الثلاثاء، 03 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/05م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • 2 تعليقات

بسم الله الرحمن الرحيم

النظام الاجتماعي الإسلامي هو السبيل الوحيد لتكوين أسرة سليمة

 

لقد أنعم الله علينا أن كفانا نحن المسلمين مؤونة البحث عن نظام نسير به حياتنا، حينما وهبنا سبحانه نظاما اختاره هو لنا وأمرنا باتباعه، وضمّنه كل أسباب السعادة في الدنيا والفلاح في الآخرة، ومنه النظام الاجتماعي الذي احتوى أحكاماً تمكننا من الحفاظ على وحدة الأسرة المسلمة وتناغمها، وتعمل على تدعيم الزيجات وتقويتها. لكن مع تغلغل الرأسمالية في حياتنا اضطرب فهم المسلمين للنظام الاجتماعي حيث تداخلت لديهم أحكام الإسلام وأحكامه مع الثقافة الغربية الدخيلة، وانبهروا بأفكاره المسمومة التي روجوا لها من قبيل الحريات وضمان الحقوق، فكانت النتيجة كارثية: فقد تدهورت الأخلاق، وانسلخت المرأة عن هويتها الإسلامية، ولم يعد الحلال والحرام مقياس أعمال المسلمين... فالتبس عليهم الحق بالباطل حتى أصبحوا يطلقون على جميع أنظمة الحياة اسم النظام الاجتماعي، وهذا إطلاق خاطئ لأن أنظمة الحياة أولى أن يطلق عليها اسم أنظمة المجتمع. فهي تشمل الاقتصاد والحكم والسياسة والتعليم والعقوبات والمعاملات والبينات وغير ذلك، وعلى هذا الأساس يكون الإسلام هو الدين الوحيد الذي يشتمل على نظام اجتماعي شامل، كما أنه الدين الوحيد الذي عرفه التعريف الصحيح. فالنظام الاجتماعي هو النظام الذي ينظم اجتماع المرأة بالرجل والرجل بالمرأة، وينظم العلاقة التي تنشأ بينهما عن اجتماعهما، ويبين كل ما يتفرع عن هذه العلاقة، فهو العلاج لامرأة مسلمة ورجل مسلم يعيشان في طراز معين أوجبه الإسلام، ويتقيدان بأحكامه.

 

فالنظام الاجتماعي في الإسلام هو النظام الوحيد الذي يضمن هناء الحياة؛ إذ إن أساسه الناحية الروحية ومقياسه الأحكام الشرعية، فهو ينظر للإنسان باعتباره إنسانا مهما كان جنسه ويبيح له التمتع بلذة الحياة، ولكن على نحو يحفظ الجماعة والمجتمع وينظم الصلات بين الجنسين حتى يكون تعاونا منتجا لخير الجميع. ويضمن في الوقت نفسه تحقيق القيمة الخلقية، ويجعل المثل الأعلى رضوان الله هو المسير لها حتى تكون الطهارة والتقوى هي التي تقرر طريقة الصلات بين هذين الجنسين في الحياة، والتي حددها الإسلام بالزواج وملك اليمين، وأي صلة تخرج عن ذلك تعتبر جريمة تستوجب أقصى أنواع العقوبات، كما جعل العفة أمرا واجبا. ثم أباح باقي الصلات التي هي من مظاهر غريزة النوع غير الاجتماع الجنسي كالأبوة والبنوة والأخوة إلى غير ذلك، وجعله رحما محرما. فالاسلام جعل كل وسيلة أو أسلوب يؤدي إلى صيانة الفضيلة والخلق أمرا واجبا لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. وحدد جملة من الأحكام الشرعية كأمره كلا من المرأة والرجل بغض البصر، وأمر النساء أن يرتدين اللباس الشرعي، كما حدد للمرأة متى يحل سفرها ومتى يحرم، كما منع الخلوة بين الرجل والمرأة، كما منع المرأة من الخروج من بيتها بدون إذن زوجها. كما حرص على الفصل بين الجنسين في الحياة الخاصة، وحث المرأة على عدم مزاحمة الرجال في الطريق والأسواق، كما حرص على أن تكون صلة التعاون بينهما صلة عامة في المعاملات لا صلة خاصة. وبهذه الأحكام احتاط الإسلام في اجتماع المرأة والرجل، وقدم لهما معالجات تحصر الاجتماع بالعلاقة التي وجدا من أجلها، وتبعدهما عن علاقة الاجتماع الجنسي، وتبعدهما عن كل ما نعيشه اليوم من انسلاخ أخلاقي وانحطاط سلوكي رفع من التحرش الجنسي والاغتصاب إلى نسب مهولة. فلو فهم المسلمون معنى الزواج الحقيقي في الإسلام فقد سماه الله تبارك وتعالى بالميثاق الغليظ، لما وصلوا إلى ما هم عليه اليوم من عهر جنسي وصل إلى درجة البهيمية في الزواج، فالإسلام هو تاج الفضيلة والكفيل بكبح جماح الانفلات الجنسي في المجتمعات، فقد أمرنا رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه بالزواج حين قال: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ! مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ». ففي الزواج حفاظ على النسل البشري وعمارة الأرض وصلاحها، وهو الذي يحصل به التكاثر في النوع الإنساني، وبه توجد الأسرة وعلى أساسه يجري تنظيم الحياة الخاصة. وقد حث الإسلام على الزواج، فعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله r قال: «تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الأُمَمَ».

 

ومن خلال هذا العرض نستشف القيمة الكبيرة التي منحها الله للزواج حيث اعتبره عماد الحياة بغية حصول المودة والسكينة والطمأنينة والرحمة والعطف والتعاون بين الزوجين، كما يحقق الزواج اللذة والاستمتاع بطريقة مشروعة، فهو سبب لجلب الرزق، ودفع الفقر والحاجة كما نصت على ذلك الآية الكريمة ﴿وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾. فالزواج يمتن الترابط والمودة، وتبادل المنافع بين الناس عبر تحقيق الرابط بين الأسر من قرابات وأصهار. كما تتمتع الزوجة برعاية زوجها لها، والاهتمام بها والإنفاق عليها، وبالتالي يتحصل الإنسان على الراحة النفسية والاستقرار العائلي، ويبتعد عن ممارسة الحياة البهيمية إلى علاقة إنسانية راقية تمكنه من تحقيق غايته من الزواج وهي تكوين أسرة تكون مترابطة يسودها التعاطف والتآلف والعمل على حب الخير بين أفرادها. كل ذلك ضمن عقيدة إيمانية راسخة متبعين منهجاً نبوياً سديداً، فهذا الإيمان هو الكفيل بتحقيق الأمن الشامل والدائم والذي يحمي المجتمع من المخاوف ويبعده عن الانحراف وارتكاب الجرائم، ومن أهم الركائز لبناء هذه الأسرة السليمة واستمرارها:

 

- معرفة الزوجين أن الله بينهما في كل أفعالهم إذ يجب أن يتّقيا الله في بعضهما، ويتقربا إلى الله بخدمة بعضهما، وتلبية طلبات ورغبات كل واحد منهما للآخر.

 

- جعل الله للزوجين مرجعية مفصلة: وهي كتاب الله وسنة رسوله e، وهي أساس حياة المسلم، فحينما يطبق منهج ربه سبحانه وتعالى يشعر أنه في ظل الله، وأن الله معه متجلياً عليه بالبركات والتوفيق والدعم.

 

- يتولى الله إنجاح الزواج في حال بني على طاعة الله.

 

- كل من الزوج والزوجة هو ملء عالم الآخر أي على الزوجين أن يقصرا طرفيهما على بعضهما فهما ملء عالمي بعضهما قال تعالى: ﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾ [سورة النور]. فمن غض بصره عن محارم الله أورثه حلاوة في قلبه إلى يوم يلقاه، ومن ملأ عينيه من الحرام ملأهما الله من جمر جهنم.

 

- يجب أن تحل المشاكل بين الزوجين في بيت الزوجية قال تعالى: ﴿لا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا﴾ [سورة الطلاق].

 

- النظر إلى الجوانب الإيجابية في الزوجة ومعنى ذلك أنه لا يجب أن تحس الزوجة أن الزوج ملّ منها وأصبحت حياته معها رتيبة، فاخش الله فيها فهي التي ترعى أولادك.

 

- بيت الزوجية مؤسسة ولا بد لها من قائد قال تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ﴾ ولكن هذه القوامة والقيادة لا تعني أن المرأة لا شيء، وليس لها دور، بل إن القرآن كرمها بقوله تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ﴾ [سورة البقرة].

 

- المعاملة بالمثل يعني أن تعامل زوجتك كما تحب أن تعاملك.

 

- التصحيح يعني الصبر على الاعوجاج، فإنه سيصلح ويستقيم وبذلك يصبح الزواج ناجحا قال تعالى: ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾ [سورة الأنبياء].

 

كل هذه القوانين والمبادئ الاجتماعية التي يقوم عليها نظام الأسرة في الإسلام كفيلة بإنجاح الزواج، والحفاظ عليه قويا متينا. فكل بيت فيه ذكر الله عز وجل يكون مباركا ولا تؤثر فيه مغريات الشارع، ويعمه الهدوء والوئام، ويرعاه الله برعايته ويحفظ الزوجين من البحث عن السعادة خارج بيتهما، فينجذبان إلى العلاقات المحرمة خارج إطار الزواج التي توقعهما في الحرام والتي تتسبب في دمار الأسرة وتشتتها. ولكي يتواصل الترابط المتين للزواج في الإسلام أنيط بكل من الزوج والزوجة دور له في الحياة الأسرية قال رسول الله e: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». فالإدارة العائلية تتولى تحقيق كل درجات الوئام بين الأم والأب والأطفال إذ يقوم الزواج الإيجابي على توزيع مسؤوليات الأسرة بالتساوي كل حسب نوعه. فعلى كل واحد منهما أن يراعي حقوق قرينه ويشبع حاجاته، كذلك تربيتهم للأطفال ورعايتهم لهم، وكسب الرزق وتوفير حاجات الأسرة وتحسين ظروف العيش، والقيام بأعمال البيت وتدبير شؤون المنزل.

 

 

ودون أن ننسى أهم دور للمرأة في أسرتها: وهي أن تكون أما وربة البيت إذ لم يعرف التاريخ دينا ولا نظاما كرّم المرأة الأم وأعلى من مكانتها مثلما جاء به دين الإسلام الذي رفع من مكانة الأم، وجعل برّها من أصول الفضائل والإيمان. والمتأمل بهذا الدين من خلال القرآن الكريم وسنة النبي محمد r يجده قد جعل حقها كامرأة (أم) أعظم من الرجل (الأب) لما تتحمله من مشاق تتمثل بالحمل والولادة والإرضاع والتربية، فعندما نتحدث عن الأمومة فإننا لا بد من أن نتحدث عن الأم، وهي الأصل الذي جعله الله سبحانه وتعالى القرار المكين الحاضن للذكر والأنثى مصداقاً لقوله تعالى في سورة المؤمنين: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ﴾. وقد اختصها الله سبحانه وتعالى بشرف الأمومة التي من خلالها يحفظ النوع الإنساني من الانقراض والهلاك، كما أعطاها دورا قياديا في المجتمع يتمثل في إدارة شؤون الأسرة حيث يخبرنا رسولنا الكريم r في قوله: «وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِيْ بَيْتِ زَوْجِها» فالأم هي الحلقة الأولى في التربية تدفع أبناء صالحين وأقوياء في المجتمع، وهي أحق بالصحبة من الأب في الإسلام. فعن أبي هريرة رضي الله عنه: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ e، فَقَالَ: مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: «أُمُّكَ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أَبُوكَ».

 

فالإسلام أعطى أعظم المراتب للمرأة فهي الأم والبنت والصاحبة والزوجة، وما أرفعه من شأن عندما نتخذ زوجات رسولنا الكريم قدوة لنا وحياته الزوجية نموذج حياة نسير على طريقه، فهو المثال والقائد والمعلم والقدوة الذي لو اتبعنا نهجه في حياته وعلاقته بزوجاته لنلنا الدرجات العلى من السعادة والطمأنينة المنشودة. فقد كان رسولنا الكريم يعين أهله ويقضي حاجاتهم بنفسه فكان يرفع من شأنهن، ويقدرهن، ويدللهن، فقد كان زوجا ودودا حكيما يعدل بين زوجاته ويوصي بالنساء خيرا، «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْراً» وقال e: «رِفْقاً بِالْقَوَارِيرِ» إذ يجعل الخيرية في إكرام الأهل. فقد كان رفيقا بنسائه يشاورهن في قراراته، حليما في غضبه ورغم المكانة العظيمة والمنزلة الرفيعة التي يتمتع بها الرسول الكريم وتحمله لهموم الأمة الإسلامية بأكملها فإن رِقّته في التعامل مع زوجاته تفوق الوصف، فلا تتعلل بمسؤولياتك عزيزي الزوج وكن كما محمد r لتكون زوجتك كخديجة وعائشة وصفية...

 

وما نستخلصه من هذا العرض أن النظام الاجتماعي في الإسلام يحافظ من خلال قيمه ومبادئه وقوانينه على قوة الزواج، وتناغمه ويضمن وحدة الأسرة المسلمة وتماسكها باعتبارها الدعامة الأساسية للمجتمع المسلم. فلا سبيل إلى أمة مؤمنة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتقود الجماهير إلى بر الأمان وتنشر الخير في كل البقاع إلا بأسرة مؤمنة مستقرة.

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

آمال بن رحومة

2 تعليقات

  • Amel HT
    Amel HT الثلاثاء، 16 تشرين الأول/أكتوبر 2018م 12:52 تعليق

    أحسبه بإذن الله عملا خالصا لوجهه تعالى. وجزاكن الله كل خير أخواتي الكريمات

  • Mouna belhaj
    Mouna belhaj الإثنين، 15 تشرين الأول/أكتوبر 2018م 23:34 تعليق

    اللهم رد لنا دولتنا وحكم فينا دينك وانعم علينا بالحياة تحت ظل رايتها بقيادة أمير عادل يسهر على زرع الخير فينا ولنا , بوركت اختنا آمال وبوركت يمناك في ميزان حسناتك ان شاء الله.

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع