الجمعة، 20 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • 1 تعليق

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الخلافة إقامة للدين وعز وتمكين

 

لم تكبر وأنت طفل صغير في لهفة وشوق للعلم الشرعي بل كبرت وقدوتك نجوم إعلامية اهتماماتها سطحية، ولم تسمع عن رابطة العقيدة الإسلامية ولم تدرس كيف تتحقق وحدة الأمة الإسلامية من ناحية شرعية، علموك أن الإسلام لحية لا تتحدث عن السياسة، وأن الإسلام أعمال خيرية "سلمية"، وإن كنت طفلة فأنت لم تتعرفي على مواصفات الزي الشرعي الصحيحة التي تلتزمها المسلمة أينما كانت، ولم تشرح لك كل هؤلاء المعلمات مكانتك في الإسلام يا من أنت عِرض يجب أن يصان، كرامتك فوق كل اعتبار، لا يسمح الحاكم بإهانتك، ولا لقدرك من انتقاص، يريد هؤلاء أن تكون المسلمات مثل النساء السافرات يلبسن ملابس الغربيات الكافرات، فكيف إذاً تُحرَّك من أجلك الجيوش؟ بل جعلوا الخوف والتشويش وفقدانك للهوية عذابك وأنت تعيشين في ذلك "الوطن"! رجلا كنت أم امرأة قد كبرت وكبر أقرانك على نباح ونعيق لا يحترم العقل ولا يحتكم إلى الدين، يجبر المسلم على حب كل ما لا ينتمي إلى العقيدة الإسلامية، من ذلك "حب الوطن" والتغني بـ"الوطنية"؛ ولم تفهم قطعاً ما يقصدون بالوطن غير أن تقف أمام الخرقة البالية الملونة التي تضرب لها التعظيم والتحية كل صباح، وفي نفسك أنت لا تستوعب معنى أن تكون "وطنياً" وإن كنت تدرس في مرحلة الأساس أو المراحل المتوسطة أو الثانوية وحتى الجامعية؛ فماذا يريد منك هؤلاء وبماذا يطالبونك في مناهج التعليم ووسائل الإعلام والبرامج الانتخابية؟!

 

هذه المفاهيم التي تُجبرك أن تطيعها دون تفكير وعلى الجميع أن يتقبلها! يريدون أن لا تفكر وأن لا تعترض، وكأن ما يلقون عليك هو من الثواتب والمسلَّمات غير القابلة للنقد والنقاش! فالوطنية تتبع مفهوما خطيرا وهو مفهوم الانصياع للنظام الحاكم، ذلك الكيان الذي يتحكم بالوطن ويغسل الأدمغة ويتحكم بالعقول، هو الذي يبطش بالناس بقوة الجيش والأمن والشرطة، ليرسخ عند المحكومين عقيدة الاستسلام للاستعباد، لينحرف عن مفهوم عبادة الله الواحد الأحد وطاعته الطاعة المطلقة والعيش وفق أحكامه الشرعية، فرضوا على المسلمين مفاهيم منحطة تدور في فلك حدود مصطنعة؛ حدود "الوطن"... وطبقوا قوانين غير شرعية هي في أصلها إرث الاستعمار الغربي الذي قسم الدولة الإسلامية العالمية الواحدة إلى حظائر أسموها "أوطاناً"، حكمها عملاء طغاة رويبضات، يطبقون هذه القوانين الوضعية الظالمة، الفاسقة، الكافرة، الهدف منها فصل الإسلام عن جميع مفاصل حياة المسلمين.

 

وهذا هو سبب أنك لم تفهم هذه المعاني وهذه المطالبات لأنها مفاهيم منفصلة عن كونك مسلماً تصلي وتصوم وتفرح بالأخوة الإسلامية، لأنك مسلم تطمئن نفسك باجتناب النواهي وتحرص على القيام بالفروض، مسلم يشتاق إلى تعلم الثقافة الإسلامية، ويسعد بدراسة تفسير القرآن الكريم وشرح الأحاديث الشريفة وتاريخ المسلمين ليتخذ منها نبراساً ونوراً يهديه في الدنيا، ليسير في طريق الهدى، لينال رضا المولى وليفوز في الآخرة؛ فالمسلم وأسرته وأقرباؤه وجيرانه ومجتمعه؛ الجميع ينفرون من كل ما يغضب الله تعالى، ويحبون رسوله e، يستنكرون أفعال هؤلاء الذين يروجون للوطنية والعلمانية والحريات والديمقراطية، من ينشرون هذه المصطلحات الدخيلة التغريبية، الذين يجبرون المسلمين على العيش عيشا لا يليق بهم، لا يليق بهم لأن الله تعالى قد جعل الإنسان خليفته في الأرض، فما هذه الحال التي وصل إليها الناس؟!

 

يبذل هؤلاء الجهود والأموال والتحالف مع الأعداء في إبعاد المسلمين عن الإسلام، ويتفاعل مع دعوتهم الشيطانية ضعاف الأنفس ومن كان شقياً، أكلت المصالح المادية الدنيوية عقولهم وران على قلوبهم!

 

يعيش الناس بسببهم في ضنك؛ فالظلم والقمع والقهر والفقر والمرض والكفر بأحكام الله هداياهم اليومية للرعية!! وفي الحقيقة هكذا يجعلونك مستعبداً ومحكوماً لهم ومُتحكَّماً فيك بحبال فكرية حتى تصمت وتتلقى ضرباتهم الواحدة تلو الأخرى حتى تموت، فأوهموك أنك عاجز وليس لديك حل للخروج من هذه المؤامرة الكونية! فتحتار كيف تكون هذه الحداثة المنحطة والليبرالية والرأسمالية الجشعة عنوان نهضة البشرية؟ وأنت من تحمل كتاب الله عز وجل وأمتك أمة الخيرية؟ ينتابك شعور الأطفال الذين فقدوا أمهم وتُركوا بدون راعٍ يرعاهم، فالمسلمون اليوم كالأيتام على موائد اللئام، فدستورهم ليس قرآنهم ولا حياتهم حياة إسلامية سعيدة، فالخزي والعار يتربص بهم بسبب الأنظمة الحاكمة التي تعمل على تشويه الدين وتعطيل أحكام رب العالمين، ألا ترتعب وأنت تتلو كلام الله وتتفكر فيه؛ قال تعالى: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾. [البقرة: 85]؟!

 

فالهوة بين واقع المسلمين الحالي وبين وما يجب أن يكون عليه إن كنت تعيش في أرض يحكمها الإسلام هوة شاسعة، فتطبيق شرع الله كاملاً واجب بإجماع المسلمين، وهو امتثال لأمر الله تعالى ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ [المائدة: 49]. لكنك تعيش ضمن نظام يشجع الكفر والفساد والانحلال والظلم، لا مكان فيه للتقوى والنقاء والعفة والحياء والعدل! فكيف يؤدي الإنسان دوره كخليفة لله تعالى على الأرض والنظام الظالم سلبه هذا الحق؟ وكيف يحقق المسلم تأسيه برسول الله e على أرض الواقع فيسير على نهجه حتى يعيش في ظل الحكم بما أنزل الله سبحانه في دولة الخلافة الراشدة القائمة قريبا بإذن الله؟!

 

قال رسول الله e: «...ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ سَكَتَ» حديث صحيح. فالسؤال المصيري في هذه الحالة هو: أين المسلم من الخلافة؟ وأين هو من العمل لإقامة دولة المسلمين وإزاحة الأنظمة الحاكمة التي لا تحكم بما أنزل الله؟ وأين خليفة المسلمين الذي يطبق الإسلام كاملاً فيهنأ المسلمون، بل وغير المسلمين بالنظام الرباني العادل والذي كان مطبقاً قبل 97 سنة، ومنذ أن هدمت الخلافة العثمانية لم تر البشرية نهضة فكرية مبدئية صحيحة تأخذ بيدها من الظلمات إلى النور، فإقامة دولة الخلافة إقامة للدين وعز وتمكين للمسلمين، الخلافة تصحيح لمسار البشرية جمعاء والحل الوحيد لمشاكل الأفراد والمجتمعات والدول.

 

نعم! إن الخلافة هي انعتاق من استعباد العباد وعودة إلى عبادة رب العباد وخير وبركة يتوق إليها المسلم أينما كان، وبالخلافة تحرر بلاد المسلمين وتحطم القيود والحواجز والسدود وتتحقق وحدتهم فهي التي ستجمعهم تحت راية العقاب، راية رسول الله e وبها تحل أزمة الحكم والسلطة وتُمنع الأزمات الاقتصادية والعسكرية والتعليمية والاجتماعية، وبها ترجع الأمة الإسلامية إلى مكانتها في قيادة الأمم، فليشحذ المسلمون الهمة لاعتلاء القمة نصرة للإسلام والله ينصر من ينصره، وإن الوقت لم يفت على استعادة ما سلبه الطواغيت، بل لقد آن الآوان لأن نريهم أن المارد قد استيقظ وأن استغفاله واستغلاله لمصلحتهم لن يدوم يوماً آخر، ولقد حان وقت سحب البساط من تحت أرجل أعداء الدين وأذنابهم المنافقين لينعم العالم بالأمن والأمان والعدل والاستقرار...

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

غادة محمد حمدي – ولاية السودان

 

 

وسائط

1 تعليق

  • منى أحمد
    منى أحمد الأربعاء، 04 نيسان/ابريل 2018م 10:21 تعليق

    بارك الله بك أحني غادة
    إحسنتِ أحسن الله إليكٍ

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع