- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
جواب سؤال
"هل يرقى الحديث الظني إلى مرتبة المتواتر على اعتبار أنه وقع قسم منه"
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هناك أحاديث ظنية الثبوت نستدل بها عندما نتفاعل مع الناس لنشر فكرة الإسلام ونستبشر بها ببشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل حديث «تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ... ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ نُبُوَّةٍ»
والسؤال: هذا الحديث ظني ويتكلم عن الأحوال السياسية التي تمر بها الأمة، ومن معنى الحديث رأينا أن النبي صلى الله عليه وسلم قسم هذه الأحوال إلى خمسة (نبوة - خلافة راشدة - ملك عضوض - حكم جبري - خلافة راشدة) فعندما رأينا أن أربعة أخماس الحديث قد وقع على الأمة ألا يرقى هذا الحديث إلى مرتبة المتواتر على اعتبار أنه وقع قسم منه؟
الجواب:
إن الحديث الذي في معنى العمل كافٍ، سواء أكان متواتراً أم ظنياً، بل ما دام الحديث صحيحاً، فهو يدفع إلى العمل دفعاً قوياً وفق ما يتضمنه من فرض.
فمثلاً حديث «لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ، فَلَنِعْمَ الْأَمِيرُ أَمِيرُهَا، وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ» أخرجه أحمد.
فمع أنه خبر إلا أنه في معنى العمل، ولذلك حرص كل حاكم مسلم على أن يتحقق الحديث على يديه، فأُرسلت جيوش عدة للقسطنطينية إلى أن أكرم الله بهذا الفتح "محمد الفاتح"، ومثل هذا حديث قتال دولة يهود وإزالتها... وهكذا حديث الخلافة القادمة على منهاج النبوة، فلا يؤثر في الأمر كونه متواتراً أو غير متواتر ما دام حديثاً صحيحاً، فنحن نغذ السير ليتحقق على أيدينا إن شاء الله، ونستبشر به خيراً، ونطمئن بحدوثه عاجلاً أم آجلاً، ولا نتعب أنفسنا في الغوص في أعماقه لنعرف تواتره أو آحاده.
ومع كل هذا وذاك، فإن تحقق جزء منه يزيد الاطمئنان بتحقيق باقي الحديث مثل فتح روما بعدما تحقق فتح القسطنطينية، حيث ذكر فتح المدينتين في حديث آخر للرسول صلى الله عليه وسلم ، ولكن كما ذكرت لك آنفاً فحيث إن الحديث في معنى العمل فلا داعي للخوض في تواتره لأن الحديث الصحيح الظني كافٍ للعمل والتصديق والاطمئنان، والاستبشار بتحققه، فيحرص المسلم على أن يفوز بهذا الفضل.
أما قولك "ما دام قد تحقق جزء منه فهل نعدّه متواترا؟..." والجواب أن للمتواتر شروطاً في السند يعتمدها علم مصطلح الحديث لتقرير التواتر، أي لا يتوقف التواتر في هذا العلم على مراقبة تحقق الحديث أم لا، لأن التواتر يُحكم عليه وفق سند الحديث وملحقاته، ومع ذلك فإن تحقق أجزاء من الحديث يزيد النفس اطمئناناً بدرجة صحته، ويكون حافزاً على العمل لتحقيق الجزء الباقي بقوة ونشاط، والله سبحانه ولي التوفيق.