الخميس، 19 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/21م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

نداء

من حزب التحرير / ولاية تونس إلى أهلنا الكرام في أرض الزيتونة

 

﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجاً * قَيِّماً لِّيُنذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً

 

نخاطبكم وقد ضقتم ذرعا بهذا النّظام الفاسد وفقدتم ثقتكم في السياسيين والبرلمان والحكومات، ونحن نعلم أنّكم لم تفرحوا لما حدث يوم 25 تموز/يوليو إلا لأنّكم تخلّصتم من حكومة العجز والخيانة وبرلمان الفساد والتهريج ومن أحزاب سياسيّة علمانيّة هزيلة بائسة. أو هكذا تظنّون، فهل حقّا تخلّصنا من النّظام الفاسد البائس؟

 

أعلن الرئيس عن تدابير استثنائيّة، وبدأ بالعمل على ثلاثة أمور:

 

-     محاربة الفساد الذي اختزله في أشخاص الفاسدين، بما يعني أنّ الحلّ حسب منطق الرئيس أنّ معاقبة الفاسدين ستزيل الفساد.

 

-     تغيير أسلوب الحكم من برلماني إلى رئاسي. باعتبار أنّ الأسلوب البرلماني لم يتماش مع طبيعة المشهد السياسي التّونسي، وكلّنا يذكر أنّ الرئيس دعا إلى استعادة دستور 1959، متناسيا الويلات التي ذقناها جرّاء ذلك الدّستور.

 

-     تغيير القانون الانتخابي، بما يمنع الأحزاب الصغيرة (حجما) من الوصول إلى البرلمان لكي يقتصر على حزبين أو ثلاثة يتحكّمون في صناعة القرار والتّشريع.

 

أيّها الأهل الكرام:

 

إنّ هذا المسار خطير وخطورته تكمن في أمرين:

 

1-     يحافظ على النّظام الدّيمقراطي الرأسمالي الذي يجعل القلّة من الأقوياء يتحكّمون في مصير الشّعب، يُوصلون بتمويلاتهم "القانونيّة" من يشاؤون إلى البرلمان، يشرّع لهم حسب مصالحهم، ليتواصل الظّلم الكبير بإبعاد الإسلام وأحكامه الحكيمة العادلة عن الحكم والتّشريع.

 

2-     يخفي هذا المسار المشكلة العظمى لتونس التي تتمثّل في التدخّل الأجنبي في تقرير مصير التّونسيين.

 

المشكلة التي تعاني منها تونس وسبب كلّ أزماتها هي تدخّل القوى المستعمرة الكافرة في شؤون البلاد منذ القرن الـ19، منذ أن فرضوا عهد الأمان ومن بعده دستور 1861 الذي كان تمهيدا للاستعمار الفرنسي، ثمّ تواصل التدخّل الاستعماري زمن بورقيبة عميل بريطانيا الذي استبدلت به بن علي ثم فاجأتهم الثورة، فانقضّوا على تونس يزعمون دعمهم للشعب وخياراته ولكنّهم استبدلوا عملاء جدد بالعملاء القدامى وواصلوا تدخّلهم في شؤون تونس، واليوم بعد 25 تموز/يوليو هل تغيّر الأمر؟

 

أيّها الأهل الكرام:

 

تشهدون جميعا حجم التّدخّلات الخارجيّة في الشأن التّونسيّ، والمشكلة الكبرى والأخطر أنّ هاته التدخّلات تجد القبول لدى كلّ الطّبقة السياسيّة بمن فيهم الرئيس قيس سعيّد، فجميعكم يعلم أنّ كلّ الأحزاب العلمانيّة (حركة النّهضة والدّستوري الحرّ وقلب تونس والتيّار وتحيا تونس وغيرها) كلّها على اتّصال بالسّفارات الأجنبيّة ولكلّ منهم سيّد أوروبي يُطيعه ويخدمه ويستقوي به، أمّا الرئيس سعيّد فسمعتموه جميعا ينكر أنّ فرنسا استعمرت تونس وسمعتموه جميعا يُمجّد القوانين الفرنسيّة، وسمعتموه جميعا يُنصت إلى رؤساء فرنسا وأمريكا مطأطئ الرأس، يكلّمونه كلّ يوم ويأمرون وينهون في الشأن التّونسي وهو يستمع إليهم ويستقبل وفودهم ويطلب رضاهم ويطمئنهم... لماذا؟ فما دخل أمريكا وفرنسا وبريطانيا في بلدنا وفي كيفيّة عيشنا؟ ولماذا يسمح لهم الرئيس؟ ألم يكن قادرا على الاعتذار عن لقائهم؟ أم هو لا يجرؤ؟ ثمّ لماذا يسمح الرئيس لوفودهم بمقابلة من يشاؤون. أليست الشؤون الخارجيّة من صلاحيّات الرئيس؟ فهل منع السفراء (سفراء بريطانيا وفرنسا وأمريكا) من التجوّل في طول البلاد وعرضها؟

 

وفي هذا السّياق نوجّه خطابنا:

 

1-     إلى رجال تونس،... إلى علمائها وخطباء المنابر:

 

تعلمون أنّ الفساد في تونس فساد "قانونيّ"، وأنّ القوانين الفاسدة هي التي برّأت كبار الفاسدين الذين ينهبون ثروات البلاد بشكل قانونيّ، وهي التي برّأت منظّمات كثيرة تتلقّى تمويلات أجنبيّة لأنّ القانون يسمح لهم بالتمويل الأجنبيّ، فصاروا يسرحون ويمرحون في البلاد يخدمون مصالح الأجانب بشكل قانونيّ بواسطة القوانين الوضعيّة التي يفرضونها في البرلمان وتنفّذها السلطة التنفيذيّة.

 

سيشغلونكم بآلاف القضايا لأشخاص فاسدين، وسيسرقون أعماركم في تتبّع قضايا فرعيّة لن تُنهي الفساد أو تقلّل منه ما دامت القوانين يضعها بشر فسوف يستمرّ الفساد ويستشري. نعم سيشغلونكم عن اقتحام المستعمرين وعبثهم بتونس وبأنظمتها (ومنها النّظام القضائي) لأنّ القانون لا يُجرّم التدخّل الأجنبيّ.

 

أنتم تجدون في كتاب الله أن لا حكم إلا لله وحده، وأنّه من حكم بغير ما أنزل الله فهو إما فاسق أو ظالم أو كافر، وأنتم تجدون في كتاب الله أنّ الخضوع للكافر وموادّته من أعظم الجرائم. والمسلمون ينتظرون منكم كلمة حقّ، وكلمة الحقّ اليوم أنّه لن يُنقذ تونس إلا الإسلام وأحكامه مطبّقة في الحكم والسياسة والاقتصاد والتّعليم. البلاد في أزمة قاتلة أعداؤها يجولون في كلّ البلاد والكفّار المستعمرون يطلبون بوقاحة إبعاد الإسلام وتحكيم الكفر (تشريعات البشر) ويطلبون الاستسلام لإرادتهم، أليس الأوان أوان الجدّ؟ أليس فيكم العزّ بن عبد السّلام؟ الذي تصدّى للحكّام الظّالمين ووحّد كلمة المسلمين فكان النّصر المبين على الكفّار المعتدين في زمانه؟

 

أيّها العلماء، اليوم يومكم لا نحتاج منكم إلا كلمة حقّ فقولوها على المنابر، ادعوا النّاس جميعا إلى الالتفاف لإقامة دولة قويّة أساسها عقيدة الإسلام ودعائمها أحكامه العادلة وأنّ ذلك لن يكون إلا بدولة يكون الحاكم فيها خليفة لرسول الله يُبايعه النّاس على أن يرعاهم ويحكمهم بما أنزل الله في كتابه العزيز.

 

2-     إلى المخلصين الشرفاء من القيادات الأمنيّة والعسكريّة:

 

أنتم أعلم النّاس بخيانات السياسيين، فإنّا وإن كنّا نعلمها بالتّحليل ومتابعة الأقوال والأفعال فإنّكم تشاهدونها بأعينكم ليلا نهارا، تشاهدون كلّ من يتردّد على السّفارات وتعلمون كلّ حركات السّفراء الأجانب ومن يلتقون ومع من يتآمرون، نعم أنتم تعلمون ذلك علما وترونه عيانا فإلى متى السكوت والاستسلام؟

 

ألم تُقسموا على كتاب الله العظيم أن تحموا بلادكم وأهلكم من أعدائهم؟ هذا الأوان أوانكم لحماية تونس من خونتها وكفّ أيدي العابثين بمصيرنا. اليوم يومكم، ندعوكم أن تقفوا في صفّ أمّتكم ودينكم وبلدكم، ندعوكم إلى حمايتنا من هذا التّدخّل الأجنبي الاستعماري وذلك:

 

-     بأن لا توفّروا الحماية لكلّ من يتعامل مع الدّول المعادية (وبخاصّة أمريكا وبريطانيا وفرنسا) وأن تمنعوهم من تلك اللقاءات المشبوهة.

 

-     وأن ترفضوا كلّ تعاون مع تلك الدّول وتطالبوا بنقض اتّفاقيّات السوء التي عقدها العملاء، اتّفاقيّات ما يُسمّى بالتعاون الأمني، الاتّفاقيّات التي عقدتها بريطانيا خاصّة مع وزارات الدّفاع والدّاخليّة والعدل، والاتّفاقيّات العسكريّة الظّالمة التي عُقدت مع أمريكا. والامتناع عن المشاركة في مناوراتهم العسكريّة.

 

يا أهلنا وأحبتنا في أرض الزيتونة والقيروان:

 

القضيّة اليوم وعقدة العقد وأصل كلّ شرّ وبليّة في تونس يكمن في أمرين اثنين:

 

-     الأوّل هيمنة المستعمر الأجنبي وخضوع الطّبقة السياسيّة له.

 

-     الثّاني الإصرار على إبعاد الإسلام وأحكامه وتطبيق تشريعات غريبة غربيّة.

 

فواجبنا الأوّل اليوم تحرير أنفسنا وبلدنا، وإن تحرير بلادنا من النّفوذ الغربي يكمن في رفض تدخّله في شؤوننا وقلع كلّ سياسيّ (حاكما كان أو غير حاكم) يتعامل معه أو يقبل بتدخّله، لأنّه لولا تآمر الحكام الخائنين لله ورسوله لما كان لأمريكا أو بريطانيا أو فرنسا مطمع فينا ولا في بلادنا،

 

والواجب رفض ديمقراطيّة الغرب التي استعبدنا بها والاعتصام بإسلامنا العظيم، وما فيه من أحكام ومعالجات لكل أمور الدنيا والآخرة، ترفع عنا ضنك العيش وترفعنا من ذيل الأمم إلى مقام القيادة للبشرية بحمل رسالة الخير إلى العالم بالدعوة والجهاد وذلك لن يكون إلا ببناء دولة قويّة حقيقيّة كالدّولة التي أقامها الرسول ﷺ في المدينة أوّل مرّة ويكون ذلك باختيار خليفة يحكم بشرع الله ويقودنا للتّحرّر.

 

ولتكن ثقتنا بالله القوي العزيز فهو مولانا ونعم المولى ونعم النصير، وحسبنا قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ ‌يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ * أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ.

 

 

 

التاريخ الهجري :2 من صـفر الخير 1443هـ
التاريخ الميلادي : الخميس, 09 أيلول/سبتمبر 2021م

حزب التحرير
ولاية تونس

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع