الخميس، 27 صَفر 1447هـ| 2025/08/21م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

Al Raya sahafa

 

 

2025-08-20

 

جريدة الراية: ترامب بين مطرقة دعم يهود وسندان أنصاره

 

 

 

لقد دخل ترامب حلبة السياسة وليس له أي تجربة أو خبرة في أي عمل سياسي. وقد راهن منذ البداية على قاعدة بيضاء استطاع الوصول إليها عبر تقديم نفسه لها أنه من خارج دائرة السياسيين التقليديين، وكان يضرب على وتر العنصرية والكراهية لأصحاب البشرة المختلفة والعداء للمسلمين. وقد استطاع أن ينشئ قاعدة قوية سُميت بـ"ماجا" وهي اختصار لـ"Make America Great Again" أي "اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى". والملاحظ أن قاعدته الانتخابية الآن تتكون من أربعة أقسام رئيسية:

 

القسم الرئيسي: هم النصارى الإنجيليون ويشكلون حوالي ثلث عدد سكان أمريكا، وهؤلاء من أشد المؤيدين لكيان يهود، ومن أقوى لوبيات الضغط والمتبرعين للكيان. ويؤمنون بأن وجود كيان يهود يعجل بعودة مخلّصهم. وقد أُعجب الإنجيليون بقرارات ترامب في فترة حكمه الأولى مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والاعتراف بضم هضبة الجولان، ونشاطه في اتفاقيات أبراهام. وقد صوت له ما يقارب 80% منهم في انتخابات 2024م.

 

والقسم الثاني: هم المحافظون التقليديون وخاصة كبار السن، وهؤلاء يؤمنون بالتحالف الاستراتيجي بين أمريكا وكيان يهود، ويرون أن وجود الكيان في مصلحة أمريكا.

 

والقسم الثالث: هم من يؤمنون بمقولة أمريكا أولا، وهؤلاء يطالبون بعدم التدخل في النزاعات الخارجية، وعدم تقديم المساعدات للدول الأخرى، وأن على الرئيس الاهتمام بالأمور الداخلية لأمريكا من مثل البنية التحتية والقروض الطلابية. وهذه الشريحة هي التي يعلو صوتها الآن في انتقاد ترامب. ويقود هذه الانتقادات تكر كارلسون ومارغري غرين وميغن كيلي وغيرهم من الإعلاميين والمؤثرين على منصات التواصل.

والقسم الرابع: هم اليمينيون العنصريون من مثل كو كلوكس كلان، والنازيون الجدد، واليمين البديل، وهم شريحة أقل عددا من الشرائح الأخرى، وجزء منهم معادٍ للسامية ويكرهون اليهود، ويطالبون بإنهاء تأثير يهود في السياسة الأمريكية.

 

والملاحظ أن هناك بعض التغيرات في قاعدة ترامب الشعبية تجاه دعم كيان يهود. فبحسب واشنطن بوست في 30/6/2025م تحت عنوان: "الجمهوريون الشباب يغذون الانقسام بين الأجيال في الحزب الجمهوري حول دعم إسرائيل"، فإن نسبة الجمهوريين تحت سن الخمسين سنة الذين ينظرون إلى كيان يهود بشكل إيجابي كان 63% عام 2022م وأصبح الآن 48% مؤيدا و52% غير مؤيد. وبحسب دراسة أجراها مركز جيمس زغبي وأعلن نتائجها في 5/5/2025م فقد ازدادت نسبة الجمهوريين الذين يرون أن سياسة أمريكا تميل بشكل زائد لصالح كيان يهود من 33% عام 2024م إلى 39% عام 2025م، وحسب استطلاع كوينيبياك في شهر أيار 2024م فإن نسبة الداعمين لـكيان يهود من الجمهوريين ككل قد تراجع من 78% إلى 64%.

 

والواضح أن هناك انقساماً بين مؤيدي ترامب حول سياسته تجاه كيان يهود، وخاصة في دعمه غير المشروط وما يحصل في غزة من مجازر وتجويع تقشعر لها الأبدان، ويندى لها الجبين، فبعضهم من مثل تكر كارلسون يطرح مواضيع حول حرب غزة وتجويع الناس على منصته ما لم تطرحه كثير من المؤسسات الإعلامية في البلاد الإسلامية ويأتي بضيوف يهاجمون فيه الكيان بشدة، ولم يكن آخرها مقابلته مع الضابط الأمريكي أنثوني أغيلار الذي كان يعمل في مؤسسة غزة الإنسانية التي أنشأتها أمريكا، والذي استقال من الجيش الأمريكي بعد عودته من غزة ورؤيته للقتل والتجويع الممنهجين، وذكره لقصة الطفل أمير وقتل جيش يهود له بدم بارد. وقد كانت مثل هذه الأعمال من المحرمات في الإعلام الأمريكي.

 

وحيال هذا الانقسام فقد يخطر على البال سؤال حول تأثير هذا الانقسام على سياسة ترامب، واستعداده لتغييرها؟ وللإجابة على ذلك لا بد من معرفة العلاقة القائمة بين أمريكا وكيان يهود. فالغرب هو من أوجد هذا الكيان المسخ في قلب البلاد الإسلامية، ليكون القاعدة المتقدمة له فيها. فالحفاظ عليه أمر حيوي ومصلحة عليا من مصالح الغرب عامة وأمريكا خاصة، فلا يُتصور أن تتخلى أمريكا عنه أو تقطع المساعدات التي يمكن أن تؤذيه. فالعلاقة بينهما كعلاقة الولد المدلل بوالده. ولكن عند تعارض المصالح الحيوية العليا لأمريكا ويهود، فإن أمريكا تقدم مصالحها، كما حدث في مؤتمر مدريد عام 1991م، حين أجبرت إسحاق شامير على حضور المؤتمر عن طريق التهديد بوقف المساعدات. ولكن ضمن المعطيات الحالية فإن ترامب لن يقوم بوقف المساعدات عن الكيان لعلاقة الأبوة القائمة بينهما، وللقاعدة الشعبية التي يعتمد عليها والتي لا تزال قوية في دعم الكيان لغاية الآن رغم الضعف الذي يطالها. ولكنه قد يفعل بعض الأمور ليرضي جزءاً من قاعدته المناهضة للحرب في غزة من مثل بعض المساعدات الغذائية، أو بعض التصريحات التي لا تؤثر، وهو المعروف عنه الكذب وإطلاق التصريحات المتناقضة. وبالمجمل فهو في تناقض في توجهه العام حيث يُظهر القلق حول الوضع في غزة ويبقي الدعم الكامل للكيان. فخلال زيارته لاسكتلندا بتاريخ 28/7/2025م قال: "أنا أرى ولا يمكنك تزييف ذلك، هؤلاء الأطفال يبدو عليهم الجوع الشديد. هذه مجاعة حقيقية" ومثل دعوته لإنشاء مراكز طعام في غزة دون سياج أو حدود.

 

إنه لمن المحزن والمدمي للقلب أن ينتظر المسلمون الدعم من أعدائهم، وهم الذين يزيد تعدادهم على ملياري مسلم، وأصبحوا كغثاء السيل، وتمادى عليهم وقتلهم أجبن خلق الله، وما ذلك إلا لغياب الراعي وغياب المدافع عنهم. نسأل الله أن تعود دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة عما قريب وأن يهيئ الله عز وجل لهذه الأمة حاكما مسلما مخلصاً يرعى شؤونها ويحفظ بيضتها، قال رسول الله ﷺ: «الْإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ».

 

 

بقلم: الأستاذ محمد إبراهيم - أمريكا

 

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع