الخميس، 19 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/21م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

(سلسلة أجوبة العالم عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك)

 

جواب سؤال : تحديد جنس الاجنة

 

إلى أبو أبو زيد      

 

 

 


السؤال:

 


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 


بخصوص تحديد جنس الجنين في عملية زراعة الأجنة؟ ما الحكم الشرعي في إجراء عملية زراعة لتحديد جنس الجنين في المستقبل؟ وشكراً وجزاكم الله خيراً.

 

 

 

 

الجواب:

 


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 


أولاً: قبل الجواب عن تحديد جنس الأجنة، نذكر بشكل موجز عن الإخصاب في الأنبوب:

 


هناك بعض حالات مرضية عند الأزواج تمنع إخصاب بويضة الزوجة من الحيوان المنوي للزوج، وذلك بالطريق الطبيعي، كأن يكون هناك انسداد في عنق الرحم أو ضعف في تحرك الحيوانات المنوية للوصول إلى البويضة، أو غير ذلك من أسباب معروفة للمختصين، فكان أن توصل بعض العلماء إلى إخصاب البويضة خارج الرحم في أنبوب وفق ظروف مناسبة، حيث تعطى المرأة عقاقير مثل الكلوميد تجعلها تفرز العديد من البويضات في المرة الواحدة. ثم يقوم الطبيب المختص بإدخال منظار البطن ومسبارة في الموعد المحدد للإبياض (خروج البويضات) وشفط مجموعة من البويضات من المبيض... ثم يضع كل بويضة في طبق بتري Petri Dish في سائل خاص وتلقح هذه البويضات بحيوانات منوية من الزوج...

 


وبعد أن يتم ذلك الإخصاب في الأنبوب تعاد البويضة المخصبة "واحدة أو أكثر" إلى رحم الزوجة، وإذا قدر الله سبحانه الخلق من هذه البويضة المخصبة فإنها تعلق في الرحم وتنمو إلى نطفة فمضغة... وإن لم يقدر الله سبحانه الخلق من هذه البويضة المخصبة ماتت واندثرت.

 

 


وبناء عليه فإن الحكم الشرعي هو كما يلي:

 


1- إن لجوء الأزواج إلى التخصيب خارج الرحم كمعالجة مرَضية لوضعهما من حيث عدم الحمل بالطريق الطبيعي، هو جائز لأنه دواء، والرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالتداوي، أخرج أبو داود عن أسامة بن شريك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ الْهَرَمُ» أي إلا الموت.

 


ولكن بشرطين:

 


الأول: أن يكون التخصيب في الأنبوب من ماء الرجل والمرأة المتزوجين بعقد صحيح، فعن رويفع بن ثابت الأنصاري أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْقِيَ مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ» رواه أحمد. فلا يجوز أن تخصب بويضة أي امرأة، إلا من ماء الزوج.

 


الثاني: أن يتم ذلك، أي التخصيب في الأنبوب ونقله إلى رحم المرأة في حياة الزوج، وليس بعد وفاته كما يتم في الغرب، حيث إنهم لا يرون مانعاً في نقل البويضة المخصبة المجمدة لرحم الأم في الوقت الذي تريد، سواء أكان زوجها حياً أم ميتاً! وهذا لا يحل في الإسلام، وذلك لأن حمل المرأة بلا زوج حي منذ بدء الحمل، حرام، وعليه عقوبة، فإن من بيِّنات الزنا الحمل دون زوج، فأي امرأة حملت ولا زوج فهي آثمة مرتكبة حراماً وإثماً عظيماً، وذلك لما روي عن عمر وعلي رضي الله عنهما، ولم يوجد منكر لقولهما من الصحابة، مع أن هذا الأمر مما ينكر لو لم يكن ثابتاً، وعليه فيكون إجماعاً.

 


وهكذا فإن الإخصاب خارج الرحم ومن ثم نقله إلى رحم الأم، بأن يكون من الزوج للزوجة ، وفي حياة الزوج، فهذا جائز، أي أن ما يسمى "طفل الأنابيب" جائز بالشروط المذكورة...

 


ثانياً: تحديد جنس الأجنة:

 


منذ القدم كان من الناس من يحاول اختيار المولود الذي يريد، وإتلاف ما لا يريد بطريقته المتاحة له.

 


* ففي الجاهلية كانوا يريدون الذكور لمساعدتهم في الغزو وحفظ النسب فكانوا يئدون البنات أي يدفنوهن وهن أحياء ﴿وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ﴾.

 


* وعندما أصبحت وسائل أخرى متاحة، بأن يُصوَّر ما في بطن الحامل، فإذا كان الجنين غير مرغوب فيه، استعملوا الإجهاض لإنزاله وهو في بطن أمه.

 


* وهناك محاولات قديمة أخرى.

 


* ثم فيما بعد، وبخاصة عندما أصبحت تقنيات متطورة جديدة... ظهرت هناك أبحاث متعلقة باختيار جنس الجنين وكان من أبرزها طريقتان:

 


الأولى: وقالوا عنها إنها الأكثر تقنية وهي طريقة التلقيح المنتخب للنطف كما سموها. وتقتضي هذه الطريقة إجراء تجارب على الحيوانات المنوية لفصل الصبغي الجنسي (الكروموسوم ) (X) الأنثوي عن الصبغي(Y) الذكري في أنبوب اختبار، أي فصله خارج الجسم بطرق مختلفة، وهذه تحتاج إلى تدخل طبي تقني...

 


وفكرتها عند العلماء أنهم وجدوا أن كروموزومات الحيوان المنوي YX "Y هو القسم الذكري فيه، X هو القسم الأنثوي فيه". ووجدوا أن كروموزومات البويضة هي XX "أي أن القسمين أنثويان". ووجدوا أن القسم الذكري في الحيوان المنوي Y إذا كان هو الذي لقّح البويضة فإنه ينتج "YX" أي جنين ذكر، وإذا القسم الأنثوي في الحيوان المنوي "X" هو الذي لقّح البويضة، فإنه ينتج "XX" أي جنين أنثى، وعليه فقد أجروا تجارب على فصل القسم الذكري "Y" في الحيوان المنوي عن الأنثوي "X"، ثم يقومون بتخصيب البويضة في الأنبوب بالقسم الذكري، إذا أرادوا جنيناً ذكراً، وتخصيب البويضة بالقسم الأنثوي في الحيوان المنوي إذا أرادوا جنيناً أنثى.

 


والثانية طريقة تشبهها مع اختلاف بسيط، وهذه الطريقة تتم بعد تخصيب البويضات في الأنبوب، ثم تفحص بعد تخصيبها، فالبويضة المخصبة التي تحمل XX تكون أنثى، والتي تحمل XY تكون ذكراً، ومن كانت ترغب الذكر تُزرع في رحمها البويضة المخصبة XY، ومن تريد الأنثى يزرع في رحمها البويضة المخصبة XX. والطريقتان متشابهتان من حيث الغرض، غير أن الأولى يتم فحص الحيوان المنوي قبل التخصيب وفصل القسم الذكري عن القسم الأنثوي، وأما الثانية فيتم فحص البويضات المخصبة "الأجنة"، ومن ثم فصل الأجنة الذكرية عن الأنثوية.

 


هذه هي مجمل محاولات البشر لاختيار جنس المولود منذ القدم وحتى عصرنا الحاضر.

 

 


وبعد معرفة الواقع، أي تحقيق المناط، نُبين الحكم الشرعي كما يلي:

 


أ- أما قتل المولود غير المرغوب به فهو حرام، لأنه قتل نفس عامداً متعمداً، وجزاؤه في الآخرة جهنم خالداً فيها ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾، وعقوبته في الدنيا القصاص بالقود، أي القتل إن لم يعف ولي القتيل، أو الدية.

 


ب- وأما قتل الجنين وهو في بطن أمه عندما يعلم أهله أنه غير مرغوب فيه، كأن كان أنثى والوالد يريد ذكراً، فكذلك فهو حرام، وفيه عقوبة...، فقد أخرج البخاري ومسلم، من طريق أبي هريرة، واللفظ للبخاري قال: «اقْتَتَلَتْ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا فَاخْتَصَمُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ وَلِيدَةٌ...»

 


ج- أما فصل القسم الذكري عن القسم الأنثوي من الحيوان المنوي ثم إجراء تلقيح البويضة بالقسم الذكري إذا أرادوا مولوداً ذكراً، وبالقسم الأنثوي إذا أرادوا مولوداً أنثى، أو فصل الأجنة الذكرية عن الأنثوية، ويزرع في الرحم الجنين المرغوب، فهذه العمليات لا تجوز لأنها ليست دواء، أي ليست علاجاً للحمل لامرأة لا تحمل ثم عولجت لتحمل، وبعبارة أخرى ليست علاجاً لعدم إمكانية تخصيب بويضة الزوجة بالحيوان المنوي للزوج بالطريق الطبيعي، فتم اللجوء للدواء لتخصيب البويضة في الأنبوب...، بل هي أمر آخر يتعلق بفصل الأقسام الذكرية عن الأنثوية في الحيوان المنوي أو فصل الأجنة، وليس معالجة للحمل المتعذر للمرأة بالطريق الطبيعي، أي أن هذه العمليات ليست دواء لمرض عدم الحمل، وحيث إنها لا تتم إلا بكشف العورات، لأن عملية أخذ البويضات وإعادة زرعها تتطلب ذلك، وكشف العورات حرام، وهذا الحرام لا يجوز إلا في الدواء، وما دامت هذه العمليات ليست دواءً، فهي إذن حرام لا تجوز.

 


وفي الختام فإن العلم الذي قال الله سبحانه فيه
﴿اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ هذا العلم يمكن استعماله في الخير وفق أحكام الشرع ولصاحبه بذلك أجر، ويمكن استعماله في الشر وعليه بذلك وزر، وتكون نتائجه في هذه الحالة وخيمة على البشرية... وما يلاحظ في بلاد الغرب من اختلاط الأنساب وبنوك تجميد الحيوانات المنوية والبويضات والأجنة... والمتاجرة بها... كل ذلك تقشعر له الأبدان، وصدق الله سبحانه في هؤلاء الأشرار ﴿لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾.

 


لقد أودع الله سبحانه العلوم في هذا الكون، وعلم الإنسان ما لم يكن يعلمه، فجعل فيه خاصية العقل والتفكير والتدبر ليزداد الذين آمنوا إيماناً، ويُكب الذين كفروا على وجوههم خزياً في الدنيا، وعذاباً أليماً في الآخرة.

 

 

 

 

أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة

 

 

 

 

 

رابط نشر الجواب على الفيس بوك

 

 رابط الجواب من موقع الأمير


رابط الجواب من صفحة الأمير على الغوغل بلس

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع