- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
7/9/2025
الرادار: الذي حذّر منه حزب التحرير أصبح على لسان أهل الإعلام والصحافة
لقلم الأستاذ/عبدالله حسين (ابوناصر رضا )
في تغريدة لرئيس تحرير صحيفة أخبار اليوم المشهورة، الأستاذ أحمد البلال الطيب، الإعلامي البارز، يقول: (بعد مرور قرابة العشر ساعات على أداء حميدتي القسم بنيالا، رئيسا لحكومة تأسيس، أقول في جملة حزينة واحدة: شئنا أم أبينا، أردنا أم لم نرد، اتفقنا أو اختلفنا، ضخمنا الحدث أو قزمناه، أقول للذين هللوا، وللذين سخروا، وللذين أيدوا، وللذين عارضوا، وداعا للسودان الموحد! بكل أسف بدأ عملياً الانفصال الثاني بالسودان، بعد الانفصال الأول المر لجنوب السودان ولن أزيد).
التعليق:
إن حزب التحرير؛ الرائد الذي لا يكذب أهله، ظل على الدوام النذير العريان، الذي يحذر الساسة والحكام وأهل الإعلام والعلماء وجميع النخب وعامة أهل البلاد، من مخطط تمزيق السودان بحدود سايكس بيكو جديدة، بلون حدود الدم عبر اتفاقيات وإشعال حروب، وافتعال أزمات وفتن بين أهل السودان، لتهيئة المسرح للتمزيق الثاني، كما فعلت أمريكا عندما هندست ورعت فصل جنوب السودان باتفاقيات مشاكوس ونيفاشا، وقتها حذر الحزب كل النخب الحاكمة والسياسيين وأهل الإعلام، من خطر السير في هذه الاتفاقيات التي تمزق السودان، بل كان الوسط السياسي كله (حكومة ومعارضة)، يقابلون ذلك باستهجان شديد وسخرية، ويصفون حزب التحرير بأنه يغرد خارج السرب، وكانوا يستبعدون انفصال الجنوب، حتى وقع الفأس في الرأس، فانقسم السودان. فقد كان حزب التحرير بمثابة زرقاء اليمامة، التي حذرت قومها من هجوم العدو، وأنها رأت شجراً يتحرك فلم يصدقوها، وتجاهلوا تحذيراتها، فهجم العدو ودمرهم.
وهنا يستحضرني ما كتبته الصحفية أمينة الفضل بصحيفة الحياة اليومية السودانية العدد ٦٨٦ بتاريخ ٣/٣/٢٠٠٣ بعنوان “حزب التحرير وصدق النبوءة”: “في منتصف العام 2003م، أصدر حزب التحرير بياناً عنوانه: “تقرير المصير.. حق أم جريمة؟” وقد تناول فيه اتفاق مشاكوس الإطاري، والذي اعتبره سابقة خطيرة، بل من أخطر ما مر على السودان. هذه السابقة هي حق تقرير المصير أو “الانفصال”، ودعم حزب التحرير حديثه بأحاديث نبوية، وأوضح خطورة هذا الاتجاه الذي يكرس لتقطيع أوصال البلاد، وفتح الباب لمناطق وجهات أخرى للمطالبة بحق تقرير المصير، دون أن تستطيع الحكومة رفض هذه المطالبات؛ لأنها قد استنت هذه السنة مع الجنوب. وذهب حزب التحرير لأكثر من ذلك حينما نصح الحكومة بالتنصل من اتفاق مشاكوس كما تنصل منه قرنق، محذراً الحكومة من أن التودد لقرنق وحركته في الفترة الانتقالية لن يثنيه عن الانفصال؛ لأنه رجل ذو طبيعة متمردة، وهو يكذب إن قال إنه وحدوي، محاولاً الاستفادة من كل شيء لجذب عضوية لحركته.
كان هذا تحذيراً من حزب التحرير قبل توقيع اتفاقية السلام، والذي أصبح واقعاً لكنه غير معاش لأسباب يعلمها الجميع، أولها استفزازات وتعالي قرنق، وليس آخرها المطالبة بدولة علمانية لا يرتفع الأذان في مدنها.
نحن نعيش الآن تحقيق ما تنبأ به حزب التحرير، ولو أن الحكومة استجابت لنصح العقلاء لما لعق الجميع أصابع الندم بعد التوقيع، إذ أصبح قرنق كفقاعة الصابون لا يستطيع أحد الإمساك به، وبدأ منذ الآن، وقبل أن تنفذ بنود الاتفاق على أرض الواقع، باستغلال هذه الفرصة وكسب الوقت بالدعاية لحركته التي تحولت بقدرة قادر لحزب سياسي جاء من أحراش غابات الجنوب ليجلس على مقاعد القصر الجمهوري، حتى دون أن يكبد نفسه مشقة طلب تسجيل هذا الحزب السياسي العجيب، ولم لا؟ فهذا زمانك يا مهازل فامرحي!!”.
هذا ما كتبته الصحفية أمينة الفضل في ذلك التاريخ، واليوم تأتي تغريدة الإعلامي المخضرم أحمد البلال الطيب في السياق ذاته والتأكيد على ما ظل حزب التحرير على الدوام يحذر منه ويستنفر ويحث الجميع للوقوف في الجانب الصحيح الذي يجنبنا مخاطر الانزلاق في التقسيم والتفكيك.
أعلن حزب التحرير في مؤتمره الصحفي يوم السبت ١٦/٨/٢٠٢٥ (نداء لأهل السودان أدركوا دارفور حتى لا تلحق بالجنوب)، مناشداً العلماء والإعلاميين، وأهل القوة والمنعة وغيرهم للقيام بدور يمنع هذه الكارثة، وإفشال مخطط أمريكا لتمزيق السودان في نسخته الثانية، فهلا سعينا لامتلاك زمام المبادرة واستعادة سلطان الأمة المغتصب بإقامة الخلافة دولة الوحدة والحصن الحصين ضد تحقيق مؤامرات الغرب الجهنمية؟ «إِنَّمَا الإِمَامُ جُنَّةٌ، يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ، وَيُتَّقَى بِهِ».
المصدر: الرادار