- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الحديث الشريف - الدعاء مخ العبادة
نُحَيِّيْكُمْ جميعاً أيُّها الأحبةُ المستمعونَ في كُلِّ مَكَانٍ في حَلْقَةٍ جديدةٍ منْ برنامَجِكُمْ: مَعَ الْحديثِ الشريفِ، ونبدأُ بِخَيْرِ تحيةٍ فالسلامُ عليكُمْ ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ"
جاء في تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي
قَوْلُهُ: (الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ)
الْمُخُّ بِالضَّمِّ نَقِيُّ الْعَظْمِ وَالدِّمَاغِ وَشَحْمَةُ الْعَيْنِ وَخَالِصُ كُلِّ شَيْءٍ, وَالْمَعْنَى أَنَّ الدُّعَاءَ لُبُّ الْعِبَادَةِ وَخَالِصُهَا لِأَنَّ الدَّاعِيَ إِنَّمَا يَدْعُو اللَّهَ عِنْدَ اِنْقِطَاعِ أَمَلِهِ مِمَّا سِوَاهُ وَذَلِكَ حَقِيقَةُ التَّوْحِيدِ وَالْإِخْلَاصِ وَلَا عِبَادَةَ فَوْقَهُمَا. قَالَ اِبْنُ الْعَرَبِيِّ: وَبِالْمُخِّ تَكُونُ الْقُوَّةُ لِلْأَعْضَاءِ فَكَذَا الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ بِهِ تَتَقَوَّى عِبَادَةُ الْعَابِدِينَ فَإِنَّهُ رُوحُ الْعِبَادَةِ . قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} أَيْ عَنْ دُعَائِي
مستمعينا الكرام:
الدعاء هو سؤال العبد ربه. وقد تواردت الآيات الكريمات والأحاديث النبوية الشريفة التي ترغب وتحث على الدعاء، ومنها قوله تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان}، وقوله تعالى: {أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض}، وقوله صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له بدعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه السوء مثلها".
فيندب للمسلم أن يدعو الله سبحانه في السراء والضراء، في السر والعلن، حتى ينال ثواب الله تعالى، ففي الدعاء إظهار الخضوع والافتقار إلى الله عز وجل.
وقد يتساءل البعض، لماذا لم تحرر فلسطين أو العراق رغم كثرة الدعاء! لماذا لا يسخط الله يهود رغم أننا ندعو عليهم صباح مساء! لماذا لم ينتقم الله من أمريكا وبريطانيا! لماذ لم يرفع الله سبحانه عنا هذا الغلاء وهذا الفقر وهذا التشرذم ونحن ندعوه دون أن نكل! لماذا لم يغير الله سبحانه هذا الحال الذي نحن فيه، ونحن دوما نقول: "الله يغير هذا الحال" "ونقول الله يفرجها"!
مستمعينا الكرام، ليكن معلوما أن الدعاء لا يُحدث شيئا على غير سببه، وإلا لكان حبيب القلوب صلى الله عليه وسلم أحق الناس بذلك، ولنصره الله سبحانه دون عمل أو جهد. فإن أردنا حقا تحرير فلسطين والعراق وغيرها، وأردنا أن نطرد يهود من أرضنا، وأردنا أن نغير ما نحن فيه، فعلينا العمل الجاد تأسيا بالرسول الحبيب صلى الله عليه وسلم. أما الدعاء فالغاية منه تحصيل الثواب بامتثال أمر الله عز وجل، فهو عبادة من العبادات، فكما أن الصلاة عبادة والصوم عبادة، فكذلك الدعاء عبادة، فيدعو المؤمن ويطلب من الله سبحانه قضاء حاجته أو غير ذلك من الأدعية المتعلقة بالدنيا والآخرة، طلبا لثوابه سبحانه وامتثالا لأوامره.
وأخيرا نذكر بقوله صلى الله عليه وسلم: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنْ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْ عِنْدِهِ ثُمَّ لَتَدْعُنَّهُ فَلَا يَسْتَجِيبُ لَكُمْ"
مستمعينا الكرامُ: وإلى حينِ أَنْ نَلْقَاكُمْ مَعَ حديثٍ نبويٍ آخَرَ نتركُكُمْ في رِعَايَةِ اللهِ والسلامُ عليكُمْ ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ