بسم الله الرحمن الرحيم
هل سيكون حزب العدالة والتنمية طوق نجاة للنظام المغربي المتهاوي؟!
يدرك الغرب وأتباعهم في بلاد المسلمين أن بها موجة عاتية لا تتوقف تجتاح ما يعترضها ومن يقف أمامها، ولا حيلة لهم بالوقوف في وجهها بل أصابهم من ذلك يأسٌ مستقرٌّ في صدورهم، وهم يدركون أيضا أن اللون المقبول على الأمة الساعية بجد في مواجهة الظالمين ليس ما يحاولونه لها صِبغةً باهتةً من حركات تلونت بلون الزمان يناير وفبراير، بل هي صبغة الله التي تصبغ الزمان، { وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً } [البقرة: 138]، وهم موقنون أن الأمة سائرة في هذا الاتجاه ولا تتراجع في سيرها بل هي ماضية في ذلك منذ ما يزيد على نصف قرن، ولم تنفع ساستَها كلُّ أشكال الظلم والتنكيل والحرب التي مورست من قبل الظالمين بحق الأمة وحمَلة النور فيها ممن يريدون كسوتها بسربال التقوى بعد غياب طويل للإسلام عنها وصل حد القطيعة بين الأمة ودينها على المستوى السياسي والاقتصادي، واختلال في سائر وجوه الحياة، وقد لاحظ متولّو التضليل انحياز الأمة للدين وأهله، فهو أمر يظهر في حركاتهم وهتافاتهم وجُمُعاتهم واجتماعاتهم ظهورا لا يُنازع فيه ذو عقل ولا صاحب بصر، وهم يرون أن الناس عندما يُترك لهم فسحة ليختاروا من يمثلهم لا يختارون إلا من يمثل الدين حقيقة أو ظاهرًا، ولا تَعدل الأمةُ بمن يدعون إلى الدين أحدا، فهرعت بعض الدول التي تخشى على غدها أن لا يَلبَسَ لباسَ أمسِها، في تزييف الصورة من جديد بالتقدم للناس ببديل يريحهم، يحمل الشعارات ذاتها التي مالوا إليها، ودأبوا على رفعها وتزيينها والمناداة بها وفي الوقت ذاته يثبتون الوضع القائم نفسه بلباس جديد!.
فتقدموا بفتح الميدان لسباق الفرسان تحت سقف نظام لم يتغير بل هو نظام يوشك أن ينهار ويحتاج عمَدًا يقوم به بنيانُه، ليجدوا في بعض التيارات الإسلامية عمَدا يحمي سقفهم من السقوط ففاز حزب العدالة والتنمية وتراجعت الأحزاب التي شكلت الحكومة السابقة لتظن الناس أن في الأمر فرجًا وهو بفوز الإسلام تحت قبة لا يُعظَّم فيها الله!! بل تُعظم دساتير الغرب وأفكاره ونُظمه، وبهذا الوهم يطول أمد الظلام وتعظم فريته على الناس، لأن له شركاء ممن زعموا أن دين الله يمكن أن يقبل الحياة تحت سلطان لا يحكم بما أنزل الله أو يقبل بالتعايش مع نظام لا يخضع لأمر الله، والله لا يقبل له شريكا في الحكم والتشريع ولا يقبل له شريكا يُعبد ويُقَدَّس { إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } [يوسف: 40].
ومن عجب أن يقبل الدعاة إلى الإسلام العيش أعضاء في حكومة تطيل أمد غياب الإسلام وتقبل بمفاهيم الحضارة الغربية بينما ترفض بعض الأحزاب الاشتراكية عبر مجلسها الوطني التحالف معهم في حزب العدالة والتنمية في موقف كان على حزب العدالة أن يقفه.
وإزاء هذا الحال نخاطب المسلمين والحركات الإسلامية في المغرب فنقول إن المسلم مؤتمن أينما كان على دين الله فلا يساوم عليه ولا يتخير فيه ولا يجعل دينه عرضة للمزادات، بل إن من أعظم الجرائم التلبيس على الناس وإلباس الحق بالباطل وإطالة عمر الفساد تحت مبررات المكتسبات التافهة التي تلبي مطالب آنية لفئة من الناس على حساب سائر الناس فهذه خيانة لله والرسول وخيانة للأمانات وقد نهى الله عنها فقال: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } [الأنفال: 27]
التاريخ الهجري :15 من محرم 1433هـ
التاريخ الميلادي : السبت, 10 كانون الأول/ديسمبر 2011م
حزب التحرير
المغرب