الجمعة، 19 رمضان 1445هـ| 2024/03/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

 

الهويّة الرّمادية في الدّعوة الشعبية: إعاقة طريق النّهضة الإسلامية

"بال في بئر زمزم ليعرفه النّاس" (مثل عربي)

(مترجم)

 

 

أتاح انفتاح وسائل التّواصل الإلكتروني فرصةً واسعة للجميع ليكونوا مشهورين. وحتى اليوم، فإن المانترا تقول "الشّعبية هي المال". أصبح البحث عن أكبر عدد ممكن من المشتركين أو المتابعين حلماً لمعظم جيل الألفية. في عصر المعلومات الحالي، تلعب الثقافة الشعبية دوراً رئيسياً في تشكيل ثقافة الصورة وثقافة التذوق من خلال محفزات جذابة ومُسكرة.

 

القوة الرمادية: في العقد الماضي، كانت هناك قوّة جديدة من المؤثرين على وسائل التواصل مثل (celebgram وYouTubers) الذين يمثلون المجتمعات الرمادية وكونهم "الضعفاء" بالوكالة مدفوعين بالقوى الرأسمالية. على الرّغم من أنّ هذه ليست ظاهرة جديدة، إلاّ أنّ القوة الأخلاقية الرمادية توجد بشكل متزايد مع الرقمنة الحالية.

 

منذ نهاية حقبة الحرب الباردة، نشأت هذه القوة عمداً بالتوازي مع عولمة الرأسمالية من أجل ترويض القيم الأخلاقية القديمة في البلدان التي تمثل السوق المستهدفة لها. خاصةً عندما تتقدم أمريكا في عالم الأعمال التجارية الدولية، من المهم بشكل متزايد بالنسبة لها أن تحظى القيم الأخلاقية الغربية بقبول عالمي. كما قال آين راند: "إن عبادة الرماد الأخلاقي ثورة ضدّ القيم الأخلاقية". إذن، الأخلاق الرمادية هي في الواقع تمرّد على القيم الأخلاقية نفسها.

 

في تطوّرها المستمر في التحول، نجحت قوة الصناعة الاقتصادية الأمريكية في خلق ثقافة شعبية من خلال الموسيقى والأفلام منذ منتصف القرن العشرين، للتوسّع في آسيا ومواصلة تتابعها من كوريا بموجة الكي-بوب. نظراً لأن المزيد والمزيد من الأفلام والفن ينفصلان عمداً عن تباين المناطق الأخلاقية السوداء مقابل البيضاء، فإنها تصبح تدريجياً ظلالاً رمادية أكثر فأكثر. يهدف التعتيم على هذه القيم إلى جعلها مقبولة في السوق العالمية.

 

أصبحت الشعبية في النهاية المعيار الأخلاقي الجديد الذي ولّدته صناعة الثقافة العلمانية. تؤكد ثقافة البوب حقاً على مقدار القبول الجماعي "لصورة" واحدة و"ذوق" مقارنة بالجودة والأخلاق. وتلعب الإعلانات، التي تقدم أسلوباً مرئياً، دوراً رئيسياً في التأثير على السوق والقوة الرمادية في المجتمع الحديث. وهذا يشجّع على استغلال الفن والإبداع في بعض الأوساط كالفنانين والمبدعين الذين يفتقرون للاتجاه الأيديولوجي، بشعارهم الإبداعي بلا حدود.

 

مجتمع الهجرة في الثقافة الشعبية: المشكلة هي أنّ هذه الثقافة الشعبية لا تؤثر فقط على الناس العاديين، ولكنها تؤثر أيضاً على الفئات المسلمة التي لديها بالفعل وعي أكبر للتغيير (الهجرة) أو ما يعرف في إندونيسيا باسم "مجتمع الهجرة". أدّى اللقاء بين دعوات الدعوة الإسلامية واتجاهات الثقافة الشعبية إلى ظهور شعبوية إسلامية بين الشباب المسلم.

 

وهذا يجعل نشطاء الهجرة غير محصنين من متلازمة الشعبية، ما يعني أيضاً أنهم ليسوا محصنين من المواقف الرمادية. يُقاس معيار نجاح الدعوة في نهاية المطاف بالشعبية وعدد المتابعين لمحتوى الدعوة، وليس بجودة وأصالة الأحكام الإسلامية نفسها ومنهجيتها التي تتوافق مع الإرث النبوي. ونتيجة لذلك انقطعت الدعوة بسبب متلازمة الشعبية التي أصابت نشطاء الدعوة وعلماء المسلمين والأتقياء. ينغمس العديد من نشطاء الدعوة في عالم الصناعات الإبداعية والفنية وينجرفون في موجة رمادية. قال أبو إسحاق الشاطبي رحمه الله. "آخر ما يتلاشى في قلوب الصالحين: حب السلطة وحب الوجود (الشعبية)". إن حالات أولئك الذين لديهم فقط هجرة وشعبية هي درس تعلمناه بالنسبة لنا. وبدلاً من غرس تأثير الدعوة، عزّز ما حدث بالفعل الموقف الرمادي الذي يتماشى مع مبدأ الوسطية الدينية - الأجندة الغربية لإضعاف الهوية الإسلامية والتعتيم عليها.

 

بالتعاون مع Muslim Intel Lab في ماليزيا، ذكر تقرير بعنوان "المستهلك المسلم الجديد" إلى أنه من بين 250 مليون مسلم في جنوب شرق آسيا اليوم "يعيش جيل المسلمين حياة مختلفة تماماً عن آبائهم، مكونة من اثنين من القوى العظمى: إحياء الإيمان (التدين) وانتشار النزعة الاستهلاكية على النمط الغربي".

 

يوضح هذا التقرير أن الإسلام أصبح أسلوب حياة شائعاً بين الشباب المسلمين في جنوب شرق آسيا، على الرّغم من اقتصاره على الاختيارات السطحية والفردية. تدينهم لا يمنعهم من استهلاك المنتجات الترفيهية الغربية أو الكورية. مثل ظاهرة Hijrah K-Popers التي يضربها الغموض حيث يُطلب منهم من ناحية أن يكونوا مسلمين متدينين، لكنهم أيضاً ما زالوا يرغبون في الاستمتاع بالترفيه الكوري. هذا الغموض هو الذي يميل إلى التحول إلى موقف رمادي، ما يسهل عليهم أن يكونوا مستعمرين كسوق من طرف الرأسماليين ليصبحوا مستهلكين أبديين لمنتجات أسلوب الحياة العلمانية.

 

من ناحية أخرى، فإن الاتجاه العام للثقافة الشعبية هو تخفيف الرسالة الإسلامية بحيث يمكن قبولها من عامة الناس. على سبيل المثال، إذا توقفنا عند محل لبيع الكتب، فسيكون من السهل العثور على رف من الكتب مع عرض كلمة "هجرة" على الرف الأكثر مبيعاً. على عكس الكتب الدينية الرسمية بشكل عام، فإن كتب الهجرة الشعبية لها تصميمات شعبية مع رسوم توضيحية مثل كتب الحب أو الرسوم الهزلية للفتيان، بالإضافة إلى أنماط لغوية غير رسمية. وبالمثل على مواقع التواصل، عندما نكتب هاشتاغ #هجرة على إنستجرام، تظهر 70 مليون مشاركة تتحدث عن موضوع الهجرة، بتصميم غرافيكي جذاب وصياغة بسيطة.

 

لا شك أن اللقاء بين تيارين، الثقافة الشعبية والدعوة الإسلامية بين الشباب المسلم، ليس دائما سلبيا، لأن هذه الظاهرة تمثل في الواقع ثورة في الأفكار بين ثقافتين. لذلك، للتعامل مع هذا الأمر، نحتاج إلى المزيد من حملة الدعوة المؤهلين الذين هم ناضجون مبدئياً وحساسون لتقلبات القيمة والهويات. حتى لا يكون الإسلام هو الذي يتمّ تلوينه وإبعاده، ولكن المبدأ الإسلامي هو الذي يلون ويحدث تغييرات هائلة في المجتمع.

 

إن مؤهلات حملة الدعوة القادرين على الإبحار في مجال الدعوة الإسلامية في الثقافة الشعبية هم أولئك الذين لديهم رقابة قوية في مقابل الاختلافات بين القيم العلمانية والإسلامية، دون نقص في الإبداع في استخدام الوسائل والأساليب الإبداعية في الأساليب الشعبية. بالإضافة إلى ذلك، يجب على حملة الدعوة أن يتذكروا دائماً أن معيار النجاح ليس من شخصية شعبية أو من القبول الجماهيري للدعوة، ولكن كل هذا يتوقف على المقياس الشرعي والهدف الأساسي نفسه الذي يحتاج إلى التمييز بين الحق والباطل. يجب عليهم أن يعيشوا طريق التغيير الحقيقي بالطريقة التي حددها الإسلام، كما يجب عليهم تجنب الغموض والتشويش، والابتعاد عن المواقف الرمادية في الدعوة، كما قال رسول الله ﷺ: «إِنَّ الْحَلاَلَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا أُمُوْرٌ مُشْتَبِهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيْرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدْ اسْتَبْرَأَ لِدِيْنِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ» رواه البخاري ومسلم.

 

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

د. فيكا قمارة

عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 

 

#أقيموا_الخلافة             #كيف_تقام_الخلافة                   #بالخلافة_يحصل_التغيير_الحقيقي

 

#ReturnTheKhilafah        #KhilafahBringsRealChange

 

#YenidenHilafet     #HakikiDeğişimHilafetle

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع