الخميس، 19 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/21م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحظر والمقاطعة لن يؤديا إلاّ إلى تقوية مسيرة الدعوة!

 

(مترجمة)

 

قامت الحكومة البريطانية بتفعيل حظر طال انتظاره على أنشطة حملة الدعوة. إن هذا الإجراء نابع من إفلاس فكري وعقلية الدولة الفاشلة، كما أن العالم يعلم أن الخلافة قريبة. وهناك عدد من الدروس الرئيسية التي يجب على المسلمين وحملة الدعوة استخلاصها من هذا الوضع الجديد. أول شيء هو فهم ما يُرجى بالضبط من هذا الإجراء وكيف يجب علينا ألا نقع في الفخاخ المنصوبة لنا.

 

أولاً، يرغب أعداء الإسلام في غرس الخوف في قلوب المؤمنين، والفكرة هي إجبار المسلمين على وضع أمور الدنيا قبل مكانتهم في الآخرة، وهذا مذكور في القرآن الكريم ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾.

 

تكتيكات القوة والتهديد ضد المسلمين، بغية زيادة الخوف، ليست بجديدة؛ ففي تاريخ الإسلام، وبعد مرور ست سنوات على المحاولات لتحويل الدعوة والنداء إلى الإسلام، باءت محاولات المشركين بالفشل الذريع. وعندما سعى أعداء الماضي، باستخدام كل الوسائل الممكنة ضد المسلمين، من الإغراء بالمنافع الدنيوية إلى تهديدهم بقطع الصلات الأسرية، كانت النتيجة غير مجدية. ويظل المبدأ الأساسي في الإسلام ثابتاً وواضحاً؛ وهو أننا لا يجب أن نشرك أو نضع شركاء مع الله سبحانه وتعالى.

 

في عهد النبي ﷺ، كانت الإهانات والرأي العام السلبي الذي يسخر من المسلمين ممارسة شائعة. يقول سبحانه وتعالى: ﴿وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.

 

تم توثيق التعذيب والإساءة العامة جيداً، كما جاء في قصص السيرة. واليوم لا يختلف كثيراً؛ فالتزاماتنا وواجباتنا في اتباع نهج النبي ﷺ يجب أن تأتي قبل أي جانب من جوانب المخلوقات ومطالبهم. نحن ثابتون كما كان الصحابة عندما واجهوا التهديدات والعقوبات من قريش وأنصارها ضد الإسلام؛ حيث نتذكر الجوائز العظيمة الموعودة للذين يصبرون. ﴿وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾.

 

وهذا يقودنا إلى الهدف الثاني من ثقافة الحظر، ألا وهو العزل، الذي صُمم للإضعاف. إن قوة إيمان المسلمين اليوم، وعبر التاريخ، شكلت دائماً تحدياً للكفار. وفي وقتنا هذا، يستخدمون القومية، ويظل كل حكام المسلمين عبيداً يعملون ضد المسلمين ويحافظون على الفصل بينهم. أما في الماضي، فقد كان واضحاً أن أبا طالب كان عقبة أمام السيطرة، نظراً لدعمه للنبي ﷺ. فقد كان الأمل يحدو الكفار في إقناع أبي طالب بالتخلي عن دعمه وحمايته لابن أخيه وللإسلام؛ ليتمكنوا من عزل محمد عن قبيلته، ما يحرمه من قدرته على كسب الرأي العام والمضي في الدعوة الإسلامية.

 

كان من الحتمي أن أي محاولة لنبذ بني هاشم ستؤدي إلى تقسيم الجماعات في مكة. كل شخص في مكة كان عليه أن يعلن موقفه مع أو ضد بني هاشم. هذا النوع من التقسيم هو ما يسعى الكفار لتنفيذه في الجاليات المسلمة؛ فإما أن تكون مع الحكومات الغربية أو تعتبر عدواً أصولياً للدولة يجب إبادته وإخراجه حرفياً من هيكل المجتمع بأكمله. لذلك نرى الآن كيف لا تنطبق القوانين الحديثة للمعاملة الإنسانية على المسلمين. غزة هي المثال الساطع للاتجاه الذي يُرسَم لبقية العالم الإسلامي. ستكون وحيداً في موتك ودمارك دون كيان يساعدك.

 

نتذكر قصص المسلمين عندما كانوا منبوذين في الصحراء وتُركوا بدون الضروريات الأساسية، حتى إن ابنة النبي ﷺ الحبيبة رضي الله عنها عانت من الجوع وأصيبت بأضرار دائمة نتيجة لتلك التجربة.

 

ثالثاً، قد تظهر إغراءات لتقليل التعبير عن الهوية الإسلامية بسبب الشعور بالخجل من الارتباط بشيء لا يحظى بدعم صريح من النظام. إن الضغط للاستسلام للرأي العام والاندماج أكثر في الثقافة غير الإسلامية هو مسار خطير مصمم استراتيجياً ليكون له تأثير على مدى الأجيال. والحديث والأدلة تحرم ذلك بوضوح؛ فقد روى ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» (رواه أبو داود).

 

تعلم أنظمة الحكم غير الإسلامية أن للمسلمين هوية واضحة يرغبون في نقلها إلى أبنائهم استجابةً للنصوص الإسلامية؛ ومن المفهوم أن المسلمين ليسوا مهتمين بتدابير تنظيم الأسرة لتقليل الإنجاب. فلو استطاعت تلك الأنظمة الإمساك بجيل الآباء في لحظة ضعف أيديولوجي، فإن عادات تقليص هويتهم الإسلامية لتتناسب مع البيئة المحيطة ستُنقل إلى نسلهم. هذا الغسيل الدماغي الكارثي المحتمل قد لا يُكسر أبداً بدون تدخل جذري في النسل والتدريب. بالطبع، النساء هنّ المربيات الأساسيات للأطفال، وإذا استطاعوا إقناع النساء بالتنازل عن هويتهن، فسيكون هذا انتصاراً على عشرات الأشخاص، لا على شخص واحد فقط. قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً﴾.

 

في الختام، يجب على حملة الدعوة أخذ العبر من الأمثلة السابقة للنبي ﷺ والأدلة في القرآن والسنة، وفهم أننا لا نختلف في رد فعلنا تجاه المقاطعة والحظر. لقد عمل حملة الدعوة المسلمون في المجال، حيث ستقام الخلافة، دائماً مع الحظر والمقاطعة مع التعذيب، والاعتقال، والعزلة بصوفها روتيناً يومياً في عملهم. ومع ذلك، بإرادة الله سبحانه وتعالى، لم يشعروا أبداً بالخوف وظلوا متسقين مع ولائهم لله سبحانه وتعالى. وإن المسلم يعلم أن وعد الله سبحانه وتعالى حق، وأفضل المؤمنين يتطلعون للقاء ربهم وجزاء أعمالهم بالفوز العظيم، وهو الدخول في صفوف الجنة مع النبي ﷺ والصحابة رضي الله عنهم.

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عمرانة محمد

عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع