الثلاثاء، 03 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/05م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
إقامة الدولة في ظل قانون السببية - ج6 - قانون السببية وقوانين السنن الإلهية من المفاهيم الأساسية في الإسلام

بسم الله الرحمن الرحيم

 

إقامة الدولة في ظل قانون السببية

 للكاتب والمفكر ثائر سلامة - أبو مالك

 (الجزء السادس: قانون السببية وقوانين السنن الإلهية من المفاهيم الأساسية في الإسلام)

 للرجوع لصفحة الفهرس اضغط هنا

 

 

لذلك لنا أن نقول إن مفهوم السنن الإلهية من المفاهيم الإسلامية المهمة جدا، ولا تقتصر أهميته على أخذ العظة والعبرة من العقاب الذي حل بالأمم السابقة جراء وقوعها في محاذير تعتبر العقوبة عليها من سنن الله تعالى، ولكنها فوق ذلك تنبهنا إلى سنن الله تعالى التي ينبغي فهمها لبناء سلوك معين مبني عليها، وسنقوم بإسقاط هذا المفهوم، وهذه السنن الإلهية والكونية على مسألة تغيير الدولة، وإقامتها ثم استمرارها بعد قيامها، وتغيير المجتمعات، وتغيير الأفراد، لنعلم أن إهمالنا للفاعلية السببية، وسلوكنا لطرق أخرى لا تأخذ السببية (الأسباب ومسبباتها، العلل ومعلولاتها) والسنن في الحسبان سيفضي إلى مزيد من الفوضى ولن يوصل إلى التغيير المرجو، وأن أهمالنا لأسباب تنزل النصر من الله والذي بدوره سيفضي إلى تمكين الدين وإقامة الدولة، لن يزيدنا إلا شقاء!

 

ذو القرنين، وقانون السببية والتمكين

 

قال تعالى: ﴿إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا ۝ فَأَتْبَعَ سَبَبًا﴾ [الكهف: 84-85]، فهذا ذو القرنين، مكن الله له في الأرض، والتمكين: جعل الشيء متمكناً، أي راسخاً، وهو تمثيل لقوّة التصرف بحيث لا يزعزع قوته أحد"، وأعطاه الأسباب، "والسبب: حقيقته الحبل، وأطلق هنا على ما يتوسل به إلى الشيء من علم أو مقدرة أو آلات التسخير على وجه الاستعارة"[1] آتاه من كل شيء معرفة، وذريعة يتوصل بها، فاستعملها ليتوصل إلى الغايات فتأمل كيف يجري قانون السببية في عروق نظام الوجود، وكيف ينبغي الأخذ به للتغيير، إذ أن التمكين لذي القرنين اقترن بمعرفته واستعماله الأسباب. حين أتبع ذو القرنين السبب الأول أوصله إلى مطلع الشمس، ﴿ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا﴾ [الكهف: 92]، فبلغ بين السدين، وهكذا كان سيره في الأرض وتمكينه فيها بأخذه بالأسباب واتباعها!

 

﴿أَمْ لَهُم مُّلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ﴾ [ص: 10]، إذا كانوا يملكون حقا، فليستعملوا الأسباب والحبال الموصلة، وليصعدوا في المعارج التي يُتَوَصَّلُ بها إلى العرش حتى يرتقوا عليه ويدبروا أمر العالم وملكوت الله، ولكنهم لا يملكون على الحقيقة! قال ابن عاشور: "وحرف الظرفية استعارة تبعية للتمكن من الأسباب حتى كأنها ظروف محيطة بالمرتقين" انتهى، ومن الواضح في الآية الربط بين بلوغ ملك السموات والأرض وبين امتلاك ناصية الأسباب التي تسيره ليكون من يسيره هو الملك، أي امتلاك ناصية القوانين والسنن والقدرة على التحكم بها، وهذا ليس إلا لله تبارك وتعالى فتأمل كيف تقرر الآية أن السببية والسنن والقوانين الثابتة في صميم خلق الكون، يدبر الله تعالى ملكوته بها، ولا حاجة له - سبحانه وتعالى - إليها إلا أن حكمته تعالى اقتضت أن يَسِيرَ الكون بها، لنتوصل من خلالها إلى الإيمان به، والله تعالى أعلى وأعلم.

 

﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ ۝ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى﴾ [غافر: 36-37].

 


[1] التحرير والتنوير لابن عاشور

 

آخر تعديل علىالسبت, 30 كانون الأول/ديسمبر 2017

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع