السبت، 17 محرّم 1447هـ| 2025/07/12م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

خبر وتعليق بل الخلافة تنهي جوع الطيور

  • نشر في خبر وتعليق
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 640 مرات


الخبر:


أقام منتدى النهضة والتواصل الحضاري، ومنظمة الأيسكوا بدار الشرطة ببري في نهاية الأسبوع المنصرم ورشة الوسطية والاعتدال، في محاضرة بعنوان: (تحديات الخطاب الإسلامي المعاصر)، قال النائب الأول السابق لرئيس الجمهورية علي عثمان: (إن إقامة الدولة الإسلامية لا يعني نهاية الجوع والوصول لحالة الرفاه، مشيراً إلى أن دولة الرسول عليه الصلاة والسلام كانت حالة الناس فيها يسودها الضعف والمشقة. كما دعا إلى مراجعة بعض الشعارات مثل "الإسلام هو الحل".

 

التعليق:


هذا الخبر بالرغم من أنه ليس من الأخبار الطازجة إلا أن ما طرح فيه يجعل من العسير على المرء أن يتخطاه إلى غيره، إن طلب إقامة الخلافة ليس مربوطاً بالجوع ولا الرفاهية، إنما هو استجابة لأمر الله تعالى كما ذكر على لسان رسول الله عليه الصلاة والسلام حيث قال: «... وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً»، والبيعة تنعقد لخليفة المسلمين أو الإمام أو أمير المؤمنين باختلاف المسميات. والخلافة نظام حياة أنزله الله سبحانه من فوق سبع سماوات؛ وهو سبحانه العالم بعباده ما يضرهم وما ينفعهم ﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾. وتنظيم الاقتصاد جزء من جزء من هذا النظام.


وحتى يكون الحديث أكثر ملاءمة للحقيقة نذكر بعض ما ترتب على حياة الناس بعد تطبيق نظام الإسلام عليهم. نعم لقد كان عهد النبوة الأول به مشقة ولكن كيف كان يتصدى الحاكم لها، فهذا أبو بكر الصديق والفاروق رضي الله عنهما وزيرا رسول الله عليه الصلاة والسلام يربط كل واحد منهما حجرا على بطنه من شدة الجوع، فيذهبان للرسول عليه الصلاة والسلام لعلهما يجدان عنده شيئاً من طعام، فوجداه يربط حجرين. هذا هو الإسلام إذا جاعت الرعية يكون الحاكم أشدهم جوعاً، فهل هذا حال حكامنا اليوم، ففي عام الرمادة اشتد الجوع بالناس حتى اصفرّ لون الخليفة الفاروق عمر، ورقّ لحاله أحد الصحابة فجاءه بكبدة إبل، فسأله عمر (أيجدها عامة الناس) فقال لا، قال (اذهب بها حتى يجدها عامة الناس). فالحاكم في الإسلام أول من يجوع وآخر من يشبع، لا كما هي الحال في زماننا هذا يجوع الناس كي يشبع الحكام، بل ليعيشوا في رفاهية وتنعم.


وما لبث الصحابة إلا قليلاً فظهرت ثمار هذا النظام، فعمر بن الخطاب الذي اصفرّ وجهه من شدة الجوع من قبل، ينادي في الناس (أيها الناس لقد جاءنا خير وفير، ومال كثير، إن شئتم عددنا لكم عدا، وإن شئتم كلنا لكم كيلاً)، فحين يأتي المال لا يوضع في بيوت المال بل يوزع في الحال على أصحابه. وكان علي بن أبي طالب كرم الله وجهه بعد أن يوزع كل ما جاءه من أموال لمستحقيها يقوم بنفسه بكنس بيت المال ثم يصلي فيه ركعتين شكراً لله تعالى.


إن الأمر أبعد من ذلك، ففي عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز، أخذ مال بني أمية وأنفقه على المعسرين من المزارعين وشق القنوات للزراعة، وأسلف من شاء أن يستزيد من الزراعة، فجاءت النتيجة في نهاية الحصاد أن جاب عماله جميع الأمصار فلم يجدوا من يأخذ الزكاة، فقال قولته المشهورة والتي لم تتكرر على مدار التاريخ: (اذهبوا به فاصعدوا في رؤوس الجبال، وانثروا الحب للطير حتى لا يقال إن الطير قد جاع في عهد عمر بن عبد العزيز. نعم إنه نظام رب العالمين يرفع الجوع حتى من الطير.


أما ما سماه الإسلام هو الحل فإن هذا ليس شعاراً، إنما هي حقيقة وواجب شرعي أمرنا الله به، يقول سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾ [الشورى: 10].


أما الشعارات التي كانت ترفعها الحكومة في السودان من مثل (الأمريكان ليكم تسلحنا) و(لن نركع للأمريكان).. ونحوها، فقد مزقتها الحكومة بيدها وداست عليها بأقدامها، واستجابت للضغوط الأمريكية، وحتى هذا المنتدى وعنوان المحاضرة الملقاة (الوسطية والاعتدال) ما هو إلا استجابة لأمر أمريكا، ولكن هل سترضى أمريكا في نهاية المطاف؟ هيهات هيهات ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾.

 

 


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

المهندس/ حسب الله النور

إقرأ المزيد...

مع الحديث الشريف دوام الصلة بالله سبيل النجاة والغفلة عن الله سبيل الهلاك

  • نشر في من السّنة الشريفة
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 940 مرات

 

نُحَيِّيكُمْ جَمِيعًا أيها الأَحِبَّةُ الكِرَامَ فِي كُلِّ مَكَانٍ, نَلتَقِي بِكُمْ فِي حَلْقَةٍ جَدِيدَةٍ مِنْ بَرنَامَجِكُم "مَعَ الحَدِيثِ النَّبوِيِّ الشَّرِيفِ" وَنَبدَأ بِخَيرِ تَحِيَّةٍ وَأزكَى سَلامٍ, فَالسَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ:


عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا: أنَّ رَجُلاً حَبَشِيًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! فُضِّلْتُم عَلَينَا بِالصُّوَرِ وَالألوَانِ وَالنُّبوَّةِ، أفرَأيتُ إِنْ آمنَتُ بِمَا آمَنْتَ بِهِ، وَعَمِلْتُ بِمَا عَمِلْتَ، أكَائِنٌ أنَا مَعَكَ فِي الجَنَّةِ؟ قَالَ: «نَعَمْ, وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ لَيُرَى بَيَاضُ الأسوَدِ فِي الجنَّةِ وَضِيَاؤُهُ مِنْ مَسِيرَةِ ألْفِ عَامٍ». ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ كَانَ لَهُ بِهَا عِندَ اللهِ عَهْدٌ، وَمَنْ قَالَ سُبحَانَ اللهِ وَالحَمْدُ للهِ كَانَ لَهُ بِهَا عِندَ اللهِ مِائَةُ ألْفِ حَسَنَة, وَأربَعَةٌ وعِشرُونَ ألْفِ حَسَنَة». فَقَالَ الرَّجُلُ: كَيفَ نَهلَكُ بَعدَهَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأتِي يَومَ القِيَامَةِ بِالعَمَلِ لَو وَضَعَهُ عَلَى جَبَلٍ لأَثقَلَهُ. فَتَجِيءُ النِّعمَةُ مِنْ نِعَمِ اللهِ فَتَكَادُ أنْ تَستَنفِدَ ذَلِكَ كُلَّهُ إِلاَّ أنْ يَلطُفَ اللهُ بِرَحْمَتِهِ». قَالَ: ثُمَّ نَزَلَتْ (هَلْ أَتَى عَلَى الْإنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ) إِلَى قَولِهِ: (وَمُلْكاً كَبِيراً) قَالَ الحبَشِيُّ: يَا رَسُولَ اللهِ! وَإِنَّ عَينَي لَتَرَى مَا تَرَى، عَينَاكَ فِي الجَنَّةِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «نَعَم». فَبَكَى الحَبَشِيُّ حَتَّى فَاضَتْ نَفسُهُ. وَقَالَ ابنُ عُمَرَ: فَلَقَدْ رَأيتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يُدَلِّيهِ فِي حُفرَتِهِ وَيَقُولُ: (إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً) قٌلْنَا: يَا رَسولَ اللهِ وَمَا هُوَ؟ قَالَ: «وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ, لَقَدْ أوقَفَهُ اللهُ ثُمَّ قَالَ: أي عَبدِي لأُبيِّضَنَّ وَجْهَكَ وَلأُبوِّئنَّكَ مِنَ الجَنَّةِ حَيثُ شِئْتَ، فَنِعْمَ أجْرُ العَامِلِينَ!!».


هَذِهِ القِصَّةُ ذَكَرَها الإِمَامُ القُرطُبِيُّ فِي مَعْرِضِ تَفسِيرِهِ لِسُورَةِ الإِنسَانِ فِي كِتَابِهِ "الجَامِعِ لأحْكَامِ القُرآنِ". وَهِيَ قِصَّةٌ لِرَجُلٍ مِنَ الأحبَاشِ أسوَدِ البَشَرَةِ, رَقِيقِ القَلْبِ, طَيِّبِ النَّفْسِ, مُقبِلٍ عَلَى اللهِ تَعَالَى, مُحِبٍّ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ, هَمُّهُ هَمُّ الآخِرَةِ, يُفَكِّرُ فِي كُلِّ مَا سَمِعَهُ وَيَسمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ, حِينَ يُحَدِّثُ صَحَابَتَهُ الكِرَامَ عَنْ نَعِيمِ الجنَّةِ وَعَذَابِ النَّارِ, فَيُصَدِّقُهُ فِي كُلِّ مَا يَقُولُ تَصدِيقًا جَازِمًا, وَكَأنَّهُ يَرَى نَعِيمَ الجنَّةِ رَأيَ العَينِ, وَيَجِدُ رِيحَهَا يَشُمُّهُ بِأنفِهِ, فَهُوَ دَائِمُ الصِّلَةِ بِاللهِ تَعَالَى, لا يَكَادُ هَذَا الشُّعُورُ يُفَارِقُهُ لَحظَةً وَاحِدَةً, حَتَّى وَصَلَ إِيمَانُهُ إِلَى دَرَجَةِ اليَقِينِ الحتمِيِّ الَّذِي لا يَتَطَرَّقُ إِلَيهِ أدنَى رَيبٍ, مَهْمَا كَانَ ضَئِيلاً!!


أجَلْ, هَكَذَا كَانَ إِيمَانُ أصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقِينِيًّا وَجَازِمًا, وَهَكَذَا كَانُوا دَائِمِي الصِّلَةِ بِاللهِ!! وهكذا يَنبَغِي أنْ يَكُونَ إِيمَانُنَا!! وَهَكَذَا يَنبَغِي أنْ تَكُونَ صِلَتُنَا بِهِ سُبحَانَهُ, فَلا نَغفُلُ عَنهُ لحَظَة؛ لأنَّ الغَفْلَةَ تُؤَدِّي إِلَى المَعَاصِي, وَكَثرَةُ المَعَاصِي تُؤَدِّي بِصَاحِبِهَا إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ وَالعِيَاذُ بِاللهِ!


رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الأَوسَطِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ». قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يَكُونُ ذَاكَ؟ قَالَ: «يَخْرُجُ الْإِيمَانُ مِنْهُ، فَإِنْ تَابَ رَجَعَ إِلَيْهِ». وَقَالَ تَعَالَى: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَـٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ). (الأعراف 179) وَقَالَ تَعَالَى: (إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ. أُولَـٰئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ). (يونس 8)


أخَذَ هَذَا الرَّجُلُ الحَبَشِيُّ يُفَكِّرُ فِي وَضعِ النَّاسِ وَحَالِهِمْ, وَهُمْ فِي الجنَّةِ الَّتِي أعَدَّهَا اللهُ لِعِبَادِهِ المُؤمِنِينَ, فَخَطَرَ عَلَى قَلبِهِ خَاطِرٌ, نَشَأ عَنهُ سُؤَالٌ غَرِيبٌ لا يَكَادُ يَخْطُرُ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ وَهُوَ: هَلْ كُلُّ النَّاسِ يَكُونُونَ فِي الجنَّةِ عَلَى اختِلافِ صُوَرِهِمْ وَألوَانِهِمْ؟ أمْ أنَّهُمْ فِيهَا حَسْبَ ألوَانِهِمْ: بِيضُ البَشَرَةِ وَحْدَهُمْ! وَسُودُ البَشَرَةِ وَحدَهُمْ! وَإِذَا أرَدْنا أنْ نَسَألَ السُّؤَالَ بِلُغَتِنَا المُعَاصِرَةِ فَإِنَّنا نَقُولُ: هَلْ يُوجَدُ فِي الجَنَّةِ بَينَ بَنِي البَشَرِ مَا يُسَمَّى بِالتَّميِيزِ العِرْقِيِّ أو العُنصُرِيِّ؟


تَوَجَّهَ الرَّجُلُ الحَبَشِيُّ إِلَى رَسُولِ اللهِ يَسألُهُ بِلَبَاقَةٍ بَعْدَ أنْ مَهَّدَ لِسُؤَالِهِ بِمُقَدِّمَةٍ قَالَ فِيهَا: "فُضِّلْتُم عَلَينَا بِالصُّوَرِ وَالألوَانِ وَالنُّبوَّةِ" يَقصِدُ أنَّكُمْ مَعْشَر البِيضِ أجْمَلُ مِنَّا نَحْنُ السُّودُ فِي صُوَرِكُمْ وَأشكَالِكُمْ وَألوَانِكُمْ, وَأنتَ فَوقَ ذَلِكَ نَبِيٌّ! ثُمَّ سَألَهُ: مَا رَأيُكَ لَو أنَا آمَنْتُ بِمَا آمَنْتَ بِهِ, وَعَمِلْتُ بِمَا عَمِلْتَ, فَهَلْ أكُونُ مَعَكَ فِي الجنَّةِ؟ قَالَ لَهُ: نَعَمْ, فَفَرِحَ الحَبَشِيُّ بِهَذِهِ البِشَارَةِ فَرَحًا شَدِيدًا, ثُمَّ رَآهُ مُتَّجِهًا إِلَيهِ بِجَمِيعِ جَوَارِحِهِ, وَكَأنَّهُ آذَانٌ صَاغِيَةٌ لِرَسُولِ اللهِ, فَأحَبَّ أنْ يُجِيبَهُ فَوقَ مَا سَأَلَ فَقَالَ لَهُ: «وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ لَيُرَى بَيَاضُ الأسوَدِ فِي الجنَّةِ وَضِيَاؤُهُ مِنْ مَسِيرَةِ ألْفِ عَامٍ». فَازدَادَ فَرَحًا, وَلَمَّا رَآهُ عَلَيهِ الصلاة والسَّلامُ مُستَأنِسًا بِحَدِيثِهِ, زَادَهُ عِلْمًا فَقَالَ: «مَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ كَانَ لَهُ بِهَا عِندَ اللهِ عَهْدٌ». وَالعَهْدُ الوَارِدُ هُنَا يُفَسِّرُهُ الحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ البَيهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ الكُبرَىَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عِبَادِهِ، فَمَنْ وَفَى بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّعْهُنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ وَأَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ».


وَرَأى رَسُولُ اللهِ الرَّجُلَ الحبَشِيَّ مُقبِلاً عَلَيهِ بِكُلِّيتِهِ يَستَمِعُ إِلى حَدِيثِهِ بِشَوقٍ وَشَغَفٍ, فَاستَمَرَّ يُحَدِّثُهُ قَائِلاً: «وَمَنْ قَالَ سُبحَانَ اللهِ وَالحَمْدُ للهِ كَانَ لَهُ بِهَا عِندَ اللهِ مِائَةُ ألْفِ حَسَنَة, وَأربَعَةٌ وعِشرُونَ ألْفِ حَسَنَة». عَجِبَ الرَّجُلُ من الثَّوَابِ العَظِيمِ الَّذِي يَمنَحُهُ اللهُ لِمَنْ يَقُولُ هَاتَينِ الكَلِمَتَينِ الخَفِيفَتَينِ فَقَالَ مُتَسَائِلاً: كَيفَ نَهلَكُ بَعدَهَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَأجَابَهُ النَّبِيُّ قَائِلاً: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأتِي يَومَ القِيَامَةِ بِالعَمَلِ لَو وَضَعَهُ عَلَى جَبَلٍ لأَثقَلَهُ. فَتَجِيءُ النِّعمَةُ مِنْ نِعَمِ اللهِ - كَنِعمَةِ البَصَرِ مَثلاً- فَتَكَادُ أنْ تَستَنفِدَ ذَلِكَ كُلَّهُ إِلاَّ أنْ يَلطُفَ اللهُ بِرَحْمَتِهِ».


وَيُؤَكِّدُ هَذَا المَعنَى مَا رَوَاهُ مُسلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ أَحَدٍ يُدْخِلُهُ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ» فَقِيلَ: وَلَا أَنْتَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «وَلَا أَنَا، إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي رَبِّي بِرَحْمَةٍ». قَالَ عَبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رَاوِي الحَدِيثِ: ثُمَّ نَزَلَتْ (هَلْ أَتَى عَلَى الْإنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ) إِلَى قَولِهِ: (وَمُلْكاً كَبِيراً). بَقِيَ قَلْبُ الحَبَشِيُّ مُعلَّقًا مَعَ اللهِ تَعَالَى يُفَكِّرُ فِي الجَنَّةِ وَنَعِيمِهَا, وَفِي المُبَشِّرَاتِ الَّتِي بَشَّرَهُ رَسُولُ اللهِ بِهَا, فَقَالَ مُتَسائِلاً: يَا رَسُولَ اللهِ! وَإِنَّ عَينَي لَتَرَى مَا تَرَى، عَينَاكَ فِي الجَنَّةِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «نَعَم». فَبَكَى الحَبَشِيُّ حَتَّى فَاضَتْ نَفسُهُ. وَقَالَ ابنُ عُمَرَ: فَلَقَدْ رَأيتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يُدَلِّيهِ فِي حُفرَتِهِ وَيَقُولُ: (إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً). لَقَد أنزَلَ رَسُولُ اللهِ الرَّجُلَ إِلَى قَبرِهِ بِيَدَيهِ الشَّرِيفَتَينِ تَكرِيمًا لَهُ, وَسَمِعَهُ الصَّحَابَةُ الَّذِينَ شَارَكُوا فِي دَفنِهِ, وَهُوَ يَتلُو تِلكَ الآيَةَ مِنْ سُورَةِ الإِنسَانِ, وَأرَادُوا أنْ يَعلَمُوا الجَزَاءَ الَّذِي حَظِيَ بِهِ. فَقَالَ عَبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ مُتَحَدِّثًا بِلِسَانِهِمْ: قٌلْنَا: يَا رَسولَ اللهِ وَمَا هُوَ؟ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ, لَقَدْ أوقَفَهُ اللهُ, ثُمَّ قَالَ: أيْ عَبدِي لأُبيِّضَنَّ وَجْهَكَ وَلأُبوِّئنَّكَ مِنَ الجَنَّةِ حَيثُ شِئْتَ، فَنِعْمَ أجْرُ العَامِلِينَ!!». جَعَلَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ العَامِلِينَ المُخلِصِينَ المَقبُولِينَ عِندَ رَبِّ العَالَمِين!


احبتنا الكرام: نَشكُرُكُم, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, وَالسَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

 



كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الأستاذ محمد أحمد النادي - ولاية الأردن

إقرأ المزيد...

نفائس الثمرات إِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ وَالصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ

  • نشر في من القرآن الكريم
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 1246 مرات


قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ أَصْدَقُ الْقَائِلِينَ: {ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ}. وَقَالَ تَعَالَى: {إنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ} وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنهما: "دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لاَ يَرِيبُك فَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ وَالصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ". وَرُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً أَصْلَحَ مِنْ لِسَانِهِ، وَأَقْصَرَ مِنْ عِنَانِهِ، وَأَلْزَمَ طَرِيقَ الْحَقِّ مِقْوَلَهُ، وَلَمْ يُعَوِّدْ الْخَطَلَ مَفْصِلَهُ". وَرَوَى صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ جَبَانًا؟ قَالَ: نَعَمْ. قِيلَ: أَفَيَكُونُ بَخِيلًا؟ قَالَ: نَعَمْ. قِيلَ: أَفَيَكُونُ كَذَّابًا؟ قَالَ: لاَ". وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي قوله تعالى: {وَلاَ تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ} أَيْ لاَ تَخْلِطُوا الصِّدْقَ بِالْكَذِبِ.

 

 

أدب الدنيا والدين للماوردي




وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إقرأ المزيد...

ما أشبه اليوم بالبارحة! تحالف أربعين دولة بقيادة أمريكا لضرب المخلصين في ثورة الشام

  • نشر في سياسي
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 1974 مرات


إنه لا يخفى على أحد ما يحصل في أرض الشام، ولكن لا بد من نظرة ثاقبة لما سيحصل للتحالف في الشام، وسأذكر ما حصل لأمريكا في العراق ليتبين لنا ما سيحدث لأمريكا في الشام.


في عام 2003 قامت أمريكا بتحالف دولي ضد العراق لبسط نفوذها وسيطرتها على مصادر النفط، وبعد الحرب أخذت قنوات التلفاز تبث ما فعلته أمريكا في سجن أبو غريب وغوانتنامو وما فعلته من قتلها للشيوخ والنساء والأطفال، واستخدام أسلحة محرمة دولياً، فإذا بها تكشف عن إجرام أمريكا للشعب الأمريكي والعالم أجمع، وخلال احتلالها تتفاجأ أمريكا بصمود أهل الفلوجة الذين أذاقوها الويل وكبّدوها خسائر فادحة.


ففي هذه الحرب انكشفت أمريكا لشعبها والعالم بأنها أمّ الإرهاب، وظهر ضعفها نتيجة عجزها عن إحكام السيطرة على العراق نتيجة ما لاقته من تصدّي أهل العراق لها، مما دفع دول أوروبا للتدخل في شؤونها ومستعمراتها مما دفعها لركوب الموجة ليظهر أن ما تفعله أوروبا هي راضية عنه، بعد هذه الحرب وبعد هذا الوهن الذي أصاب أمريكا صرح جون جراي في جريدة الإندبندنت البريطانية (2004/5/19) وأشار إلى أن ما يحدث في العراق أسوأ بكثير مما قامت به الولايات المتحدة في فيتنام، وأن تداعياته لن تقتصر على الولايات المتحدة، بل ستشمل العالم بأسره.


وهذه أمريكا اليوم تعيد الكرّة في حربها على المخلصين، بحجة محاربة (تنظيم الدولة) ويتبين لنا كذبها كما كذبت أيام العراق، وإنما جاءت هي والمتحالفين للقضاء على المخلصين بدليل قصفها لمواقع غير مواقع تنظيم الدولة.


إن هذه الحرب الصليبية التي تقودها أمريكا إنما تقود أمريكا بنفسها إلى الهاوية بفضل الله، فأمام قوى بسيطة في الفلوجة انهارت وضعفت، فكيف بثورة كثورة الأمة في الشام يقودها مخلصون بفكر صافٍ هو فكر الإسلام القويم الذي يُنهض البشرية ويخرجها من الظلمات إلى النور، كيف لا يكون سقوط أمريكا في الشام وهي في أوساط قوم يحبون الموت كما هي تحب الحياة، في أوساط قوم قالوا نريدها خلافة راشدة على منهاج النبوة.


﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾ [القصص: 5]



كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمود سعد (أبو عبد الحميد)

 

 

 

إقرأ المزيد...
الاشتراك في هذه خدمة RSS

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع