الثلاثاء، 08 ذو القعدة 1446هـ| 2025/05/06م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

مفهوم التنمية الغائب في قمة الحكام التنموية

  • نشر في مع الإعلام
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 1040 مرات

 

ننقل لكم المقال الفكري الذي نشرته صحيفة الزمان بتاريخ 25 كانون الثاني/يناير 2013م للدكتور ماهر الجعبري عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في فلسطين بعنوان (وقفة فكرية مع قمة الرياض).

 

وقفة فكرية مع قمة الرياض

 

الدكتور ماهر الجعبري*

 

اختتم الحكام العرب قمتهم التنموية في الرياض، تجاذبوا فيها أطراف الحديث كالعادة، ثم عاد كل منهم إلى قصره، بعد أن مارسوا التضليل السياسي والفكري وسطروا الوعود الباهتة لاستمالة الشباب وصرفهم عن المسار الثوري، وقد اتخذوا لقمتهم عنوانا "تنمويا"، بينما ظلوا يتحدثوا عن الرأسمالية الغربية وآلياتها، ولم يشر أي منهم بأية إشارة لهوية الأمة الثقافية طيلة مداولات هذا المؤتمر، وهو ما يدفع لوقفة فكرية مع مفهوم التنمية وتشابكاته المبدئية والشرعية والسياسية.

 

لا شك أن المتابع السياسي والناشط المجتمعي يلاحظ تداول مصطلحات عديدة في هذا الشأن مثل التنمية الاقتصادية ومنها التنمية الصناعية والتنمية الإدارية، والتنمية الاجتماعية والتنمية السياسية، وهي مصطلحات يتداولها الإعلام والكتّاب والساسة، وهي قضايا تشغل المجتمعات والدول، وهي مسائل تحتل عقول الباحثين والمفكرين والمخططين والسياسيين: المصلحين منهم والمخرّبين.

 

وهي تلتقي عند مصطلح التنمية، فهل من موقف مبدئي إسلامي من التنمية من حيث الرسم والاسم؟ أو من حيث المعنى والمبنى؟ وهل من موقف سياسي متحرر من الأسر ضمن حدود الثقافة الغربية المهيمنة على الإعلام والحكام؟

 

ولا تتطرق هذه المقالة لتناول كافة هذه الأفرع التنموية بالسرد والتبيان والعرض، إذ الغاية وضع أساس لمفهوم التنمية ومعيار للحكم على تلك التفريعات، وذلك ضمن ثلاثة تفريعات:

 

أولا - مفهوم التنمية

 

يخضع مصطلح التنمية لجدل بسيط، وهو يستخدم كترجمة عن الإنجليزية لكلمة تأتي بمعنى التطوير (Development). والتنمية في اللغة العربية هي الزيادة والتحسين والتوسع. وتعتبر -في أدبياتها الحديثة- كتطور أفرزته السياسات الدولية في مجال تطور الدول وارتقائها. وهي ترتبط بالمجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والإدارية.

 

وتُعرف التنمية، عند بعض الكتّاب، على أنها توحيد جهود جميع المواطنين مع الجهود الحكومية لتحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية للجماهير، وربطهم بظروف مجتمعهم ونمط الحياة فيه، وتمكينهم من المساهمة في تحقيق التقدم والرقى لمجتمعهم.

 

وهنالك مصطلح "التنمية المستدامة" الذي يركّز على ديمومة التطور والبقاء، كما يعرفها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تقريره لسنة 1992 بأنها: "عملية توضع في إطارها السياسات الاقتصادية والمالية والتجارية والزراعية والصناعية وسياسات الطاقة على نحو يفضي إلى تنمية لها أثر باق من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والبيئية".

 

ويتحدث المنظّرون في هذا المجال عن أربعة عناصر للتنمية هي الإنتاجية والعدالة الاجتماعية والاستدامة والتمكين.

 

ثانيا - الموقف العام من التنمية

 

من الواضح أن مفاهيم "التنمية المستدامة" تختلط فيها الأدوات المادية والوسائل العلمية العالمية (مثل الإنتاجية) مع التوجهات الفكرية ووجهات النظر الخاصة في الحياة (مثل العدالة). وهنا تتشابك النظرات حول التنمية، وتتداخل الأوجه المرتبطة بها؛ ما بين جوانب ذات أوجه عامة للبشر وأخرى خاصة مرتبطة بثقافاتهم، وبالتالي فإن التنمية (والاقتصادية منها على وجه الخصوص)، تتضمن شقين هما:

 

1) جوانب مدنية (مادية) أساسية ومشتركة بين الناس، ولا علاقة لها بمبادئهم (مثل كيفية إدارة الإنتاج وآلاته).

 

2) جوانب حضارية (ثقافية ومعنوية) ترتبط بالمبادئ التي تسيّر المجتمعات حسب قناعاتهم (مثل كيفية تحقيق العدالة).

 

ولا شك أن المعاني العامة للتنمية (المادية) في المجالات الاقتصادية والتجارية والزراعية والصناعية والطاقة وما يرتبط بها من تحسين الظروف وزيادة الإنتاجية وديمومة المصادر من أجل تحقيق الرفاهية والسعي لحياة فضلى للناس هي معان مقبولة عند جميع البشر ومشتركة فيما بينهم، وهي ترتبط بالعلوم التجريبية وما يلحق بها من معارف (موضوعية) أكثر من ارتباطها بالمبادئ والأفكار، ولذلك فهي عامة للناس وليست خاصة بثقافات ووجهات نظر الناس.

 

ولذلك لا حرج في الحديث المشترك حولها، وليس ثمة من حدود أمام التعلّم من الآخر حول سبلها، والحوار والتعاون حول تبادل مهاراتها وأصولها والخبرات المتعلّقة بها.

 

أما ما يتعلق بالجوانب الحضارية والثقافات فلا يمكن النظر إليها إلا من الزاوية الخاصة بكل مجتمع والتي تشكل مجمل قناعاتهم، وهذه الجوانب ليست عرضة للتداخل المعرفي ولا تَقبَل التمازج ولا فتح المجال للتأثّر الثقافي، لأن كل درجة من التأثر فيها تعني تذويبا للخصوصية الثقافية للمجتمع، ولا يمكن استقاء هذه الجوانب الفكرية من الآخر مع الإبقاء والمحافظة على الخصوصية الثقافية للأمم.

 

واستنادا لعمومية المعنى العام المقبول للتنمية (الجانب العلمي العام وغير الحضاري)، لا بد من تقرير حقيقة أن السعي لإحداث التنمية هو مطلب إنساني ملح للناس عموما، وهو نابع من طبيعة الإنسان ابتداء قبل مفاهيمه.

 

أما هوية المجتمع الثقافية أو وجهة النظر الخاصة به (ثقافته وحضارته) فليست الأساس في تسيير النشاطات التنموية، ولا في تحديد أساليبها المادية ووسائلها العلمية، وإن كانت تلك الهوية الثقافية عنصرا مهما في تحفيز المجتمع نحو التنمية وفي تحديد طريقة تحقيق التنمية.

ومن هنا، فإن الاندفاع نحو التنمية ليس خاصا بمبدأ دون آخر، ولا بأمة دون غيرها، بل إن تحقيق التنمية بمعنى الزيادة والتحسين في المصادر والموارد وديمومتها هي مسألة عالمية لكل البشر، المسلمين منهم وغير المسلمين.

 

ولذلك فلا تعارض بين الدافع العام للتنمية وبين الدافع الإسلامي، بل إن التنمية يمكن أن تندرج من ناحية التأصيل الفكري في ظلال قول الله تعالى في سورة البقرة "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً"، وقد ذكر الطبري في تفسيره أن من معاني خليفة في هذه الآية "سَاكِنًا وَعَامِرًا يَسْكُنهَا وَيَعْمُرهَا". فعمارة الأرض تتضمن الإفادة من مصادرها وتسخيرها لخدمة الإنسان وتنميتها، وبالتالي استدامتها.

 

ولا حاجة هنا للتفصيل في مشروعية التنمية (المادية)، إذ هي ليست محل خلاف في أدبيات "الإسلام السياسي"، بل إن تحقيق الرفاهية في المجتمع هدف مشروع ومتضمن في العمل لتحقيق النهضة، وكل ذلك لا تعارض فيه.

 

ثالثا - الموقف التفصيلي من تفريعات التنمية

 

لا شك أن الكيفية العامة أو النهج الأساس لإحداث التنمية (أو طريقة العمل لتحقيقها) هي مسألة شرعية وتشريعية، تتعلق بوجهة النظر عن الحياة وتستند لمفاهيم الإنسان: وهنا تبرز ثقافة الإنسان كمحدد رئيس، أمام التساؤلات التنموية من مثل:

 

هل تصح التنمية الصناعية عبر القروض الربوية؟

 

هل تصح تنمية الثروة الزراعية من خلال استغلال ناتج العنب في صناعة الخمر؟

 

هل تقبل الدولة فتح المجال أمام المؤسسات الأجنبية للتأثير على المجتمع من خلال برامج "التنمية المجتمعية"؟

 

هل يقبل المجتمع فتح الباب للجهات الدولية ولبرامجها في مجال التنمية السياسية وهي تصب في الغالب في تجنيد الرجال للعمالة للدول الأجنبية ولتحقيق مصالحها؟

 

هل يرفض المجتمع الإسلامي أساليب التنمية الإدارية الوافدة من الغرب لأنه يخوض صراعا حضاريا معه؟

 

هل هنالك فرق بين الرجل والمرأة في التكليف حتى نخصص تنمية اجتماعية خاصة بالمرأة؟

 

إذن، أمام مثل هذه التساؤلات التنموية يبرز الموقف الثقافي، وتظهر أهمية استقراء تفاصيل الأفرع التنموية التي استُعملت بها هذه الكلمة، وهنا تبرز أهمية استحضار معيار التمييز بين الحضارة والمدنية في تحديد الموقف من هذه الأفرع التنموية ونشاطاتها.

 

وهذه الأسئلة تشير إلى أنه لا يمكن رفض تفاصيل التنمية بالجملة ولا قبولها بالجملة، بل إن تحديد الموقف من كل تفريعة ومن كل نشاط تنموي خاضع لعملية تنخيل حسب معايير الفصل بين ما هو ثقافي حضاري (خاص بالمجتمع) وبين ما هو علمي مدني (عالمي للناس)، بحيث ينفتح المسلم على ما يصح له، ويسد الباب أمام أي تأثر بما لا يصح له.

 

لا شك أن مؤتمر الحكام لم يكن مؤتمرا فكريا، ولكن السياسات العامة التي يتحدثون عنها، هي في مجملها من الجوانب الحضارية التي يجب أن تُطبع بدمغة الهوية الثقافية للأمة، وهي هوية كانت وظلت غائبة عن مؤتمرات الحكام، وستظل كذلك حتى تكتمل الثورة ويزهر الربيع العربي موقفا حضاريا خاصا بالأمة، ولا يكون ذلك إلا مع التحرر الثقافي والسياسي والاقتصادي من كل ذيول الثقافة الغربية.

 

المصادر: لقراءة المقال من صحيفة الزمان / لتحميل المقال من صحيفة الزمان

 

إقرأ المزيد...

البث المتلفز: "أبعاد كلمة أمير حزب التحرير لأهلنا في الشام"

  • نشر في لقاءات
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 1048 مرات


الحوار المباشر الذي أجراه المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير مع الأستاذ حسن حمدان عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية الأردن، والذي دار حول الكلمة الصوتية التي وجهها أمير حزب التحرير العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة - حفظه الله - إلى الأهل في الشام والثائرين الصادقين فيها، في هذا اليوم الأغر، يوم مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويوم هجرته، وإقامة دولة الإسلام العظيمة التي عز بها الإسلام والمسلمون، والعائدة قريباً بإذن الله، في الثاني عشر من ربيع الأول من سنة ألفٍ وأربع مئةٍ وأربعٍ وثلاثين للهجرة، الموافق للرابع والعشرين من الشهر الأول من سنة ألفين وثلاث عشرةَ للميلاد.

لقراءة نص الكلمة التي وجهها أمير حزب التحرير لأهل الشام اضغط هنا

الخميس، 12 ربيع الأول 1434هـ الموافق 24 كانون الثاني/ يناير 2013م

 

 

إقرأ المزيد...

مكتب أستراليا: تسليم السفارة الفرنسية رسالة مفتوحة حول اعتدائها على مالي

  • نشر في مسيرات وفعاليات
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 1215 مرات


أصدر حزب التحرير في أستراليا يوم أمس 23-1-2013 رسالة مفتوحة لفرنسا بخصوص هجومها العسكري على مالي. وقد سلم وفد من حزب التحرير الرسالة للقنصلية الفرنسية في مدينة سيدني. وقد قُرأت الرسالة أمام القنصلية باللغات الثلاث العربية والإنجليزية والفرنسية. يمكنكم مشاهدة التسجيل المرئي لهذه الكلمات وأيضا قراءة نص الرسالة باللغات الثلاث من خلال الروابط في الأسفل.

 


لقراءة الرسالة باللغة العربية: حملة فرنسا الصليبيّة الجديدة على مالي


لقراءة الرسالة باللغة الإنجليزية: The new French crusader assault on Mali


لقراءة الرسالة باللغة الفرنسية: La nouvelle croisade française assaut sur le Mali

 

 

 

 

رسالة مفتوحة لفرنسا بخصوص هجومها على مالي

( باللغة الإنجليزية )

 

 

 

 

 

رسالة مفتوحة لفرنسا بخصوص هجومها على مالي

( باللغة العربية )

 

 

 

 

 

 

رسالة مفتوحة لفرنسا بخصوص هجومها على مالي

( باللغة الفرنسية )

 

 

 

 

إقرأ المزيد...

البث المتلفز أبعاد كلمة الأمير لأهلنا في الشام ج2

  • نشر في تسجيلات قاعة البث الحي
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 824 مرات


الاستماع للتسجيل الصوتي ممكن بواسطة إذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير

 

ومشاهدة التسجيل المصور ممكن من موقع إعلاميات حزب التحرير

 

إقرأ المزيد...

البث المتلفز أبعاد كلمة الأمير لأهلنا في الشام ج1

  • نشر في تسجيلات قاعة البث الحي
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 796 مرات


الاستماع للتسجيل الصوتي ممكن بواسطة إذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير

 

ومشاهدة التسجيل المصور ممكن من موقع إعلاميات حزب التحرير

 

إقرأ المزيد...
الاشتراك في هذه خدمة RSS

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع