الجمعة، 20 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

الكلمة الثالثة

الحزب المبدئي

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على رسوله الكريم والحمد لله رب العالمين حمد الشاكرين،

 

في الواقع أخي الكريم والإخوه جميعا والمسلمون أينما كانوا حيث يستمعون إلى هذا المؤتمر "مؤتمر الخلافة"، لقد أدمى قلبي وأدمع عيني حديث أمير حزب التحرير العالم عطاء أبو الرشتة، ومن بعده الإخوة أحمد القصص والشيخ يوسف مخارزة، حين تحدثوا وتحدث الأمير خاصة عن المسلمين كيف كانوا وكيف أصبحوا؟ كيف كانوا حين يتعرض شيء من المحرمات أو من المقدسات في العالم الإسلامي سواء أكان الاعتداء على سمعة رسول الله ﷺ أو على امرأة أسيرة أو على حاج في طريقه إلى الحج، كيف كان الخليفة في كل وقت يحرك الجيوش وينتصر للمسلمين، وكيف حالَ الأمر إلى ما نحن عليه الآن؛ مسلمو فلسطين يقتلون ليل نهار، وفي ميانمار الروهينجا يُقتلون والأويغور في الصين، والحروب ما بين المسلمين والبأس شديد، وكيف ينام الناس في العراء في هذه الظروف التي نحن فيها، وكيف يموت بعض الناس جوعا؟ وكيف وكيف وكيف؟ وكيف ينتشر الظلم ويرتفع العدل، وتحدث أخي أحمد عن العدل الذي يقيمه نظام الحكم في الإسلام ولا شيء يعرفه الناس اليوم لا مسلمون ولا غير مسلمين. هذا أمر يدمي القلب ويدمع العين. والأمَرُّ من ذلك كله أنه يضع المسؤولية الكبيرة على عاتقي، فالوزر عظيم نحمله وتحمله الأمة، فكيف لي أن أطعم فقراء المسلمين ما بين المشرق والمغرب؟ وكيف لك أن تضع الدفء لدى المتضورين من البرد والذين يقرصهم البرد القارس في بلاد الشام في شمال سوريا وفي تركيا بعد الزلزال؟ كيف ترفع الظلم عن هذا وعن ذاك؟ وكيف وكيف؟ وكل ذلك أمْرٌ نحن مسؤولون عنه، إن الله عز وجل قد بين في كتابه العزيز: ﴿فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ﴾ فالمرسَل قد أُرسل برسالة فيها العدل وفيها إطعام الفقير وفيها نشر العدل بين الناس وفيها رفع الظلم وفيها وفيها وفيها... كل ذلك فيها، والذين أرسل إليهم هم الذين يتحملون هذه المسؤولية من بعدهم، فكيف ترفع هذه المسؤولية عن عاتقي؟ كيف أضمن أن يرفع هذا الوزر عن ظهري؟ فالوزر قد أنقضَ ظهري وظهرك وظهر الأمة الإسلامية، الوزر بمعنى أن هناك أعمالاً مترتبة عليك وهناك مسؤوليات عليك عظيمة جدا ولا نستطيع القيام بها. لا أستطيع أن أحرك الجيوش في الأردن وفي مصر لتحمي إخواننا في فلسطين وفي القدس، لا تستطيع أن تحرك كل ثروات المسلمين وهي بمئات المليارات بل بالتريليونات لكي تسعف من نجا من زلزال تركيا وسوريا وأن توصل لهم كل ما يحتاجون في ظرف ساعة أو أقل، لا تستطيع أن تحرك من ذلك شيئا. لا تستطيع أن تحمي ثروات المسلمين في باطن الأرض البترول والغاز والمعادن التي يستعملها الغرب الكافر لضرب المسلمين ولتفريقهم، لا تستطيع أن تحمي من هو على ظهر الأرض هذه وننشر العدل، لا نستطيع ولا نستطيع وكلنا نريد، من هو المسؤول عن ذلك؟ من الذي في ذمته أصبحت هذه الأمور؟ من الذي أصبح هذا الوزر العظيم ينقض ظهره؟ أنا وأنت وكل مسلم على وجه هذه الأرض. كنت أود أن أقول يا ليتني كنت وبقيت جاهلا حتى قد أعذر بجهلي، ولكنني لم أعد أجهل، فبعد كلمة أمير حزب التحرير لم يعد هناك عذر لأحد يقول لا أعلم ما هي مسؤوليتي، وما هو الذنب الذي على عاتقي. لم نعد جاهلين، أكثر الأمة الإسلامية تعلم تماما أن سبب الضنك الذي يعيشون فيه هو غياب الدولة الإسلامية، الخليفة، الإمام عادل، هذا الإمام هو الذي أستطيع أن أنقل وزري وذمتي إلى ذمته. أليست البيعة هي نقل ذمة إلى ذمة حين أبايع أميرا للمؤمنين، إماما أبايعه على السمع والطاعة في حال واحدة وهو أن يحكم بكتاب الله وسنة نبيه وأن يكون جنة يقاتل من ورائه؟ هذه هي البيعة وهذا هو تنصيب الخليفة الذي أنقل هذه المسؤولية عن عاتقي إلى عاتقه. كيف بكم أيها المسلمون تعيشون والمسؤوليةُ كلها على ظهوركم وأنتم تقولون هذا ليس عملي، ليس عملي أن أوجد الخليفة، اعمل أنت؟! هذه المسؤولية، هذه الذمة في عنق كل مسلم، لا تستطيع أن ترفع هذه الذمة وأن تلقي بهذه المسؤولية على غيرك إلا إذا حمّلتها لمن يحملها شرعا، فالرسول ﷺ، بل وإن الإسلام كله من بدايته إلى نهايته قد جعل هذا الأمر منتَظَما، في بداية الأمر كان لرسول الله ﷺ تبايعه الأمة على السمع والطاعة، وهي لم تكن بيعة نبوة بل كانت بيعة على الحكم ليتحمل هو مسؤولية الحكم والعدل بين الناس من الله عز وجل، ثم إذا مات رسول الله ﷺ لم تختلف الأمة مطلقا على نقل هذه المسؤولية لأبي بكر ليكون هو المسؤول، ومن ثم عمر ليكون هو المسؤول، فمن المسؤول اليوم؟ أنا مسؤول، أنا بصفتي الشخصية أصبحت مسؤولاً، لا يوجد إمام، وبالتالي فإن هذه الذمة لا يمكن أن تبرأ وهذا الوزر لا يمكن أن يزاح عن الظهر كما قال الله عز وجل: ﴿وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ﴾، من يضع عني هذا الوزر الذي أنقض ظهري وظهرك وظهر الناس ونكون في الترحال والدعوات هنا وهناك وهناك من الذي يقوم بذلك؟ هو خليفة للمسلمين، فذمتي لن تبرأ إلا إذا بايعت خليفة نقلت ذمتي إلى ذمته. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى أنا لا أستطيع أن أقوم بذلك، كيف أبايع خليفة وهناك أنظمة قائمة في البلاد الإسلامية تقاتل وتحارب كل من يدعو للإسلام؟ هناك أنظمة قائمة على الكفر والشرك وعلى الظلم، هذه الأنظمة لا بد أن تزال أولاً، لا تستطيع أن تبايع خليفة أو أن تقيم دولة هكذا في فراغ، فبالتالي الأمر محسوم أنه لا بد من العمل على إقامة كيان مكان كيان، كيان دولة الخلافة التي فيها خليفة يبايع على السمع والطاعة ويحكم بكتاب الله ويكون جنة ويقاتل من ورائه ويتحمل مسؤوليات المسلمين كلهم، هذا الأمر لا يتم إلا إذا أقيمت للإسلام دولة مكان هذه الأنظمة التي نخرها السوس ونخرها الكفر والشرك والظلم، كيف يكون ذلك؟ لا بد من عمل سياسي فكري، لا بد من حزب سياسي قادر على هذا العمل، وهذا العمل تحديدا، أنا لا أطلب ولا أتحدث عن أي جماعة تأمر بالمعروف مجرد أمر بالمعروف ومجرد نهي عن المنكر، بل تأمر بالمعروف الخاص بإقامة دولة الخلافة والمنكر الخاص بإزالة أنظمة الكفر الموجودة، هذا هو الذي يبرئ الذمة، وهذا هو الذي يجب على المسلمين، وهذا هو الذي يضع الوزر عن ظهري وظهر المسلمين، ولكن لا بد أن أنوه هنا أن انضمامي وانتمائي إلى حزب سياسي يقوم بهذا العمل لا يعفيني من المسؤولية بشكل تلقائي، حتى لا أختبئ كالنعامة وراء شيء موجود، ولكن أنا كفرد أنا كشخص لا بد أن أقوم بكل ما يلزم من أعمال ضمن كتلة معينة لكي أستحق بها إعفائي من هذه المسؤولية لإبراء ذمتي، ولتبرأ ذمتي لا يكفي أن أكون عضوا في حزب التحرير وهو الحزب الوحيد الذي يعمل، هذا لا خلاف فيه، لا يكفي أن أكون عضوا فيه أو منتميا إليه، لا بد أن أكون عاملاً وأن أقوم بكل عمل من الأعمال حتى يكون همي الأكبر والأكثر، وأن يكون شغلي الشاغل، وأن يكون إخلاصا خالصا لهذه الدعوة لكي تبرأ ذمتي من هذا الإثم العظيم والوزر العظيم الذي حملناه خلال 100 وسنتين.

 

أسأل الله العظيم أن لا يطيل علينا هذا الأمر، وأن يجعلنا من الذين قيل فيهم في القرآن الكريم ﴿وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ﴾، أي بمعنى أنني في هذا الطريق، أسال الله عز وجل لي ولكم وللجميع ولكل من يعمل مخلصا في هذه الدعوة أن لا ينقضي من الدنيا إلا وقد غفر الله عز وجل له وقد أعطاه أجره وجازاه بالخير إحسانا، وأن يكون عملنا خالصا إلى أن ينصرنا الله عز وجل نصراً عزيزاً مؤزراً.

 

 

والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته

 

 

الدكتور محمد ملكاوي

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع