- الموافق
- 1 تعليق
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الحديث النبوي الشريف (13)
أربعٌ إذا كُنَّ فيك ... فلا عليك ما فاتك من الدنيا!!
نَحُيِّيكُمْ جَمِيعًا أيها الأَحِبَّةُ الكِرَامَ فِي كُلِّ مَكَانٍ, نَلتَقِي بِكُمْ فِي حَلْقَةٍ جَدِيدَةٍ مِنْ بَرنَامَجِكُم "مَعَ الحَدِيثِ النَّبوِيِّ الشَّرِيفِ" وَنَبدَأ بِخَيرِ تَحِيَّةٍ وَأزكَى سَلامٍ, فَالسَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ:
رَوَى الإِمَامُ أحمَدُ فِي مُسنَدِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَسَنٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَرْبَعٌ إِذَا كُنَّ فِيكَ فَلا عَلَيْكَ مَا فَاتَكَ مِنَ الدُّنْيَا: حِفْظُ أَمَانَةٍ، وَصِدْقُ حَدِيثٍ، وَحُسْنُ خَلِيقَةٍ، وَعِفَّةٌ فِي طُعْمَةٍ ".
أحبتنا الكرام:
أوَّلُ هَذِهِ الأربَعَةِ: حِفْظُ أَمَانَةٍ:
رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الأَوسَطِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا إِيمَانَ لِمَنْ لا أَمَانَةَ لَهُ، وَلا صَلَاةَ لِمَنْ لا طُهُورَ لَهُ، وَلا دِينَ لِمَنْ لا صَلَاةَ لَهُ، إِنَّمَا مَوْضِعُ الصَّلَاةِ مِنَ الدِّينِ كَمَوْضِعِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ».
وَثَانِيهَا: صِدْقُ حَدِيثٍ:
رَوَى مُسلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا».
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الكَبِيرِ فِي قِصَّةِ كَعْبِ بنِ مَالِك, وَهُوَ أحَدُ الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا فِي غَزوَةِ العُسْرَةِ (تَبُوك) فَتَابَ اللهُ تَعَالَى عَلَيهِمْ. قَالَ كَعْب: «يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ اللهَ أَنْجَانِي بِالصِّدْقِ، وَإِنَّ مِنْ تَوْبَتِي إِلَى اللهِ أَنْ لا أُحَدِّثَ إِلاَّ صِدْقًا مَا بَقِيتُ، وَاللهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ أَبْلاهُ اللهُ فِي صِدْقِ الْحَدِيثِ مَا أَبْلانِي مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى يَوْمِي هَذَا، وَأَنَا أَرْجُو أَنْ يَحْفَظَنِي اللهُ فِيمَا بَقِيَ».
وَثَالِثُهَا: حُسْنُ خَلِيقَةٍ:
وَرَدَتْ الأحَادِيثُ الآتِيَةَ فِي كِتَابِ "مَوَارِدِ الظَّمآنِ إِلَى زَوَائِدِ ابنِ حِبَّان" فِي "بَابِ مَا جَاءَ فِي حُسْنِ الخُلُقِ": عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي مَجْلِسٍ: «أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟». (ثَلاثَ مَرَّاتٍ يَقُولُهَا) قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُول الله قَالَ: «أحسنكم أَخْلَاقًا». وَعَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبَكُمْ مِنِّي فِي الْآخِرَة أحاسنكم أَخْلَاقًا وأبغضكم إِلَيّ وأبعدكم مني فِي الْآخِرَة أسوأكم أَخْلَاقًا المتشدقون المتفيهقون الثرثارون». وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلا أُخْبِرُكُمْ بِخِيَارِكُمْ" قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: "أطولكم أعمارا وَأَحْسَنُكُمْ أَخْلَاقًا».
وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ أَثْقَلَ مَا يوضع فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُلُقٌ حَسَنٌ وَإِن الله يبغض الْفَاحِش الْبَذِيء». وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ أَرَادَ سَفَرًا فقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَوْصِنِي قَالَ: «اعْبُدِ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا" قَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ زِدْنِي قَالَ: «إِذَا أَسَأْتَ فَأَحْسِنْ». قَالَ يَا نَبِي الله زِدْنِي قَالَ: «اسْتَقِم وليحسن خلقك». وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَكْثَرُ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ قَالَ: «تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخلق». قَالَ مَا أَكْثَرُ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ قَالَ: «الأَجْوَفَانِ الْفَم والفرج». وَعَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أحْسنهم خلقا». وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِخُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ». وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَرَمُ الْمَرْءِ دِينُهُ ومروءته عقله وحسبه خلقه».
وَرَابِعُهَا: عِفَّةٌ فِي طُعْمَةٍ:
رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الأَوسَطِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: تُلِيَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا). (البقرة 168) فَقَامَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا سَعْدُ أَطِبْ مَطْعَمَكَ تَكُنْ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنَّ الْعَبْدَ لَيَقْذِفُ اللُّقْمَةَ الْحَرَامَ فِي جَوْفِهِ مَا يُتَقَبَّلُ مِنْهُ عَمَلَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَأَيُّمَا عَبْدٍ نَبَتَ لَحْمُهُ مِنَ السُّحْتِ وَالرِّبَا فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ».
وَرَوَى أبُو نَعِيم فِي مُسنَدِهِ المُستَخرَجِ عَلَى صَحِيحِ مُسلِم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ). (المؤمنون 51) وَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ). (البقرة 172). ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لَهُ؟».
مستمعينا الكرام: نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, وَالسَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذ محمد أحمد النادي - ولاية الأردن