلمات العربية "عيد مبارك". ولم تكن هذه الظاهرة ملموسة في الأسواق الألمانية سابقا، في الوقت الذي كانت موجودة من قبل في فرنسا وبلجيكا لوجود أعداد أكبر من المهاجرين المغاربة أو في بريطانيا حيث كان لها عدد كبير من المستعمرات في البلاد الإسلامية.

 

بلغ في ألمانيا عدد الأجانب أو السكان من أصول مهاجرين حوالي 25 مليون نسمة وهو ما يشكل نسبة 20% تقريبا من عدد السكان، ومن المهاجرين المسلمين على وجه الخصوص ما يزيد عن خمسة ملايين أغلبيتهم من الأتراك ثم العرب وخصوصا السوريين إبان الثورة في السنوات العشر الأخيرة. وهذه النسبة من المسلمين تشكل ما يقارب 6% من السكان. ولعل تأثير الجالية السورية في الآونة الأخيرة كان الأكثر ملاحظة، حيث اقتصر تأثير الجالية التركية منذ ستينات القرن الماضي على بعض المتاجر، ومساجد قليلة متفرقة كان يرتادها كبار السن الذين جاؤوا محافظين على دينهم، ولكن هذه النسبة ازدادت بشكل ملحوظ مع ارتفاع وتيرة العداء العسكري والإعلامي للمسلمين منذ أحداث الحادي عشر من أيلول 2001م وما تبعها من غزو صليبي ضد البلاد الإسلامية، فصارت ردة الفعل عند المسلمين ملاحظة في ازدياد أعداد رواد المساجد من الشباب واهتمامهم بالقرآن ودعوة الناس للإسلام وكذلك دخول الكثير من أهل البلاد الأجانب الإسلام نتيجة انتشار وسائل التواصل وموارد المعلومات التي لا تخضع للتسييس والرقابة من الحكومات. وهذا ما دفع الدول إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد النشاطات الدعوية ومنع الأحزاب الإسلامية والجمعيات الثقافية واقتصار النشاطات على زيارة المساجد ومنع أي نشاط فكري خارج دائرة العبادات الفردية.

 

وكان لثورة أهل سوريا وهجرة الملايين منهم إلى أوروبا هاربين من ويلات حرب الإبادة التي مارسها نظام المجرم الجزار بشار الأسد الأثر الأكبر في ازدياد التأثير الشرقي في المجتمع الغربي، فعلى العكس من الجالية التركية التي كان جلها من عمال المصانع وكان اهتمامهم باللغة الألمانية قليلا وما يزال، نرى أن الجالية السورية اهتمت بالتجارة والأعمال الحرة وسوق الإنتاج وليس العمالة وكذلك اهتمت باللغة الألمانية فكان الاختلاط المجتمعي والاقتصادي أكبر وأكثر تأثيرا. ونشطت السوق التجارية الشرقية وما فيها من ثقافة وفنون في اللباس والزينة والطعام، ما حدى بالمؤسسات التجارية إلى مجاراة الطلب المتزايد على المنتجات الشرقية وعلى وجه الخصوص تلك المتعلقة بالمناسبات الدينية مثل رمضان والأعياد.

 

المواجهة السياسية لهذه التطورات المجتمعية والاقتصادية لوحظت من خلال زيادة المؤيدين للأحزاب اليمينية المتطرفة مثل الحزب البديل لألمانيا الذي يعارض سياسة التهجير ويريد إيقاف التأثير الإسلامي في المجتمع عبر التحريض وتوقيف الهجرة وطرد غير المرغوب فيهم من الأجانب من الأفغان والمغاربة والسوريين الذين يتهمونهم بالإجرام والعداوة للمجتمع ويمارسون عليهم ضغوطا سياسية للاندماج بتغيير هويتهم ومسخ عقيدتهم وتحريف دينهم مع الإبقاء على مظاهر التدين الفردي "الكنسي". وهذا التوجه السياسي أصبح أيضا متبعا في الأحزاب "المعتدلة" كأسلوب لاحتواء المؤيدين للأحزاب المتطرفة.

 

ولعل ما يشهد من الترويج للبضائع ذات الطابع الإسلامي أو في المناسبات الإسلامية دليل على فشل هذا المبدأ فكريا بمنع أو التقليل من تأثر المجتمع بالثقافة الإسلامية. وربما يكون هذا مؤشرا على نجاح مساعي المهاجرين في الحفاظ على هويتهم المتميزة وعقيدتهم التي يحملونها في جنباتهم، ويعملون على تطبيق أحكامها بجوارحهم في مجتمع يرفضهم ويرفض عقيدتهم وأسلوب حياتهم، متشدقا بأنه يحمل ثقافة أفضل وأرقى للبشرية، وهم بذلك يناقضون مبدأهم ويعارضون قيمهم التي بنوا عليها كياناتهم السياسية، مثل الحريات والديمقراطية وتأمين حرية التدين ومحاربة العنصرية والتفرقة العرقية.

 

ولو أردنا المقارنة بين ما يحصل في بلاد الغرب اليوم في ظل الديمقراطية، وما حصل في بلاد المسلمين أمس إبان الحكم الإسلامي في دولة الخلافة، لوجدنا الفارق الكبير والبون الشاسع، بل إنه لا سبيل للمقارنة بينهما، ولكن على سبيل التعريف بالنقيض نقول إن الأصل الذي التزمه الشرع في العلاقة بين الرعايا هو التابعية وليس غير، فكل من يحمل التابعية الإسلامية من غير المسلمين، له ما للمسلمين وعليه ما عليهم، ولا تفرق الدولة بين حاملي التابعية في الحقوق والواجبات والحفاظ عليهم وممارسة دينهم وعاداتهم دون المساس بالحقوق العامة التي تقيد الجميع بالشريعة الربانية التي قال الله سبحانه في تأكيدها: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ، والتي قال فيها رسول الله عليه الصلاة والسلام «مَنْ آذَى ذِمِّيّاً فَقَدْ آذَانِي».

 

هذه الحقيقة التي يسعى الغرب بكل أدواته الإعلامية والعسكرية والإدارية إلى طمسها وتشويهها، ولكنه يفشل في كل مرة ويزداد فشلا، ويرتقي هذا الدين في كل جولة من عليّ إلى أعلى، مصداقا لقوله تعالى: ﴿يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

م. يوسف سلامة

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع