الإثنين، 21 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

Al Raya sahafa

 

2021-11-17

 

جريدة الراية: مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي 2021

ما الغاية منه؟

 

عقدت قمة المناخ 26 في غلاسكو بأسكتلندا يومي 1 و2021/11/2 بحضور أكثر من 120 من قادة الدول المشاركة، وتستمر القمة على مستوى ممثلي الدول المشاركة حتى 2021/11/12، وقد مددت يوما واحدا.

 

دعا القرار الصادر عن القمة في يومها الأخير إلى "تسريع الجهود نحو التخلص التدريجي من الطاقة المستمدة بلا انقطاع من الفحم ومن الدعم الفعال للوقود الأحفوري" واعترضت الهند والصين واليابان لكونها أكثر الدول التي تعتمد على استخدام الفحم، والسعودية التي تعتمد على إنتاج النفط ومعها دول الأوبك، وأستراليا التي تعتبر منتجا كبيرا للفحم، على هذه المادة وطالبت بالتقليل من هذا التسريع. واعترضت البرازيل والأرجنتين لكونهما أكبر منتجي لحوم الأبقار. إذ يطالب القرار بالتقليل من استهلاك اللحوم لتخفيض انبعاث غازات الاحتباس الحراري وفرض رسوم على لحوم الأبقار وتسيير حملة دولية بعنوان "يوم الاثنين بلا لحم" لحض الناس على التخلي عن أكل اللحم ليوم واحد. وينص القرار على "الاعتراف بالحاجة إلى الدعم من أجل انتقال عادل" في إشارة إلى دعوات أولئك الذين يعملون في صناعة الوقود الأحفوري للحصول على دعم مالي أثناء إنهاء الوظائف والأنشطة الاقتصادية. ومعنى ذلك أن الدول التي تعتمد على الفحم والنفط والغاز ستتضرر إذا التزمت بهذه الاتفاقية، فالكثير سيخسر عمله، وكثير من النشاطات الاقتصادية ستتوقف وترجع الدول المنتجة للنفط والغاز دولا فقيرة وعليها أن تستورد التكنولوجيا والأجهزة والمعدات التي تلزم لإنتاج الطاقة النظيفة، فهي مؤامرة على الدول النامية حتى لا تصبح دولا متقدمة بل يجب أن تبقى متأخرة وفقيرة حسب النظرة الاستعلائية الغربية. واعترضت الدول الغنية عن مطالبتها بتقديم الدعم للدول الفقيرة التي ستتضرر من جراء تخليها عن الوقود الأحفوري واللحوم. علما أنها كانت قد تعهدت عام 2009 للدول النامية بمساعدات بمقدار 100 مليار دولار ولكنها لم تف بوعودها.

 

فبينما الغرب الذي لوث البيئة ورفع درجة حرارة الأرض على مدى قرنين ونصف وقد بدأ يطور الوسائل لاستخدام ما يسمى بالطاقة النظيفة، بدأ يضغط على ما يسمى بالدول النامية لتتخلى عن الوقود الأحفوري ويعدها بتقديم بعض التعويضات التي لا تساوي شيئا ولا يفي بها أيضا. ولم يكترث الغرب بالاختناقات التي كانت تحدث للعمال في مناجم الفحم والأمراض التي كانت تصيبهم وتقضي عليهم، لأن أصحاب رؤوس الأموال لا يهمهم حياة العمال ولا تلوث البيئة ولا ارتفاع درجة الحرارة للأرض. وعندما بدأت الأصوات تعلو في الغرب تطالب بالاهتمام بالبيئة وشكلت جمعيات وأحزاب وأوجدت رأيا عاما في الغرب منذ السبعينات من القرن الماضي بدأ التفكير في الأمر. فأقرت الأمم المتحدة عام 1992 اتفاقا يتعلق بالحفاظ على البيئة وخفض درجة حرارة الأرض بوقف انبعاث الغازات الدفيئة الناتجة عن الطاقة الأحفورية، وعقبها اتفاق كيوتو للمناخ بعد شهر في العام نفسه. واعترف الاتفاق بأن البلدان النامية التي تعتمد اقتصاداتها بصفة خاصة على إنتاج الوقود الأحفوري سوف تتضرر في حال تخليها عن إنتاجه. ولكن الدول المتقدمة التي اعتبرت مسؤولة عن تلوث البيئة وارتفاع درجة حرارة الأرض لن يهمها ذلك كثيرا بسبب تقدمها في إنتاج الطاقة النظيفة وبدأت تحصد مئات المليارات من الدولارات عن طريق إنتاج أجهزة إنتاج الطاقة النظيفة ومن إنتاج السيارات الكهربائية.

 

عقدت قمة باريس للمناخ عام 2015 فوقعت 190 دولة بما فيها أمريكا على عهد أوباما على اتفاقية تتعهد فيها القيام بإجراءات تهدف إلى الحد من الاحترار العالمي بأقل من درجتين مئويتين فوق المستوى الذي كان عليه قبل الثورة الصناعية. ويحل الاتفاق محل برتوكول كيوتيو الذي ينتهي العمل به عام 2020. وجاء الرئيس الأمريكي ترامب ليعلن عام 2017 قرار انسحاب أمريكا من اتفاقية باريس للمناخ. إذ إن ترامب يعتمد على الشركات التي تعمل بالطاقة الأحفورية في تكساس، فيعمل لمصالحها لكسب الدعم المالي وجمع الأصوات. وأما بايدن وحزبه الديمقراطي فيعتمد على الشركات الإلكترونية والكهربائية التي تطور الطاقة النظيفة. ولهذا ما إن وصل بايدن إلى الحكم حتى أعلن عودة أمريكا لاتفاق باريس وجاء بنفسه إلى قمة المناخ في غلاسكو ليؤكد دعمه للاتفاق المزمع عقده.

 

وقد ركزت أمريكا على الصين التي تعتبر من أكثر الدول النامية التي تعتمد على الطاقة الأحفورية والتي تتقدم صناعيا وتطور صناعتها العسكرية، فتريد الحد من ذلك تحت ذريعة الحد من انبعاث الغازات الدفيئة. فقد أعلن يوم 2021/11/12 أن الصين وأمريكا اتفقتا "على الحد من انبعاث غاز الميثان والتخلص من ثاني أوكسيد الكربون والتحول إلى الطاقة النظيفة" وأنهما "ستعملان معا من أجل تحقيق الهدف المتعلق ببقاء الارتفاع في درجة الحراراة عند حدود 1,5 درجة مئوية". فقال المبعوث الصيني لقمة المناخ شاي زينهوا "إن الدوليتن عقدتا أكثر من 30 اجتماعا افتراضيا"، بينما قال المبعوث الأمريكي للمناخ جون كيري "في حين يوجد الكثير من الخلافات بين أمريكا والصين إلا أن التعاون حول المناخ أمر ضروري".

 

ومن هنا يبدو أن الأطراف التي بدأت تستعمل الطاقة النظيفة وتتخلى عن استعمال الوقود الأحفوري من مصلحتها وقف استعماله لضمان الهيمنة والسيطرة وليس حرصا على البيئة بعدما لوثتها لمئات السنين وأدت إلى الكثير من الأمراض المزمنة والخطيرة لعمالها البائسين وقضت على حياتهم وهم في منتصف العمر، فلم يخطر ببالها وقف استعماله، وكل ما كان يهمها هو إرضاء أصحاب رؤوس الأموال الذين لا يهمهم شيء سوى تحصيل الأرباح الطائلة. وعندما علت الأصوات المطالبة بوقف استعماله والمحافظة على البيئة وبدأت الأحزاب السياسية وهي أحزاب الخضر التي تشكلت من أجل ذلك تكسب الرأي العام فاضطرت الأحزاب السياسية الأخرى بتبني ذلك، وقد تقدم الغرب خلال عشرات السنين التي خلت من تطوير الطاقة النظيفة حتى أغلق أكثر مناجم الفحم. حتى إنه صار يطالب بوقف تربية المواشي من بقر وإبل وغنم ليضرر الدول النامية وهو يعمل على إنتاج اللحم الصناعي وتشجيع أكله حتى يشغل مصانعه ولتعتمد عليه دول العالم في اللحوم وليحصد الأرباح الطائلة، علما أن هذه المصانع تلوث البيئة أكثر. فالغرب خبيث في كل سياساته، فلا يؤمن جانبه، ويظن الناس البسطاء والسذج أنه إنساني متمدن يعمل لصالح الإنسان وما هو كذلك.

 

بقلم: الأستاذ أسعد منصور

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع