الجمعة، 21 صَفر 1447هـ| 2025/08/15م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

Al Raya sahafa

 

2025-08-13

 

جريدة الراية: ماذا تريد أمريكا

من سوريا؟

 

 

 

منذ اندلاع ثورة الشام بداية آذار/مارس 2011، وحتى نهاية حكم الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024 كانت أهداف أمريكا واضحة بشأن سوريا، وتمثلت في منع تصدير الثورة وعدم سقوط النظام السوري مع إجراء عملية تجميل له، ولم تتغير هذه الأهداف حتى اللحظة، أما التغيرات فكانت في الوسائل والأساليب فقط وهي أصلاً وجدت لخدمة الأهداف فإن فقدت دورها كان لزاماً تغييرها، أما مسألة نفوذ أمريكا في سوريا فلم يكن محل بحث حيث انتفى الصراع الدولي وكان الجميع تحت الخط الأمريكي، إلا محاولات بعضهم الـتشويش فقط لا الصراع، وما كانت روسيا وغيرها إلا أوراقاً وأدوات لتحقيق الاستراتيجية الأمريكية.

 

وبمجرد الانفتاح الأمريكي رفع الاتحاد الأوروبي عقوباته عن سوريا، بما يشمل رفع القيود على قطاعي المال والطاقة وإزالة البنك المركزي السوري من قائمة العقوبات. وفي روسيا، أشار نائب وزير خارجيتها سيرجي فيرشينين إلى مواصلة روسيا التفاوض مع الحكومة السورية بشأن وضع القواعد العسكرية الروسية في سوريا. وقال وزير خارجية كيان يهود جدعون ساعر عقب لقاء الشرع بترامب إنَّ تل أبيب تريد علاقات جيدة مع النظام السوري الجديد، في رسالة إيجابية لترامب قد تفيد برغبة الاحتلال في عقد صفقة مع سوريا تحت رعايته. ومن جهة أخرى، اقترح باراك إجراء مفاوضات بين الاحتلال وسوريا لإبرام اتفاقية عدم اعتداء.

 

وإنما كان الصراع الحقيقي هو بين الأمة وبين الغرب كله وعلى رأسه أمريكا، وقد قدم الكونغرس ملايين الدولارات لدعم المقاتلين السوريين الذين كانوا يقاتلون نظام أسد وأنشأت غرفتين لها في الشمال والجنوب وربطت حركة الثوار بها واستخدمت لذلك الكثير من الدول والمنظمات والأفراد.

 

وسوريا تعتبر منفذا رئيسيا لغرب آسيا على البحر المتوسط وصلة الوصل بين منطقة الخليج العربي وأوروبا براً وبحراً وبوابة لنقل الطاقة من منطقة الخليج وإيران إلى أوروبا، فالطبيعة الجغرافية المسطحة لسوريا "شبه خالية من الحواجز الطبيعية كالجبال" تجعل من بناء شبكات الأنابيب الناقلة للنفط والغاز أكثر سهولة وأقل تكلفة من تركيا ذات الطبيعة الجبلية، الطامعة لأن تكون مركزاً لنقل الطاقة إلى أوروبا، وبالتالي فإن سوريا تشكل نقطة عبور وممراً طبيعياً لموارد الطاقة في الشرق الأوسط "إيران ومنطقة الخليج العربي" إلى أوروبا.

 

كما تمتلك سوريا حقول غاز طبيعية مهمة وهي منطقة ذات علاقة ونظرة تاريخيّة واستعمارية نظراً لتاريخها الإسلامي ودورها وعلاقتها بأوروبا فضلاً عن النظرة المستقبلية لها، وما ذكر فيها من روايات تتعلق ببلاد الشام وفضلها ودورها في التغيير، لذا ينظر الغرب كله لمنطقة بلاد الشام نظرة مختلفة ومتميزة عن غيرها وإن كانت جميع بلاد المسلمين تحمل المبدأ نفسه لكن تميزت بلاد الشام بخصائص مختلفة. ولأجل هذه الأمور اهتمت الولايات المتحدة بالثورة السورية فضلا عن طبيعة ثورتها التي اختلفت كل الاختلاف عن ثورات الربيع العربي حيث رفعت راية رسول الله ﷺ ونادت بتطبيق الإسلام وأنتجت حركات تحمل أفكاراً إسلامية، ومن جميع دول العالم تسابق المسلمون لنصرة ثورة الشام.

ولما سقط بشار أرادت أمريكا المحافظة على النظام وإن سقط رأسه، فأوكلت المهمة لتركيا وكانت قبل ذلك قد أعطت لها دوراً كبيرا في سوريا، حتى آلت المهمة إلى أن تختار تركيا بعضاً ممن تعتبرهم أمريكا أعداء لها بل وصدرت بحقهم أحكام ومطالبات دولية، ولكن يبدو أن تحضير تركيا كان منذ فترة طويلة، والعلاقات بينها وبين الجولاني قديمة نوعا ما ولا تخفى العلاقة بينهما والدعم العسكري والاحتضان التركي بعد الثورة، ودور تركيا معلوم لا يجهله أحد.

بعد سقوط بشار اختلفت الأمور وتسارعت الأحداث وظهرت تباينات كثيرة جدا في سوريا سواء تعلق الأمر بالداخل السوري أو الخارجي، وهنا لا شك اختلفت الرؤية وتباينت المخططات بين مطالب الحاضنة الثورية وبين أمريكا صاحبة النفوذ وبين لاعب جديد وهو كيان يهود، ولكن تبقى الكلمة الفصل لأمريكا. فماذا تريد أمريكا؟

 

مطالب أمريكا من الإدارة الجديدة متعددة وكثيرة منها ما يتعلق بالداخل السوري ومنها ما يتعلق بخارجه:

 

أما ما يتعلق بالداخل وعلى رأس ذلك الإسلام، والدستور، والشكل المدني، والعرقيات الصغيرة ودورها في الحكم والإدارة وعلاقتها مع دمشق، وشكل نظام الحكم، والفيدرالية، وتكوين الجيش، ودمج الثوار، وضبط السلاح وحصره بيد الدولة، وموضوع المقاتلين الأجانب وإخراج بعضهم وطردهم ونفي المقاتلين الفلسطينيين، حيث أعلنت وزارة الدفاع "دمج 3500 مقاتل أجنبي في الفرقة 84 المشكلة حديثاً. وتبدل موقف أمريكا، حيث صرح مبعوثها باراك أنَّ من الأفضل إبقاء المقاتلين الأجانب تحت مظلة الدولة بدل إقصائهم؛ لمنعهم من الانضمام إلى الجماعات الجهادية".

 

وكذلك الخصخصة والاستثمار ودور الشركات الأمريكية وخاصة ما تعلق بالنفط والغاز، فقد وقعت الحكومة السورية في 29 أيار/مايو اتفاقية بقيمة 7 مليارات دولار مع شركات دولية في قطاع الطاقة، منها شركات UCC القابضة وباور إنترناشونال وأورباكون القابضة القطرية وكايلون جي إي إس إنرجي ياتيريملاري وجنكيز إنرجي التركيتان.

 

وأما ما هو متعلق بالمطالب الخارجية فهناك مطالب تتعلق بالتطبيع مع كيان يهود وعدم تشكيل خطر عليه والانسجام مع اتفاقيات أبراهام، وقد ورد في مقال للجزيرة تحت عنوان: (ماذا تريد أمريكا من سوريا الجديدة؟) "بيد أن لقاء ترامب والشرع لم يكن التطور الوحيد من ترامب تجاه سوريا، حيث أعلن الرئيس الأمريكي عزمه رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا بصورة تدريجية. ووصف ترامب تلك العقوبات بأنها "وحشية" و"معيقة"، مؤكداً أنه حان الوقت لكي "تنهض سوريا" من جديد. جاء هذا الإعلان بعد أكثر من عقد من عقوبات مشدّدة عزلت سوريا عن المنظومة المالية العالمية بشكل كلي. ومن الواضح أن واشنطن اعتمدت مقاربة جديدة في التعامل مع الحكومة السورية الجديدة، تنتقل فيها من سياسة العزل والعقاب إلى سياسة الانخراط المشروط والدعم الحذر، فقد أبدى المسؤولون الأمريكيون استعدادهم للعمل مع سلطات دمشق الانتقالية إذا التزمت بمسار التسوية السياسية وراعت المطالب الدولية".

 

وأمام هذه المطالب الكثيرة والمتعددة نجد الإدارة الجديدة منسجمة إلى حد كبير مع مطالب أمريكا بل تظهر لها الود والقبول والإذعان وشاركت في مفاوضات مع يهود وأظهرت إذعانها المذل في ملف السويداء ومن قبلها المقاتلين الأجانب والحاضنة الثورية.

 

وخلاصة الكلام إن الولايات المتحدة استطاعت المحافظة على النظام واستبدلت عميلا بعميل، ليقوم بما لم يقم به سلفه، فهل يعي الثوار خلف من يلتفون؟ وهل يعون على التلاعب والتضليل الفكري لجماعة الجولاني ومن خلفه بالطروحات في الشام بضرورات الواقع والرخص المتاحة؛ صلح الحديبية وغيرها مما يطرح؟

 

 

بقلم: الأستاذ عبد الحكيم عبد الله

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع