- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
قيادة العالم لا تكون إلا بالإسلام
هو وحده الكفيل بإنقاذ البشريّة من الظّلم والظّلمات
وإسعادها بأحكام ربّ الأرض والسّماوات
أكّد البنك الدّولي في تقرير له نشره في 07 تشرين الأول/أكتوبر 2020 أنّ عدد الفقراء في العالم سيتزايد وأنّه "بحلول العام 2021 قد يصل هذا العدد إلى 150 مليون شخص يعيشون بـ1,90 دولار في اليوم أي أقلّ من سعر فنجان قهوة في بلد متطوّر. وسيعيش 80% من الفقراء الجدد في دول متوسّطة الدّخل". و"سيكون الأطفال نصف الفقراء" كما ستمثّل النّساء "أغلبيّة الفقراء في معظم المناطق" ( فرانس 24، 2020/10/7)
وفي تقرير لها يوم 2020/12/10 أوردت صحيفة "ديلي إكسبرس" البريطانيّة 6 مناطق حول العالم، قالت إنّ أيّا منها يمكن أن يشهد اندلاع حرب بين دولتين تكون شرارة لإشعال حرب كبرى في العالم أجمع. فبمَ يَعِدون؟ وبمَ يبشِّرون؟
جوع وفقر وبطالة، حروب وضحايا ودمار، عناوين كثيرة لصيقة بالنّظام العالميّ الذي يقود البشريّة اليوم. عناوين لا تنبئ إلّا بطريق مظلم يهوي بالنّاس في الظّلمات. لا يختلف اثنان على ما تعانيه البشريّة في ظلّ هذا النّظام الذي سقطت كلّ أقنعته فظهر وجهه الحقيقيّ: نظام متوحّش يقتات على مآسي النّاس ويقودهم بالحديد والنّار ليفرض وجوده ويحافظ عليه.
قيادة لا همّ لها من ورائها إلّا السّيطرة والتّحكّم في العالم بكلّ الوسائل: بالمناورة، بالقوّة، بالتّحكّم في الرّقاب. يقود النّاس ليجعلهم عبيدا له فيسيّرهم كيفما يشاء حتّى يحافظ على وجوده ويدافع عنه. قيادة فاشلة تستند لنظام وضعيّ بشريّ ناقص عجز عن قيادة السّفينة والرسوّ بها في برّ الأمان، يتخبّط بين أمواج مشاكل البشريّة المتجدّدة ويستنجد بالمنظّمات والجمعيّات فيوظّفها لتبيّض سواد مفاهيمه وقوانينه التي يتفنّن في تغييرها وتجديدها وتنقيحها بين الحين والحين ليظهر سعيه وعمله المتواصل للخروج من الأزمات، جعل من أيّام السّنة أيّاما عالميّة يغطّي بها فشله وعجزه عن حلّ المشاكل المتزايدة (يوم عالميّ للمرأة، للطّفل، لكبار السّنّ، للصّحة، للبيئة...)، وليظهر نظاما عالميّا يرعى النّاس ويسعى لحلّ مشاكلهم وأنّه وحده القادر على قيادتهم ولا بديل له. لكنّ الحقائق تفنّد ادّعاءاته وتكشف وجهه القبيح: نظام فاسد متوحّش يسهر فقط على مصالح ثلّة قليلة من الرّأسماليين ويدوس على الملايين من النّاس فيذيقهم الويلات ويفرض عليهم بالقوّة مفاهيمه وقيادته فينصاعون له مكرهين.
من طبيعة الأمم أنّها تقاد وتبحث دوما عن قيادة لها في الحياة حتّى تسوسها وفق أفكارها التي آمنت بها، لذا كان لا بدّ من شخص يرأس الأمّة لتصلح بصلاحه فإن افتقر إلى مقوّمات القائد الحقيقيّ وبحث عن السّيادة واعتلاء العروش هلكت وتاهت وتمكّن منها أعداؤها. وما يعيشه النّاس اليوم في ظلّ النّظام الرّأسماليّ (فقر، قهر، وظلم) يعكس صورة هذه القيادة التي لا تبحث إلّا عن تحقيق مصالحها رامية بآمال هؤلاء في العيش الهنيء عرض الحائط.
إنّ الأمّة الإسلاميّة - والبشريّة عموما - تستصرخ وتنشد قيادة صحيحة ترى فيها الحياة الهنيئة فتتبعها مطمئنة راضية تسير وراءها وهي على يقين بأنّها سترسو بها وبالبشريّة في برّ الأمان وستخلّصهم جميعا من متاعب الحياة ومشاكلها؛ إذ إنّ هذه القيادة ستحرّكهم في اتّجاه محدّد ومخطّط له وتحفّزهم على العمل والبذل حتّى تحقّق مصالحهم على المدى القريب والبعيد. فالقيادة - بمعناها الحقيقيّ - مسؤوليّة تجاه المجموعة التي تقاد وليست حبّ ظهور ولا سيادة، فمن كانت هذه غايته قاد النّاس للهلاك وألقى بهم لقمة سائغة للدّول الأخرى كما هو حال قادة المسلمين الذين جعلوا من الشّعوب أيتاما على موائد اللّئام. فقد تبع هؤلاء الحكّام الغرب وصاروا خدما لهم بدل أن يكونوا خدما لشعوبهم (وسيّد القوم خادمهم). انبتّوا عن الأمّة ولم يتبنّوا فكرها ولم يحملوا عقيدتها بل "ماركة مسجّلة" صنعها الغرب حسب مقاييسه لينفّذوا أوامره ومخطّطاته الخبيثة فيتمكّن من قيادة الأمّة وإدخالها جحره ويحكم الخناق عليها فيسيّرها دون وعي منها حسب نظرته الرّأسماليّة الفاسدة التي تقصي الإسلام وتخرجه وأحكامه من الحياة. وهذه نتيجة حتميّة لحال كلّ أمّة تترك صناعة قادتها لغيرها ولا تصنعهم بنفسها.
فأمّة الإسلام لمّا كانت تحت إمرة قادتها الذين صنعتهم وكانوا من أبنائها البررة الذين يخشون الله فيها ويسعون إلى صلاحها وفلاحها وينفّذون فيها أحكام ربّهم، كانت تقود العالم بنور الله عزيزة قويّة تنشر رحمة الله وهداه في العالمين، لكن حين سقطت دولتها وتحكّم فيها الأعداء وصنعوا لها قادة عملاء ضلّت وضعفت وصارت منتهكة أعراضها ومسلوبة أراضيها ومسفوكة دماء أبنائها.
يقول سبحانه وتعالى ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً﴾، حسب ما جاء في تفسير ابن كثير لهذه الآية أنّ "هذه أكبر نعم الله عزّ وجلّ على هذه الأمّة حيث أكمل تعالى لهم دينهم، فلا يحتاجون إلى دين غيره، ولا إلى نبيّ غير نبيّهم، صلوات الله وسلامه عليه، ولهذا جعله الله خاتم الأنبياء، وبعثه إلى الإنس والجنّ، فلا حلال إلّا ما أحلّه، ولا حرام إلاّ ما حرّمه، ولا دين إلّا ما شرّعه، وكلّ شيء أخبر به فهو حقّ وصدق لا كذب فيه ولا خلف".
لذلك فالإسلام وهو دين الله الذي ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ هو وحده الكفيل بقيادة أمّة الإسلام والبشريّة جمعاء. كما أنّ أمّة الإسلام التي هي خير أمّة أخرجت للنّاس بما حباها الله من تشريع ينير دربها ويسيّر حياتها هي وحدها منبت خير قادة يمكن أن تجود بهم الدّنيا إن هم تمسّكوا بالإسلام وأحكامه وساروا على هديها. هؤلاء القادة الذين تملّكهم الإحساس بالمسؤوليّة والخوف من المساءلة والمحاسبة من خالقهم سعوا دوما لشقّ الصّعاب وقيادة الأمّة والنّاس إلى برّ الأمان على هدي حضارة متميّزة ترفع شأن الإنسان وترتقي به إلى أعلى مراتب الفكر فتحييه حياة طيّبة... ساروا تضيء دربهم حضارة لها من الخصائص السّامية الرّفيعة ما يميّزها عن كلّ الحضارات الأخرى، كيف لا وهي من الخالق العالم بشؤون عباده؟ أمّا الحضارات الأخرى فتقف عاجزة فاشلة أمام مشاكل النّاس المتزايدة ولا تجد لها حلولا؛ قيادات تعود بالنّاس إلى عالم الظّلم والظّلمات لأنّها من وضع إنسان ناقص عاجز.
تبحث الأمّة الإسلاميّة اليوم عن قادة حقيقيّين يعيدون لها مجدها الضّائع وعزّها المسلوب، تريد إسقاط النّظام ليحلّ نظام عقيدتها الذي سيحرّرها من التّبعيّة والارتهان. ولكنّها تحتاج لقيادة سياسيّة واعية تسير بها على هدي نبيّها وتسلك طريقه في التّغيير وفي قيادة الأمّة والنّاس كافّة.
لقد كوّن الرّسول ﷺ بعد بعثته حزبا على أساس الإسلام، هذا الحزب الذي جمع خيرة القادة الذين نشروا هذا الدّين ورفعوا من شأن أمّته. ولئن صارت الأمّة في ذيل الأمم بسبب ابتعادها عن شرع ربّها وخيانة قادتها إلّا أنّ الله يبعث من يسخّره لقيادة أمّة الإسلام القيادة الحقّة وليجدّد لها دينها؛ الشيخ تقيّ الدين النّبهاني الذي هداه الله إلى السّير على خطا النّبيّ ﷺ فقد وعى هذا القائد المجدّد على أحوال الأمّة وتفطّن لموطن الدّاء ووصف الدّواء فكان سياسيّا بامتياز كشف خطط الأعداء والعملاء وجعل همّه مصالح أمّته والنّهوض بها على أساس الإسلام. رسم غايته فجعلها عنوان عمله "استئناف الحياة الإسلاميّة بإقامة دولة الخلافة" التي ستجتثّ النّظام العالميّ القائم من جذوره وتغيّر وجه العالم وتعيد القيادة لأمّة الإسلام التي ستنهض النّهضة التي لا مثيل لها.
أسّس هذا القائد حزبه وبيّن فكرته وطريقته وغايته وغرس ذلك في أتباعه وأيقن أنّ هدفه لن يتحقّق بدون الأمّة والتفافها حوله وتأييدها له، لذلك عمل على أن يأخذ قيادتها لتتعرّف على الطّريق الصّحيح للنّهضة وتسترجع سلطانها فتعيد مجدها وعزّها، وهو ما تبنّاه فشدّد على شبابه ضرورة الالتحام بالأمّة والتّعايش معها والسّهر على رعاية شؤونها وتحذيرها من المخاطر التي تتهدّدها حتّى يكسبوا بذلك ثقتها ويتمكّنوا من إقناعها بالخير الذي يريده لها الحزب - كقائد ورائد لا يكذب أهله - بنصرتها له ولفكرته وعملها معه لتحقيق غايته.
ولئن عمل الأعداء - ولا زالوا - جاهدين على صنع قيادات جديدة للأمّة بعد أن ثارت على القيادات الأولى التي أذاقتها الويلات ويسعون لمحاربة القيادات المخلصة - التي يمكن أن تتوجّه إليها أنظار الأمّة وتأمل عندها الخلاص - بالتّضييق والملاحقة تارة وبالسّجن والاعتقالات والقتل تارة أخرى... فإنّ ذلك لم ولن يصرف المخلصين من أبناء الأمّة عن أداء مسؤوليّتهم نحو أمّتهم ونحو البشريّة قاطبة ﴿لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الاُمُورُ﴾.
﴿وَاللَّهُ متِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾
#أقيموا_الخلافة
#ReturnTheKhilafah
#YenidenHilafet
#خلافت_کو_قائم_کرو
كتبته للمكتب الإعلاميّ المركزيّ لحزب التّحرير
زينة الصّامت