الإثنين، 21 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • 1 تعليق

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

يا حرائر فلسطين! النّفيرَ... النّفير

في بلد الزيتونة تحاك لكم مكائد العلمانية البورقيبية

 

تم يومي 10 و11 كانون الأول/ديسمبر 2019 تنظيم فعاليات المنتدى الإقليمي لمكافحة التمييز في التشريعات الذي يقام ضمن مشروع إقليمي لمكافحة العنف ضد النساء جنوب المتوسط، وشارك في المنتدى الذي يقام على مدى يومين نحو 140 مشاركاً من خبراء قانونيين، وصناع قرار وباحثين وممثلين من المجتمع المدني وممثلي الجهات الرسمية من عشر دول مشاركة وهي: تونس والأردن ومصر ولبنان وفلسطين والجزائر والمغرب وليبيا وسوريا، بالإضافة إلى مشاركات من فرنسا وكرواتيا وتركيا، بهدف تعديل القوانين التشريعية وتطويعها مع القواعد والاتفاقيات الدولية لحقوق المرأة.

 

وقد أسفرت عن المنتدى جملة من التوصيات تشمل:

 

-    إلغاء ما يسمى الفصول التمييزية سواء المتعلقة منها بالأحوال الشخصية أو الحقوق الاقتصادية للنساء.

 

-    القضاء على العنف المبني على مفهوم النوع (الاجتماعي).

 

-    إصدار قوانين شاملة لمناهضة العنف والتمييز ضدّ النساء والفتيات في مختلف الأقطار العربية اقتداء بالتجارب المقارنة في كل بلد خاصة تونس.

 

-    ضرورة تعديل القوانين وفقا لمقاربة كونية وشمولية للنوع (الاجتماعي) تلتزم بالاتفاقيات الدولية.

 

أولا: على الرغم من أن المنتدى يضم دولا عربية مختلفة، إلا أن الثقل على مستوى المشاركة والحضور كان للعنصر النسوي التونسي كونها المضيفة والعنصر النسوي الفلسطيني (جمعيات، محاميات، ناشطات نسوية...)، حيث كانت الأجواء العامة للمنتدى عبارة عن تربص تكويني للنسويات الفلسطينية لتتعلم من تجربة النسويات التونسيات، وهذا كان حاضرا بقوة في خطابهن.

 

ثانيا: على مستوى المحتوى:

 

منذ الكلمة الأولى للمنتدى تبينت الأجندة الحقيقية للتركيز الدولي على مسألة المرأة والمساواة والجندر، فقد كان كل الحديث دائرا حول تحديد هوية الدولة وعلاقتها بالدين وضرورة النضال من أجل دولة مدنية تقوم على (المواطنة)، يعني قضية المرأة في الأجندة العلمانية هي قضية سياسية بامتياز تهدف لخدمة مشروع فصل الدين عن الحياة بوضع تشريعات وضعية، أي أن الهدف ليس هو حماية المرأة من المعاناة والاضطهاد، بل هو عمل حثيث لتمرير وتركيز نمط اجتماعي ليبرالي يجذّر النظام العلماني الرأسمالي في بلاد المسلمين.

 

وإن ما يدعيه بعضهم بأننا لسنا دولة علمانية ولا دولة دينية بل دولة مدنية - منزلة بين منزلتين - تحترم دين الأغلبية المسلمة، ليس إلا مرحلة انتقالية للتأسيس لسلخ بلادنا عن الإسلام ونفض ما تبقى من آثاره على مستوى التشريعات، وهكذا يحدث الانتقال التام لمشروع فصل الدين عن الدولة بسياسة المراحل.

 

هذا بالنسبة للخط العام والهدف الحقيقي من وراء إثارة قضية المرأة والمساواة.

 

ثالثا: الآن يجب إلقاء الضوء على التشريعات التي يعملون على التخلي عنها:

 

فمن بين التوصيات في هذا المنتدى أنه يجب التخلي عن كل القوانين المتصلة بالأحوال الشخصية والأسرة والقضايا الجنائية التي تكرس مصلحة الأسرة على حساب الفرد فالمرأة هي فرد ومواطنة قبل أن تكون أما وزوجة وبنتا...

 

وهنا تبرز النظرة الفردية الرأسمالية التي تفكك المجتمع وتفكك الأسرة فترسخ في المرأة النظرة الأنانية بحيث تُحقر وتضرب وتهمش دور الأم والأخت والزوج، كل هذه المظاهر الفطرية لغريزة النوع التي جبلنا الله عليها ثم نظمها بأحكام الإسلام العادلة، تأتي النسوية - مدفوعة بالرأسمالية - لتضرب بها عرض الحائط في تحد صارخ لأحكام الإسلام من جهة ولقانون الفطرة الإلهية المجبولة عليها البشرية من جهة ثانية.

 

وفي هذا الإطار ذكرت الناشطة النسوية باتحاد لجان المرأة الفلسطينية شهادة بحكم عملها كمحامية في القدس: (أن امرأة جاءتها في قضية طلاق تسألها عن حقوقها فقالت لها إن المحكمة الشرعية ستعطيك المهر والنفقة فقط ولذلك أنصحك بالتوجه لمحكمة شؤون العائلة (الإسرائيلية)!! لتعطيك نصف ما يملك الرجل). وفي السياق نفسه أضافت ناشطة نسوية فلسطينية ثانية: (أنه يجب فكفكة المحاكم الشرعية ونظام الملة والطوائف والمنظومة الشرعية ككل لأنها هي التي تعيد إنتاج منظومة تمييزية تحت مسمى الإله والمقدس). وهنا يبرز مدى تورط وانغماس الحراك النسوي في البلاد الإسلامية عامة وفي فلسطين خاصة في وحل ليس فقط الرأسمالية بل يصل الأمر إلى التطبيع مع كيان يهود الغاصب في سبيل تحقيق شذوذهم الفكري وتمرير مشروعهم، أضف إلى ذلك الاعتداء الصارخ على نظام الإسلام في تحد سافر يفضح أن مشكلتهن الحقيقية ليست وضع المرأة المزري وتعرضها للعنف بكافة أشكاله، بل المشكل الحقيقي عندهن هو الإسلام وأحكامه؛ فلو كن صادقات ولو في جزئية بسيطة فكيف تحصل دعوة وتشجيع النساء على الالتجاء لمحاكم كيان يهود في عملية تطبيع وخيانة على الملأ؟! أليست دولة يهود هي من تمارس العنف على النساء في فلسطين وتقتلهن وتسجنهن وتمارس عليهن شتى أنواع التعذيب والإهانة في السجون؟ إذن هي سياسة واضحة العنوان وهي "كره الإسلام والعداء له".

 

رابعا: على مستوى طرحهم لمسألة أي أسلوب وأي فلسفة يجب أن تتبنى الحركات النسوية للدفع قدما بمشروعهن الهدام؟

 

لقد دار نقاش بين نسوية فلسطينية شابة ونسويات من الجيل القديم مداره أن دعت اليافعة إلى تركيز الجهود بالتوجه للنساء وتثقيفهن بالمفاهيم النسوية والعمل على الميدان في الشارع. فقوبلت هذه الملاحظة بالرفض من الأكثر خبثا وتجربة ودهاء وكانت الإجابات من النسويات الفلسطينيات كالآتي:

 

إنهن اليوم جئن لتونس للتعلم والاستفادة من التجربة العلمانية النسوية حيث تعتبر تونس ناجحة لأن هناك قرارا سياسيا سابقا، حيث يقوم بسن التشريعات ثم يدفع الناس دفعا لتبني الثقافة الناتجة عن تلك التشريعات.

 

وهنا يا حرائر فلسطين انتبهن! لا يمكن أن تشعرن بالطمأنينة على الحفاظ على صيرورة أحكام الإسلام في الأسرة إذا كان القانون علمانياً، يعني أيام بورقيبة عندما قام بتأسيس مجلة الأحوال الشخصية سنة 1959، حتى قبل تأسيس الدستور، وكانت المجلة تحتوى الكثير من الفصول التي تعطل أحكام الإسلام غضب آخر جيل من علماء الزيتونة - قبل أن يغلقها - وذهبوا لقصره محتجين، فماذا فعل الداهية؟ دخل فتوضأ وخرج لهم والماء يقطر من يديه "متمسكنا"، فبهت العلماء وقالوا الرجل مظلوم وليس له عداء للإسلام! وعادوا بخفي حنين قائلين إننا سنحافظ على الإسلام في أسرنا والقانون العلماني الوضعي لن يؤثر علينا!! ولكن بعد 60 سنة أثّر وربى وتجذر في عقليتنا رغما عنا وأصبح من المسلّمات وصار صعبا جدا تغييره إلا بعودة دولة الإسلام، وها هم اليوم يستكملون المسيرة في تونس ويُعلّمون النسويات الفلسطينيات خبث بورقيبة وسياسة المراحل، فتذكّرن أن القانون أقوى من العقيدة.

 

من ناحية ثانية وفي الجدل نفسه طُرحت مسألة نوع الخطاب الذي يجب أن تتبناه النسويات فقالت إحداهن: خطاب إسلامي تنويري، أي خطاب مغلف بالإسلام، فقوبل ذلك بمعارضة الأغلبية، فتجربتهم خلال السنوات الماضية أكدت أنهن لا يتقنّ الخطاب الإسلامي، ثم هو خطير لأنه لا يؤتي أكله ويحصر عملهن في مفاهيم الإسلام... لذلك تم القرار بتبني خطاب حقوقي مرتبط بالنظام الديمقراطي كعملية متكاملة لا يمكن الانعزال عنها. وهذا يعني دليلاً آخر أن النسوية وليدة نظام معاد لنظام الإسلام في طبعه.

 

في سياق آخر طُرحت مسألة أخرى وهي عدم الاكتفاء بالاشتباك الفوقي - أي خلق ضغط سياسي على الحكومات من خلال منظمات المجتمع المدني - بل يجب تعبئة عامة النساء، من خلال ترصد المشاكل والقضايا ذات الأولوية عند النساء وتوظيفها لخدمة التعبئة العامة للمشروع النسوي الرأسمالي وهو ما يحدث عندنا في تونس ليلا نهارا من قبيل استغلال النسويات في نشاطهن - لتمرير مشروع علمنة المجتمع -؛ معاناة المرأة الريفية، قضايا التحرش والعنف في الأسرة والفضاء العام... وهلم جرّا من المآسي التي هي نتاج طبيعي لتطبيق النظام الرأسمالي وفصل الدين عن الدولة.

 

يا حرائر فلسطين! إن كان الغرب استغل ولا زال حفنة من المجرمين لسلخ المسلمين عن دينهم في تونس؛ فإن هدفه في تونس هدف واحد لكن في فلسطين الهدف هدفان؛ الأول سلخ عن هوية الإسلام، وهذا بائن كعين الشمس، وأما الثاني وهو على نفس درجة الخطورة فهو تركيز كيان يهود وضرب سلاح المقاومة الحقيقي في فلسطين، فطوال 70 سنة كانت القضية حية ولا زالت حية وأنفاسها تتجدد بفضل النساء، نعم النساء: تلك المرأة التي تربينا على صورتها وهي تنجب بالعَشرة وتربي وتسهر في ظل الفقر والجوع والمحاصرة والدبابات والمعاناة والقنابل والصواريخ وصوت الرصاص الذي لا ينقطع، فتصنع رجالا يحاربون بالسلاح ويرابطون في الأقصى ويجاهدون صباح مساء، ثم يؤسر أبناؤها فتصبر، أو يستشهدون فتزغرد، وتدفع بابنها الثاني والثالث لمواصلة المسير، وتشجع ابنها ذا العشر سنوات لمقاومة الاعتقال المنزلي،... إذن هي العمود الفقري لمقاومة أهل فلسطين، فهي تصنع النفسية والعقلية الإسلامية للرجال المجاهدين الذين يقفون على ثغر من ثغور الإسلام. وبالتالي عجز كيان يهود عن القضاء على المقاومة بالسلاح طوال 70 سنة. إذن فهي تتحول اليوم إلى سلاح خداع أكثر مكرا وخطورة، أي ضرب أحكام الإسلام التي تنظم حياة الأسرة وبالتحديد ضرب مفاهيم الإسلام في ذهنية ونفسية وعقلية المرأة في فلسطين، وهكذا يسدل الستار على المقاومة.

 

ولكن هذا بعيد عن مرماهم فأمة الإسلام حية وعقيدتها ضاربة جذورها في نفوس رجالها ونسائها، ومثلما نحن اليوم في تونس سُلطت علينا العلمانية بالمكائد حينا وبالقمع حينا آخر: نحن اليوم بصدد تلفظها ومحاربتها وفضحها، فهذه رسالة منا نحن الخبيرات في فساد وخبث وقهر العلمانية نستصرخكن النفير والتأهب لمقارعتها في أرض فلسطين الأبية إلى أن يأذن الله بالفرج وتقوم دولة الخلافة الراشدة فتذود عنا جميعا.

 

قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ﴾ [الأنعام: 55].

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الأستاذة هاجر بلحاج حسن

 

1 تعليق

  • Mouna belhaj
    Mouna belhaj الأربعاء، 18 كانون الأول/ديسمبر 2019م 21:18 تعليق

    بوركت وبوركت يمناك أختنا الفاضلة

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع